أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-May-2018

‘الفينيق‘: إصلاح النظام الضريبي يجب أن يعيد توزيع الثروة ويقلص التفاوت الاجتماعي

 الغد- خلصت ورقة موقف أصدرها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أن هنالك ضرورة ملحة لإصلاح النظام الضريبي في الأردن بما يحقق هدفين أساسيين للسياسات الضريبية كأحد أدوات السياسات المالية؛ هما إعادة توزيع الثروة في المجتمع وتقليص التفاوت الاجتماعي.

ودعت الورقة إلى اتباع منهجية لجمع الضريبة من المكلفين أفرادا ومؤسسات، وتوزيعها بشكل عادل على المجتمع على شكل خدمات وحقوق للمواطنين، إلى جانب استخدامها كأداة لتحفيز الاقتصاد نحو مزيد من النمو الحقيقي الشامل الذي ينعكس إيجابا على المستويات المعيشية لكافة المواطنين.
وخلصت الورقة أيضا إلى أن الإصلاح الضريبي يتطلب إعادة هندسة ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات، مع بعضهما البعض، فإذا كان هنالك نية أن تتحقق العدالة الضريبية والاجتماعية، وأن يتم توزيع العبء الضريبي بعدالة على مختلف مكونات المجتمع، يجب تخفيض معدلات الضريبة العامة على المبيعات في ذات الوقت الذي تزيد فيه الاقتطاعات الضريبية على الدخل.
كذلك يتطلب اصلاح النظام الضريبي في الأردن الغاء صلاحيات مجلس الوزراء في تحديد السلع الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات والضريبة الخاصة، والتي استمدها من نص المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم (6) لسنة 2000 وتعديلاته، وإعادة هذه الصلاحية الى مجلس الأمة (النواب والأعيان) لتتواءم مع ما جاء في الدستور الأردني الذي ينص في المادة (111) على أن الضريبة والرسم لا تفرض الا بقانون.
والإصلاح الضريبي في الأردن يتطلب المضي قدما في عمليات الإصلاح السياسي وتوسيع نطاق انفاذ القانون على الجميع، لأنه الطريق الأساسي في اضعاف مراكز النفوذ الاقتصادي والسياسي واخضاعها للقانون ودفع الضرائب، كذلك رفع كفاءة الأجهزة الحكومية المعنية بالتحصيل الضريبي، سواء من حيث الإجراءات و/أو العاملين أنفسهم.
وتأتي ورقة الموقف هذه في ظل النقاش والصراع المحتدم في الأردن منذ أسابيع حول التعديلات التي اقرتها الحكومة على قانون ضريبة الدخل. 
وقد عبرت العديد من الأطراف أصحاب المصالح عن مواقفها من التعديلات المقترحة على القانون، آخذة بعين الاعتبار مصالحها، وهذا هو منطق تطوير السياسات الاقتصادية، وهي الطريق الوحيد لتطوير سياسات اقتصادية تقوم على التسويات الاجتماعية التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح مختلف مكونات المجتمع.
وفي هذا السياق ستقوم هذه الورقة بتقديم قراءة سريعة لمجمل السياسات الضريبية في الأردن وليس فقط ضريبة الدخل، التي يتركز حولها النقاش والصراع في الوقت الراهن.
ويشار إلى أنه جرت محاولات عديدة لإصلاح النظام الضريبي في الأردن خلال العقود الثلاث الماضية، تركزت بمجملها على التوسع في فرض الضرائب غير المباشرة المتمثلة في الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة وغيرها. 
وتم إجراء تعديلات عديدة على جوهر السياسات الضريبية، إلا أن مجمل الإجراءات (الاصلاحية) التي تم تنفيذها لم تساهم في إزالة التشوهات الأساسية التي يعاني منها هذا النظام، فما زالت الإيرادات الضريبية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ضعيفة، لا بل تراجعت مما يقارب 22 % قبل عشر سنوات تقريبا الى 15.5 % في عام 2016.
 ولم يتم اعتماد سياسات ضريبية تصاعدية على الدخل على الافراد والشركات بشكل فعال، ولم يتم تطوير أدوات فعالة لتحصيل الضرائب من المكلفين والمتهربين من دفعها. 
وبقيت ملامح النظام الضريبي تراوح مكانها دون أي اصلاحات جوهرية تساهم في تحقيق العدالة الضريبية والعدالة الاجتماعية، وتخفف من حدة التفاوتات الاجتماعية. 
أما بخصوص المعايير العالمية التي تحدد مدى عدالة الأنظمة الضريبية فيمكن تلخيصها في ثلاثة مبادئ أساسية تتمثل في التصاعدية في الضرائب المباشرة على دخول الأفراد والشركات والثروات، ومنح إعفاءات للأسر تتعلق بإنفاقهم على التعليم والصحة وغيرها، هذا الى جانب التمايزية في معدلات الضرائب غير المباشرة المفروضة على السلع والخدمات الخاضعة والتي تشمل الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية، بالإضافة الى التوازن في هيكل إيرادات الضرائب المباشرة وغير المباشرة للخزينة.
