أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jun-2019

19 % بطالة.. واستعصاء الحل* د. محمد حسين المومني

 الغد-بحسب البيانات الرسمية لدائرة الإحصاءات العامة في تقريرها حول معدل البطالة في المملكة ارتفعت النسبة لتصل (19.0 %) في الربع الأول من العام 2019. لا أحد يستطيع التشكيك بهذه الأرقام لأنها صادرة عن واحدة من أهم مؤسسات الدولة ذات المصداقية الوطنية والدولية، والتي تعمل ضمن معايير دولية علمية مثبتة ومجربة وتنقل خبراتها لعديد من نظيراتها في الإقليم. وبدلا من محاولات الالتفاف على الحقائق الصادمة لنا جميعا، الأجدر والأجدى أن نناقش بعمق سبب الإخفاق في التعامل مع هذا التحدي الوطني الجلل وخوض نقاش وطني صريح وعميق وغير واهم حوله.

تشتد الصدمة حول ارتفاع معدلات البطالة لأنها تعاكس الأمل والتوقعات التي صاحبت أحاديث وتصريحات متكررة حول تشغيل عشرات الآلاف من الأردنيين وتوظيف آلاف آخرين، وإعلانات متتابعة حول فرص عمل هنا وهناك. 
لا شيء يقض مضاجع الدول والمجتمعات ويؤرق السياسيين وصناع القرار مثلما تفعل نسب البطالة المرتفعة. إنها مشكلة تتجاوز حدودها الاقتصادية لأبعاد اجتماعية وسياسية أكثر خطورة، ولهذا فهي تحتاج عقلية طوارئ وخلايا أزمات متعددة تفعل وتنجز كل ما يجب فعله من أجل تشغيل العباد.
لا يعقل أن كفاءات الأردن الاقتصادية الكبيرة والمؤهلة عاجزة إلى هذا الحد عن التعامل مع هذه المعضلة الكبيرة والتحدي الرئيسي، ولا يعقل أن نستمر بالنظر إلى هذه الأرقام وكأنها روتينا دوريا إلى أن تنفجر في وجوهنا يوما ما.
صحيح أن الظروف الإقليمية رتبت أعباء اقتصادية إضافية كبيرة على الأردن، خصوصا الكلفة الأمنية وكلف اللجوء، لكن ذلك لا يجدر أن يكون شماعة لتبرير استمرار ارتفاع البطالة، بل يمكن القول والبناء على تجارب حولت التحديات الإقليمية لفرص تشغيل للأردنيين، ويمكن بالفعل لهذه التحديات، إن تم تطويعها بحكمة، أن تساعدنا في السيطرة على موضوع العمالة الوافدة الذي فشلنا في التعامل معه فشلا ذريعا. 
نحتاج لتشخيص دقيق وعملي لمشكلة استعصاء البطالة يبتعد عن تنظيرات بحثية أكاديمية ورقية لم تساعدنا للآن على مواجهة هذا التحدي الوطني الكبير. نريد تشخيصا يوائم بين ظروف إقليمية خارجة عن سيطرتنا أضعفت اقتصادنا، وبين أحجية سوق العمل الأردني الذي يعاني من نسب بطالة مرتفعة بالتزامن مع وجود مئات الآلاف من العمالة الوافدة لدينا، وبين عدم اضمحلال ثقافة العيب بالشكل المطلوب، إضافة إلى انتشار ثقافة الوظيفة بدل ثقافة الشغل بين القوى العاملة الأردنية. تقييم دقيق وعملي ميداني لهذه الظواهر يعد الخطوة الأولى والأهم للتعامل مع هذا الشأن الجلل، وبغير تقييم كهذا سنبقى ندور في حلقة مفرغة لا ندري متى تنفلت من عقالها.
حلولنا حتى اليوم استشراقية أو تنظيرية، وهي لا تستجيب لواقعنا الوطني ولا تنطلق من خصوصيتنا الاقتصادية والاجتماعية، والتي ليس بالضرورة أن تتماهى مع تجارب مجتمعات أخرى.