أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Oct-2020

دقّة ع المسمار يا حكومة*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

لا أحد يفهم بالسياسة أو لديه فكرة عن إدارة الشأن الأردني العام، ويمكنه الطلب من الحكومة استثناء أولوية الوضع الصحي المرتبط بكورونا، أو جعلها على غير رأس سلم الأولويات، فنحن ما زلنا في عمق المجابهة مع الفيروس، وما زلنا نلملم ما نستطيع من قوة لمواجهة تداعياته السيئة على امتداد الأشهر الماضية من تطبيق قانون الدفاع، فالعجلة برؤية ثم مناقشة برنامج الحكومة بهذا الصدد غير مبررة وغير منطقية.
 
لكن يمكننا التحدث عن الاجتهادات التي ارتبطت بمرحلة العمل بقانون الدفاع، وهي اجتهادات قامت بها الحكومة السابقة وكثير منها في مكانها وبعضها جدلي أو خلافي، لكنه يستحق التفاتة من الحكومة الحالية، لأنه قد يشكل مصدرا لتداعيات جديدة، الحكومة ووزراؤها بغنى عنها في هذا التوقيت من انطلاقتها، وهناك الاجتهادات المتعلقة بالجانب الإداري وبامتيازات وحقوق الموظفين في القطاع العام، حيث جمحت بعض الاجتهادات والتعديلات على بعض التشريعات، وربما بدأت بعض المؤسسات الرسمية بالعمل ضمن هذه المساحات حتى قبل إقرار تعديلاتها على الشكل الدستوري المعروف، وهنا لا بد من التوغل قليلا بالحديث، بمطالبة للحكومة بأن تولي اهتماما أكبر بضعف بعض الإدارات في بعض المؤسسات نتيجة سيطرة موظفين من الدرجة الثالثة والرابعة على زمام القرارات، الأمر الذي سينعكس بالضرورة على أداء الوزراء الذين تقع هذه المؤسسات تحت مسؤوليتهم، حيث تغلغلت أنماط من الأداء الشللي في بعض الوزارات، بسبب انحسار الدور الرقابي المعروف وسببه الاجتهادات المتحمسة.
 
أمس صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة معالي الوزير علي العايد، بأن الحكومة تملك كل الشجاعة للتراجع عن قرار خاطىء أو غير فعال كما ينبغي، وعلى الرغم من أن الحالة المثالية هي الالتزام بالقرارات السابقة واللاحقة، إلا أن من حق الحكومة التحدث وفق هذا الإطار، وهو التراجع عن أي قرار لا يخدم الأولويات الحكومية وأولويات الدولة ومصلحتها العليا، فقد يكون هناك قرار كان سليما في وقته، لكنه لم يعد كذلك سيما وأننا نتحدث عن هامش واسع من الاجتهادات، لمواجهة جائحة كورونا، وهذه بالمناسبة سمة القرارات في دول كثيرة وقت الجائحة، فهناك الكثير من الحكومات حول العالم اجتهدت بقرارات ما، ثم تراجعت عنها، وهذه حالة صحية منطقية ولا غبار عليها.
 
تشكيلة الحكومة الحالية تضم نخبة من وزراء دولة، لهم وجهة نظر معروفة في السياسة وفي إدارة الشأن العام، وسبق أن قلنا بأن هذا عنصر يعزز هذه الحكومة ويبرر «استبشار» الناس بأداء أكثر انسجاما، لكن يجب أن تتوحد جهة التصريح الرسمي، مهما بلغت قدرات أعضاء الفريق الوزاري، فتضارب التصريحات في ظل هذه الظروف، مدعاة لفقدان الأمل والثقة أيضا، وهو ما لا نتمنى حدوثه، لا سيما وأن الوزراء الجدد لم يتمكنوا بعد من الإحاطة بكل ملفات وزاراتهم، وأن هناك موظفين يمكنهم أن يتسببوا في أزمات إدارية قد تواجه الوزراء الجدد، لا سيما حين نعلم أن كثيرا من المناقلات والانتدابات لموظفين حدثت في الحكومة السابقة وسابقتها أيضا، فرأينا نمطا جديدا في إدارة بعض الشؤون الحكومية، والتوجه المفاجىء للمنصات وما ارتبط بها، وإحلال موظفين عاديين في مواقع تحتاج إلى كفاءات مهنية مختصة .. ولن أذكر أمثلة، فالحكومة لديها كفاءات تفهم وتعلم عما نتحدث.
 
لن نقفز الى الأمام ونتجاهل التحديات التي تتفاقم بمزيد من السوء، لكننا نطالب الحكومة بتلك «الدقّة» على المسمار، فالاجتهادات وبغض النظر عن سلامتها هي تفسح مجالا للصيد في الماء العكر.