وتوصلت الورقة إلى أربع مشكلات يعاني منها النظام الضريبي في الأردن، دفعته ليكون نظاماً ضريبياً غير عادل وتمثلت في:
أولا: ضعف تطبيق مبدأ التصاعدية في الضرائب المباشرة والتي تشمل ضريبة الدخل: تؤكد مختلف الأدبيات الاقتصادية، أن التركيز على مبدأ التصاعدية في الضرائب المباشرة وخاصة الضرائب على الدخل والأرباح، وفقاً لتعدد وتنوع دخول الشرائح الاجتماعية، هو من أهم معايير النظم الضريبية العادلة.
ونص الدستور الأردني على ضرورة تطبيق مبدأ التصاعدية في النظام الضريبي، حيث تساهم التصاعدية في تقليل التفاوت الاجتماعي، وهي وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية وجذباً للاستثمارات وتوفير فرص عمل أكبر لفئة كبيرة من الأفراد والمواطنين. لأنه يراعي قدرة المكلفين على الدفع، وضرورة عدم الإكثار من فرضها، ومراعاة الحالات الشخصية للمكلفين، وفرض ضرائب تتماشى وإمكاناتهم المالية تفادياً للوقوع في إشكالية التهرب من دفع الضريبة. 
ووفق هذا المعيار، فإنه يمكن وصف ضريبة الدخل المطبقة في الأردن أنها ضريبة (شبه تصاعدية) أو (تصاعدية مشوهة)، لأنها تعتمد ثلاث شرائح ضيقة لا تأخذ بعين الاعتبار التفاوت في دخول الأفراد، ويتجه مقترح القانون الجديد إلى تخفيض حد الإعفاء ليصل إلى 8 آلاف دينار سنويا للشخص الطبيعي، يضاف لها 8 آلاف أخرى للمعالين، وإلغاء إعفاءات العلاج والتعليم وفوائد قروض الإسكان وغيرها من الإعفاءات.
بعد أن كان حجم الإعفاء يصل إلى مستوى 12 ألف دينار للشخص الطبيعي، و12 ألف دينار للمعالين من طرفه، يضاف لها إعفاءات مقابل نفقات علاج وتعليم وفوائد قروض الإسكان والمرابحة والخدمات الفنية والقانونية بحد أقصى يصل إلى أربعة آلاف دينار سنويا إذ أنه في الجانب المتعلق بإلغاء الإعفاءات أن يؤدي الى الإخلال بمبادئ العدالة الضريبية.
وتتجه معدلات اقتطاع ضريبة الدخل على الأفراد في مقترح القانون الجديد لتبدأ من 5 % وتنتهي عند 25 % لدخول الأفراد التي تزيد على 36 ألف دينار سنويا، وعلى شرائح ضريبية ضيقة.
وهذا النموذج فيه مشكلتان، الأولى تتمثل في ارتفاع معدل الاقتطاع الضريبي على الشرائح الدنيا والتي تبدأ ب 5%، والأصل أن تبدأ بنسب أقل من ذلك، والمشكلة الثانية تتمثل في أن الشرائح ضيقة، والأصل أن تكون أوسع مما هي عليه في القانون الحالي وفي مقترحات القانون الجديد، لتصل إلى ما يقارب 20 – 30 ألف لكل شريحة وتزداد مع تزايد الدخل، وهي أشبه بضريبة تصاعدية على الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة فقط، الأمر الذي يساهم في تعميق التفاوت الاجتماعي، حيث لا تمايز بين أصحاب الدخول المرتفعة جداً والمتوسطة الارتفاع. 
ومن المفيد الإشارة هنا الى أن النسب المرتفعة للاقتطاع الضريبي على الطبقة الوسطى سيدفع باتجاه التهرب الضريبي. 
ثانيا: يعاني النظام الضريبي في الأردن من التوسع في الضرائب غير المباشرة وغياب التمايزية فيها، والتي تشمل الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية، إذ أن الغالبية الكبيرة من السلع والخدمات تخضع لاقتطاعات ضريبية متقاربة من بعضها البعض، فغالبية السلع تخضع لنسبة ضريبة عامة على المبيعات 16%، وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة مع معدلات الضرائب العامة على المبيعات و/أو ضرائب القيمة المضافة، وقليل من السلع يقتطع عليها معدلات ضريبة عامة على المبيعات أقل من ذلك، ومحدودة جدا السلع التي لا تخضع للضريبة العامة على المبيعات.
