أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Aug-2019

تراجع اقتصادي عالمي ووطني* إبراهيم غرايبة

 الغد-أنشأت منظومات التكامل والتجزئة في العمل والإنتاج والتجارة أسواقا جديدة للأعمال، واستطاعت دول عدة أن تنهض وتحقق تنمية اقتصادية اجتماعية مستمدة من التكامل مع التجارة الدولية، وتتنافس الدول اليوم لجذب هذا النوع من الاستثمارات، وبالنسبة للشركات المنتجة للخدمات والسلع فإنها بطبيعة الحال تبحث عن تقليل الكلفة، وقد تجدها عادة في قوة عاملة مدربة وبأجور أقل من بلد الشركة (وهو ما يحاول اليوم ترامب أن يوقفه في الولايات المتحدة بسبب هجرة المصانع والشركات الأميركية إلى الصين ودول أخرى) وإضافة إلى ذلك فإن الدول التي تجتذب المستثمرين تكون عادة تتمتع ببيئة خدمات ومرافق جيدة في التعليم والصحة والنقل وأنظمة ضريبية وقضائية عادلة وفاعلة، وحالة متقدمة من الأمن والاستقرار. وكان أسوأ ما وقعت فيه الدول لجذب المستثمرين الأجانب بناء شراكات فاسدة من المنح والامتيازات والتسهيلات التي لا يستفيد منها المواطنون ولا الخزينة العامة، إن المقياس العملي والواضح لتقييم هذه المشاريع والمبادرات هي مدى ما تعود به من فائدة على المواطنين أنفسهم وأن تكون هذه الفائدة تشمل جميع المواطنين وليست قلة منهم، وأن تكون في سياق من التنافس والعدالة وليست منحا وامتيازات احتكارية. وأسوأ من ذلك كله إصدار التشريعات التي تحول الفساد والاحتكار إلى حالة مغطاة بالقانون ولا يطالها القضاء.

اليوم يبدو هذا النظام التجاري الدولي وبعد ثلاثة عقود من الازدهار يواجه تحديات وضغوطا كبرى، بسبب الخلافات التجارية بين الدول الكبرى والعودة إلى أنظمة الحماية والضرائب والسياسات الجمركية التي تمنع أو تعرقل هذا الاتجاه من الإنتاج والتجارة. وفي ذلك فإن الاقتصاد العالمي يتراجع وبدرجة أعمق تتراجع اقتصاديات نامية، وتنزلق إلى الفقر والبطالة أعداد جديدة وإضافية من الناس، ولا تقف المتوالية عند التوقف المباشر لسلاسل التجارة، لكن تتضرر أيضا منظومات تجارية وإنتاجية تعتمد على هذه السلاسل مثل النقل وإنتاج وتسويق مدخلات الإنتاج كالمواد الزراعية والمواد الخام التي كانت تزود الاستثمارات والصناعات الأجنبية، كما تتراجع منظومة التواصل الاجتماعي والثقافي العالمي وما كانت تتيحه لسكان الدول النامية من معرفة وتدريب ومهارات متقدمة. وتتآكل الموارد الضريبية للدول منشئة ضغوطا اقتصادية على الموازنة إضافة إلى الضغوط الاجتماعية والسياسية بسبب البطالة.
وبالطبع فإن السؤال البديهي الناشئ ما الذي يمكن أو يجب فعله لوقف التراجع في الاقتصاد العالمي والاقتصادات الوطنية المتجهة إلى أزمة اقتصادية ومالية؟ وماذا يمكن أن تفعله إيجابيا التقنيات المتطورة والتي أثرت جوهريا في الأعمال؟ إذ أنها تنشئ أعمالا وفرصا جديدة وإن كان الأكثر وضوحا حتى اليوم أنها تقلل الأعمال وتركز الثروة والفرص بيد قلة ضئيلة من الناس.
في مقدور الدول جميعها أن تحسن عمليات الإنتاج والتجارة الداخلية والمرافق والبنى التحتية بحيث يكون ممكنا بناء اقتصاد مكتف بذاته، إذ أن عمليات التجارة الدولية رافقها برغم ما أنشأته من نمو اقتصادي انهيار في الزراعة والخدمات الأساسية، وصعود كبير في الواردات بما فيها مواد أولية وغذائية يمكن توفيرها من مصادر محلية، لا يؤدي ذلك فقط إلى إصلاح الميزان التجاري لكن ينشئ متوالية من الأعمال والاستثمارات وخاصة في النقل والزراعة والصناعات الأولية والغذائية، وإذا كان مفهوما ضرورة الاستثمار الأجنبي لقطاعات تحتاج إلى رأسمال كبير وتقنيات ومهارات متقدمة، كالملابس والنسيج والإلكترونيات والصناعات المتقدمة والدقيقة، فليس مفهوما ضياع وتدهور قطاعات تقليدية ومهمة وليس متوقعا أن يهتم بها الاستثمار الأجنبي.