أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2019

معضلة اعتصامات المتعطلين ووزارة العمل*سامح المحاريق

 الراي

أعلنت وزارة العمل أن الوزير لن يتعاطى مع احتجاجات المتعطلين عن العمل مستقبلاً، وأكدت على وضع مسار واضح للتعامل المؤسسي مع المشكلة، والحقيقة أن خطوة الوزير بالالتحاق بأحد الاحتجاجات كانت تقريباً غير مسبوقة تباينت حولها المواقف بين من ارتأى فيها تعبيراً عن العمل الميداني الحقيقي، ومن اعتبرها عملاً استعراضياً، والحقيقة أن خطوة الوزير أتت للاقتراب من مشكلة تكاد تكون معالمها غير واضحة خارج أوساط المعتصمين.
 
تعد الاحتجاجات العمالية التي اتخذت صفة الاعتصامات الطويلة ظاهرة أردنية بامتياز، فما يحدث في دول أخرى أن تخرج بعض الفئات مثل أصحاب الشهادات العليا للاحتجاج حول سياسات التوظيف أو التشغيل في مظاهرة أو اعتصام رمزي، ولا يلحق بذلك حالة من الاستغلاق في صورة اعتصام طويل المدى، والواقع أن هذه الظاهرة تبدو غير مفهومة لأي شخص خارج الأردن، خاصة أن الأردن يتخذ اجراءات متشددة تجاه العمالة الوافدة التي تشكل ضغطاً على سوق العمل.
 
نظرياً، يفتح المجال بانسحاب العمالة الوافدة، وهو ما تعمل وزارة العمل على تحقيقه، فرصاً لأعداد كبيرة من الأردنيين بسوق التشغيل، ومعظم المعتصمين من الشباب الذين يمكن أن يجدوا فرصاً في نفس الأماكن التي تخليها العمالة الوافدة، إلا أن المطلب الأساسي هو التوظيف كما يظهر، ويبدو أن ذلك ما لمسه وزير العمل في زيارته للاعتصام، والتوظيف يعني حصراً بالنسبة لفئات عريضة من المطالبين بفرص العمل شاغراً حكومياً ليس متوفراً، بل والمطلوب هو تقليص الملتحقين بالوظيفة الحكومية ليخف الضغط على أصحاب الأعمال ولتجنب رفع الضرائب عليه?، وبالتالي تمكينهم من العمل والتوسع وتشغيل الموظفين!
 
اعتاد الأردنيون أن تتقدم الحكومة بحلول شعبوية لجميع المشكلات، وأن تصرف ما في الجيب بانتظار غيب المساعدات والمعونات، واليوم ينتظرون من الحكومة أن تقوم بالتوظيف، وحتى أن يتمدد دورها لتعقد بنفسها اتفاقيات مع القطاع الخاص لهذه الغاية، وتتناسى الحكومة في ظل سعيها لتهدئة المواطنين أن دورها هو ضبط سوق العمل وزيادة جاذبيته، وأن عملية التوظيف نفسها هي نتيجة أنشطة اقتصادية تعتبر الحكومة طرفاً فيها دون أن تحتكرها، أو تسيطر عليها.
 
بعد زيارة المعتصمين يجد الوزير نفسه أمام معضلة حقيقية تتمثل في الاعتراف بدور الحكومة في توفير الوظائف، وهو الأمر غير الممكن، فكل ما يمكن أن تفعله الحكومة هو إنعاش السوق وتمهيده أمام العمالة الأردنية بالاستغناء عن الوافدة، وهذه مسألة تحتاج وقتاً طويلاً نسبياً أمام مطالب المعتصمين الذين يفترشون العراء في محاولة الضغط على الوظيفة، ويبقى السؤال المهم، ولكيلا تكون جهود الوزارة في غير موضعها، هل من بينهم من يحمل الاستعداد لأن يعمل في المهن والأعمال التي يشغلها الوافدون، وربما هذا هو السؤال الأهم الذي نتمنى أن يك?ن الوزير قد تحصل على إجابته، فالتخلي عن العمالة الوافدة يمكن أن تنتج عنه أيضاً آثار سلبية على السوق، ولا يجب أن يكون خطوة مهدرة أمام ظاهرة من الصعب فهمها.