 والخطورة تكمن في أن الحكومة الحالية اتخذت قراراتها خلال الأشهر الماضية بفرض ضريبة عامة على المبيعات على السلع التي كانت تتمتع بإعفاءات، وبذلك خضعت سلع أخرى أساسية في سلة غالبية المستهلكين للضريبة العامة على المبيعات وبمستويات متفاوتة، الأمر الذي من شأنه أن يخل بمبدأ العدالة الضريبية.
ذلك إلى جانب المستويات المرتفعة للضرائب الخاصة على بعض السلع الأساسية مثل المشتقات النفطية والتي تتراوح بين (23 – 46 %)، والاتصالات، الى جانب الضرائب الخاصة على السجائر وغيرها من السلع التي تعتبرها الحكومة سلعا كمالية. 
ويمكن إضافة الرسوم الجمركية التي يتم اقتطاعها على شرائح واسعة من السلع وخاصة السيارات التي تعتبر حاجات أساسية للمواطنين بسبب غياب نظام نقل عام كفؤ.
 وفي هذا السياق تعد الصلاحيات الممنوحة لمجلس الوزراء في تحديد معدلات الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة وفق نص المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم (6) لسنة 2000 وتعديلاته، البوابة التي أدت الى رفع معدلات الضرائب غير المباشرة عند هذه المستويات المرتفعة، حيث منحت هذه المادة مجلس الوزراء سلطة اصدار أنظمة خاصة تحدد بموجبها مقدار ونسب هذه الضرائب. 
وهذا ترك للحكومة حرية توسيع قاعدة السلع والخدمات الخاضعة للضريبة سواء كانت ضرائب عامة على المبيعات أم ضرائب خاصة ويشكل هذا اعتداء على الدستور الأردني الذي ينص في المادة (111) على أن الضريبة والرسم لا تفرض إلا بقانون.
ثالثا: ثمة مشكلة في اختلال التوازن في هيكل إيرادات الضرائب المباشرة وغير المباشرة، إن النظام الضريبي في الأردن مبني بشكل أساسي على إيرادات الضرائب غير المباشرة، وبصفة عامة فإنه يتسم بالانحياز للضرائب غير المباشرة.
وتشير البيانات إلى أن الضرائب غير المباشرة وخاصة الضريبة العامة على المبيعات أصبحت المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية حيث زادت أهميتها النسبية من 10.6 % خلال الفترة 1985-1988، إلى 45.8 % في الفترة 2009-2012. 
كما ارتفعت نسبة الضرائب غير المباشرة من 61% في العام 2009 إلى 69 % في العام 2012 من إجمالي الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، وقاربت هذه النسبة 70% من مجمل الإيرادات الضريبية، مقابل ما يقارب 30% عائدات ضريبية مباشرة في نهاية عام 2016. وعند مقارنة هذه النسب بالمعدلات العالمية، والتي تصل 50% للضرائب المباشرة و50% للضرائب غير المباشرة، تتضح أكثر ملامح غياب العدالة بشكل أكبر. 
ومن المتعارف عليه في غالبية دول العالم المتقدم والمستقر اقتصاديا (وليس الدول التي تعاني من مشكلات اقتصادية) أن الضرائب العادلة تعتمد بشكل كبير على الضرائب المباشرة (ضريبة الدخل) وعلى مبدأ التصاعدية الحقيقية، باعتبارها تدفع من المقتدرين، بينما الضرائب غير المباشرة تعتبر ضرائب غير عادلة لأنها تقتطع عند الاستهلاك وبنسب متساوية دون الأخذ بعين الاعتبار تفاوت دخول دافعيها.
وهذا يدفع باتجاه تعميق التفاوت الاجتماعي، ويقلل الطلب الكلي على السلع والخدمات، وبالتالي يضغط بشكل عكسي على معدلات النمو الاقتصادي، ويؤدي الى التباطؤ الاقتصادي.
رابعا : يعاني النظام من اتساع التهرب الضريبي، ويقصد بالتهرب الضريبي الحالة التي يقوم بها المكلف بدفع الضريبة بعدم دفع ما يستحق عليه كلياً أو جزئياً، باستخدام طرق وأساليب تخالف أحكام النظام الضريبي. 
وقد وصل التهرب في الأردن الى مستويات مرتفعة جدا قاربت 700 مليون دينار سنويا، وشمل ذلك ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات حسب تصريحات رسمية، منها 500 مليون دينار تهرب من ضريبة المبيعات و200 مليون دينار من ضريبة الدخل. وتعود الأسباب الرئيسية للتهرب الضريبي الى أسباب قانونية وسياسية واقتصادية واجتماعية، حيث أن ضعف إنفاذ القانون بسبب ضعف عمليات الإصلاح السياسي تلعب دورا أساسيا في نشوء مراكز نفوذ لا تستطيع المؤسسات الحكومية الاقتراب منها وإنفاذ القانون عليها، هذا الى جانب ضعف فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية المعنية بالتحصيل الضريبي، سواء من حيث الإجراءات و/أو العاملون أنفسهم.