يعتبر قطاع البنوك جزءا مهما من القطاع المالي الأردني، حيث يشكل قطاع البنوك الجزء الأكبر ليس فقط على مستوى القطاع المالي انما أيضا على المستوى الكلي للقطاعات المالية والخدمية والصناعية من حيث القيمة السوقية، فقطاع البنوك يشكل 44% من القيمة السوقية الكلية للأسهم المدرجة في بورصة عمان، وهو بمثابة صمام أمان للاقتصاد الأردني ويعمل على استقراره، لأنه يلعب دور الوسيط ويساهم في تمويل الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أن قطاع البنوك ما زال يتمتع بكفاية رأس مال كافية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وتصل الى 17.?% مقارنة مع الحد المطلوب دوليا لكفاية رأس المال والتي تبلغ 12%.

 

ولكن بالنظر الى أسعار أسهم البنوك الأردنية، نلاحظ أن هناك عدة ظواهر متعلقة فيها، أولها أن معظم أسعار أسهم هذه البنوك أقل من المتوسط العام لأسعار الأسهم، بمعنى أن متوسط أسعار أسهم البنوك الأردنية تقريبا 2 دينار، وثلثي أسعار أسهم البنوك الأردنية أقل من 2 دينار، وأسعار الأسهم ليست دائما تعتبر مؤشر وخاصة أن بورصة عمان وسوق الأسهم يعتبر سوق كفؤ ذو شكل ضعيف، الا أن أسعار الأسهم تعطي دلالة نسبية على أداء البنوك، وميل معظم أسعار أسهم البنوك الأردنية الى الانخفاض يمكن أن يشير الى مشكلة في عدم تماثل البيانات والمعلو?ات بين الإدارة والمستثمرين، وتؤكد على وجود مشكلة الوكالة المتعلق في مجالس الادارة في هذا القطاع.

 

الظاهرة الثانية في أسعار أسهم البنوك الأردنية هي أن أسعار أسهم أقوى البنوك الأردنية مثل البنك العربي وبنك الإسكان والبنك الكويتي الأردني تميل الى الانخفاض بشكل كبير، بينما البنوك الإسلامية مثل بنك صفوة والبنك الإسلامي الأردني تميل الى الزيادة في أسعار أسهمهما بشكل ملحوظ بنسبة تتجاوز 40%، ويمكن أن تكون هذه إشارة الى أن البنوك الإسلامية أكثر نجاحا في الأردن، وبالتالي أكثر استقرارية من البنوك الأخرى، وتعزز الاستقرار المالي والاقتصادي في الأردن، وخاصة بعد جائحة كورونا ووجود المخاطر الجيوسياسية بين روسيا وأوكرا?يا.

 

الظاهرة الثالثة وهي أن كابيتل بنك الذي اندمج مع بنك سوسيته جنرال قد ارتفع سعر سهمه أيضا بشكل ملحوظ، وليس شرط أن يعزى ارتفاع سعر سهم كابيتال بنك الى عملية الاندماج فقط، ولكن هذه إشارة الى أن اندماج بعض البنوك مع بعضها البعض يمكن أن يؤدي الى زيادة قوة البنك الدامج بشكل خاص، وزيادة استقرار القطاع المصرفي والاقتصاد الأردني بشكل عام.

 

ولأن أسعار أسهم البنوك الأردنية ذات أهمية خاصة، فقد قمنا بدراسة أهم العوامل المؤثرة على أسعارها، باستخدام البيانات السنوية لفترة تمتد لأكثر من 12 سنة، ويعتبر عامل الربحية من العوامل المهمة التي تلعب دورا إيجابيا في سعر سهم البنك، مما يؤكد على أن الكفاءة التشغيلية في إدارة أصول البنك تعود بشكل إيجابي على أسعار أسهم البنوك في بورصة عمان، كما أن عامل المخاطرة يؤثر بشكل إيجابي وكبير على سعر السهم، وهذا يؤكد على العلاقة التبادلية الطردية بين المخاطر وعوائد الأسهم.

 

بالمقابل، أظهرت الدراسة أن متغير ريع السهم الذي يمثل نسبة توزيع الأرباح النقدية الى القيمة السوقية، له تأثير عكسي على أسعار الأسهم، وهذا يشير الى أن توزيع الأرباح يمكن أن يعطي إشارة سلبية في بعض الأحيان للمستثمرين مما ينعكس بشكل سلبي على أسعار أسهم البنوك، كما أن نسبة القيمة الدفترية الى السوقية أظهرت تأثيرا سلبيا على أسعار الأسهم.

 

هذه النتائج يمكن أن تفيد مدراء ومتخذي القرارات في البنوك الأردنية بالسعي الى تعظيم أسعار أسهم هذه البنوك من خلال التركيز ممارسة الحوكمة أكثر وخاصة من ناحية الإفصاح والشفافية عن التقارير المالية، والتزام مجالس إدارة هذه البنوك بالعمل لمصلحة البنوك بالدرجة الأولى، كما على البنك المركزي الأردني تحفيز وجود بنوك إسلامية أكثر في هذا القطاع لما له من تعزيز على استقراريه القطاع المصرفي الأردني، وعلى البنوك الأردنية التي تعاني من أداء مالي ضعيف بالإسراع نحو الاندماج مع بنوك أخرى أكثر قوة، وتركيز مدراء البنوك على ال?فاءة التشغيلية لأصول البنوك، وعدم اتباع سياسة توزيع أرباح بشكل موسع لأنه يؤثر بشكل سلبي في بعض الأحيان على أسعار أسهم هذه البنوك.

 

وهذه النتائج مهمة للمستثمرين، حيث تشير الى أن أسعار أسهم البنوك الأردنية معظمها أقل من المتوسط، وبالتالي يمكن شراء أسهم البنوك، لأنها تمثل حاليا أسهم قيمة، وتحقيق عوائد في المستقبل نتيجة انخفاض أسعارها.