أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2018

الذات الأردنية في الصناعة المحلية *ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-أعلم بأننا لسنا دولة شرق آسيوية، لكنني أتحدث عن الاعتماد على الذات الأردنية، وهي كبيرة لو تعلمون؛ وهو شعار بديهي لدى الشعوب الحية، وتم التأكيد عليه من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، ثم من قبل الحكومة وسائر النخبة الواقعية، وعلى ضرورة الالتزام به حيث لا أطواق نجاة للاقتصاد الأردني سوى أن يعتمد الأردنيون على أنفسهم.

لكن هل هذا الشعار عملي بالنسبة لنا في دولة محدودة الموارد كالأردن، لا سيما والوضع الاقتصادي المتردي متفاقم الى حدود خطيرة، قد لا ينجح معها الاكتفاء بالقوة الاقتصادية الداخلية؟!.
في قطاعين كالزراعة والصناعة يكون الأمر ممكنا، فنظرة واحدة الى ترتيب القطاعات حسب تأثيرها في الناتج المحلي الاجمالي، نلاحظ أن الزراعة والصناعة تشكلان رافدا مهما للناتج المحلي، وبقليل من التفعيل والديناميكية يمكن تحقيق اكتفاء ذاتي في أكثر من مجال، وهذا رأي بعض المختصين والاقتصاديين العاملين والمستثمرين والمسؤولين في قطاعي الصناعة والزراعة.
في الزراعة تطالعنا الأرقام يوميا بكميات من الصادرات الأردنية الزراعية للخارج، وتأتي هذه الأخبار إيجابية رغم علمنا المسبق بالظروف الأسوأ، التي تواجهها الصادرات والواردات عبر حدودنا شبه المغلقة، او المفتوحة جزئيا لكن بتكاليف باهظة..وهو موضوع مهم لا بد لنا أن نتحدث عنه في مقالة أخرى؛ لأنني في هذه المقالة أود تسليط الضوء على حديث مهم، أدلى به رئيس غرفة صناعة عمان، العين زياد الحمصي للإذاعة الأردنية أمس في برنامج «الإعلام والشأن العام».
جاء الحديث بمناسبة صدور قرارات عن مجلس الوزراء قبل أيام، تقع في صالح دعم الصناعة الوطنية المحلية، وهو دعم متوافق مع الحقيقة التي تفيد بأن الاعتماد على الذات، يتجلى في أوضح صوره من خلال الاقتصاد الصناعي الوطني، حيث قامت الحكومة بتوجيه دعم للصناعة المحلية، من خلال تخصيص 10 ملايين دينار للمؤسستين الاستهلاكيتين العسكرية والمدنية، لقاء التزامهما بإيلاء المنتجات الصناعية المحلية أولوية لعرضهما في السوقين الكبيرتين، ومن خلال اشتراط التزام مناقصات الشراء في المؤسسات الحكومية بالسلع المصنعة أردنيا، وهو قرار يعزز مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك قرار لإعفاء بعض السلع من الرسوم والضرائب، وتعميم امتيازات هذه السلع على كل المناطق التنموية، لتحقيق العدالة في التنافس في الأسواق الأردنية، وكذلك تفعيل اتفاقية ثنائية كانت الحكومة الأردنية قد وقعتها مع الجانب العراقي في الماضي، وبناء على تلك الاتفاقية سيتم اعفاء مئات السلع من الرسوم والضرائب بعد أن كانت تصل رسوم بعضها الى 35% يتم دفعها للعراق من قبل المصدِّر الأردني، وسيتم الإعلان عن هذه القائمة حال دراستها وتنقيحها من قبل غرفة صناعة عمان؛ ما يساعد قائمة السلع المنتظرة على تدفقها الى الأسواق العراقية، ويزيد من حجم عرضها هناك.
يقول الحمصي بأن القطاع الصناعي يساهم بـ 23% من الناتج المحلي الاجمالي، ومن بين الحقائق الكبيرة التي أوردها العين الحمصي، ما يتعلق بالتأثير الفعلي للصناعة على تشغيل الكفاءات والأيدي العاملة الأردنية، إذ يقول: لدينا حوالي 1800 منشأة صناعية، تقوم بتشغيل ما نسبته 18% من العمالة، ونصدر منتجاتنا الى 120 بلدا، وهذا يعني أن سلعتنا الأردنية تحظى بسمعة طيبة، وتبلغ صادراتنا 5 مليارات دينار سنويا.
 ويقدم معلومة أخرى: توجد دراسة معروفة عالميا، تفيد بأننا (نحتاج أكثر من 13 عاملا لتشغيل مؤسسة صناعية، بينما نحتاج الى أقل من 3 عمال لتشغيل مؤسسة أخرى كمزرعة أو غيرها من مؤسسات الخدمات)، وبالنظر الى الحقيقتين المذكورتين يمكننا أن نفهم حجم تأثير هذا القطاع على إيجاد فرص عمل للمتعطلين عن العمل، أي إن المؤسسات الصناعية تشغل حوال 6 أضعاف ما تشغله المؤسسات الأخرى، علما أن دراسات وزارة العمل وأرقامها تفيد بأن أقل قطاع مشغل للعمالة الأجنبية هو القطاع الصناعي، فنسبة العمالة غير الأردنية في القطاع الصناعي بما فيه قطاع الألبسة لا تتجاوز 17% من حجم العمالة في الصناعة الأردنية.
من المعلومات الوطنية المهمة، التي تظهر الأثر الاقتصادي لاعتمادنا على ذاتنا حين نقوم بشراء سلعة مصنعة محليا، إذ تفيد المعلومة بأن 85% من القيمة المالية لهذه السلعة تبقى في السوق الأردنية، وهذه معلومة تبين حجم الدعم للاقتصاد الوطني وانعكاس ذلك على إبقاء العملات الصعبة في البلاد.
التقاطع الأهم مع القطاع الصناعي يأتي من الزراعة، فكثير من السلع المصنعة في مؤسساتنا الصناعية هي غذائية، تعتمد على المنتجات الزراعية الحيوانية والنباتية، وهذا يبين مدى التكاملية بين القطاعين حين نتحدث عن اعتماد على الذات الأردنية.
كل الكلام غير حاسم؛ ويبقى مفتوحا على عدة احتمالات، حين نتحدث عن الشأن المحلي لا سيما الاقتصادي منه؛ لأننا اعتدنا أن يكون قرارنا الأردني فيه بعد جيوسياسي، مبني على مزاج المنطقة وظروفها، ولعلها أسوأ ظروف تلك التي نمر بها، لكنها أيضا قد تكون فرصة ذهبية وطنية حين نتحدث عن ضرورة اعتمادنا على ذاتنا.