أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Mar-2019

الأمن الاقتصادي الفردي للأردنیین - د.باسم الطویسي
 
الغد- خلال نحو عشر سنوات تكررت بشكل مختلف ثلاث قضایا أمن اقتصادي كبرى لفھا الغموض،
ولم تتداركھا مؤسسات الدولة في اللحظات الاخیرة، وآخرھا قضیة الغارمات التي لم تُوضع على الاجندة الرسمیة الا بعد تدخل جلالة الملك قبل أسبوع، وبطریقة مختلفة شھدت عشرات البلدات والقرى الأردنیة قبل سنوات ما سمي بقضیة البیع الآجل التي خسر فیھا مواطنون نحو 100 ملیون دینار، وبصیغة اخرى دفعت عشرات المدن والبلدات في الشمال والوسط قبل عقد من الیوم أرقاما مضاعفة في قضیة البورصات الوھمیة التي ما تزال بعض ملفاتھا في المحاكم إلى الیوم.
في الملفات الثلاثة التي تختلف فیھا الوسائل والأسالیب ودرجة الوضوح ثمة جملة من العوامل
المشتركة ابرزھا فجوة قانونیة واضحة؛ برزت في الأزمات الثلاث حیث لم تصنف قضیة البورصات ولم تكیف قانونیا إلا بعد ان وقع الفأس بالرأس، كما قیل أن البیع الآجل حینذاك جزء من النشاط الاقتصادي للسوق الرأسمالیة ولا یمكن وقفھ، فیما نكتشف الیوم غیاب الرقابة على شركات التمویل الأصغر وعدم خضوعھا لرقابة البنك المركزي وفق نظام صدر في عام 2016 ،في الأزمات الثلاث تم استھداف فئات اجتماعیة ضعیفة وھشة، وفي الأزمات كافة یفلت كثیرون من العقاب.
في الأزمات الثلاث لاحظنا ضعف الشفافیة ونوعا من التضلیل للمجتمع سواء من قبل الجھات
ذات المصلحة، أو من خلال ضعف متابعة الإعلام والرأي العام؛ على أن القضیة الأخیرة حظیت بمتابعة إعلامیة جیدة منذ أكثر من عامین. من الصادم في المعلومات الأخیرة التي قدمتھا وزیرة التنمیة الاجتماعیة في جلسة اللجنة المالیة في مجلس النواب أن عدد الغارمات یتجاوز 50 ألف امرأة وھن مطلوبات للتنفیذ القضائي، وھذا العدد یتجاوز تقدیرات الإعلام والتي ذھبت إلى أن العدد ما بین 30 – 35 ألف امرأة ووصفت ھذه الأرقام حینھا بالمبالغة بمعنى أن ھناك نحو ربع ملیون فرد بات متضررا من ھذه الوقائع، فیما ھناك نحو 9 آلاف مطلوبات للتنفیذ القضائي یقل تمویلھن على ألف دینار.
إن ھذه الأزمات الكبیرة التي تضرر منھا مئات الآلاف من الأردنیین سواء من خلال جرائم اقتصادیة واضحة بحق المجتمع أو من خلال تورط غیر محسوب النتائج من قبل افراد من المجتمع والفجوة بین الأھداف المعلنة وما یمارس على الأرض، ھذه الأزمات تجعل مسألة الأمن الاقتصادي الفردي للأردنیین على رأس الاولویات الحرجة، فلسنا بحاجة الى المزید من الكوارث الاقتصادیة التي تمس ھذه الفئات الضعیفة من المجتمع التي علیھا أن تتحمل قسوة الظروف الاقتصادیة وفي نفس الوقت أن تتلقى صدمات متواترة على اشكال مختلفة من النصب والاحتیال أو الاستغلال.
في المجتمعات المحلیة یشكل الاضطھاد الاقتصادي المتمثل في غیاب العدالة وتواضع الفرص
وانتشار البطالة وظلم الأجور وتحدیدا ما تواجھ النساء مجالا واسعا لاعادة التفكیر جوھریا بأدبیات وفلسفة تمكین المرأة في بلادنا، فالوقائع على الأرض تفاجئنا بحجم الفجوة بین ما یدور في غرف صنع القرار وما تخطط لھ مؤسسات المجتمع المدني وحتى وسائل الإعلام وبین ما یحدث على الارض.
حمایة الأمن الاقتصادي للافراد وللمجتمعات الھشة اقتصادیا یحتاج الى رؤیة تشریعیة جدیدة، وتفعیل انظمة الرقابة والمساءلة الرسمیة والمجتمعیة على ھذه الانماط من الممارسات والتنبھ المبكر لمخاطرھا أي خلق تحصین مجتمعي ولا یتم ذلك الا بالقانون ونفاذه على الجمیع بالدرجة الأولى ثم بالتوعیة وبالدور المسؤول لوسائل الإعلام، وفي نفس الوقت فان وجود اطار تنظیمي قوي للتمویل الأصغر بات ضرورة ملحة وقویة، لا نرید أن تشكل ھذه الظاھرة ضربة لھذا القطاع الاقتصادي المھم، وفي نفس الوقت لا نرید أن تتكرر قصة معاناة الغارمات مرة أخرى