أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Jun-2018

التكنولوجيا المالية وأبعادها المصرفية والاقتصادية–4

 الراي-عدنان أحمد يوسف

باعتقادنا أن صناع السياسات في الدول العربية يدركون جيدا الإمكانات التي تتيحها التكنولوجيا المالية، ويقوم بعض من هذه الدول باتخاذ بعض الخطوات الاستباقية نحو توفير بيئة مواتية؛ ولكن لا تزال هناك حاجة إلى عمل المزيد.
 
ووفقا لخبراء والعديد من المسوحات، فأن أولويات الخطوات المطلوبة تتضمن سد الفجوات في الأطر المعنية بالقواعد التنظيمية وحماية المستهلك والأمن المعلوماتي، وتحسين بيئة الأعمال، ومعالجة الفجوات في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى جانب اتخاذ تدابير لمعالجة فجوة الثقة في المعاملات المالية.
 
كما ينبغي دعم الإصلاحات الرامية إلى تحقيق الامتثال للمعايير التنظيمية الدولية واقترانها بالرقابة المعززة. وبرغم أن المعايير التنظيمية القائمة تعالج المخاطر المصاحبة لابتكارات التكنولوجيا المالية، فإن الطبيعية المتطورة لهذه التكنولوجيا تقتضي المراقبة المستمرة لتحديد ما ينشأ من مخاطر على الاستقرار المالي ومعالجتها. ومع تزايد استخدام التكنولوجيا المالية، ينبغي أن تعطي الجهات التنظيمية والبنوك المركزية الأولوية لرصد المخاطر المالية الكلية وضمان عدم تحول الوسائل التكنولوجية الحديثة إلى أدوات للاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن تعطي الأولوية كذلك لتحديد ومعالجة مخاطر التشغيل التي قد تنشأ من تقديم طرف ثالث لهذه الخدمات، والحفاظ على صحة أوضاع المؤسسات المالية وسلامة وكفاءة أداء نظم المدفوعات نظرا لاتساع دور الشركات غير المالية.
 
وتشكل الهجمات الالكترونية خطرا نظاميا وينبغي أن يكون منع وقوعها على قمة أولويات الجهات التنظيمية. فقد أدى اتساع نطاق الربط من خلال الحلول الرقمية إلى زيادة منافذ دخول القراصنة الالكترونيين مما يزيد من احتمالات نجاح الهجمات الالكترونية. ويتعين وضع أطر للأمن المعلوماتي للعمل بصورة شاملة لتوفير خطط للوقاية من الهجمات ورصدها وتبادل المعلومات بشأنها و متابعتها والتعافي من آثارها.
 
كما يتعين تحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين مؤسسات الأعمال من الاعتماد على تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة. ففي كثير من البلدان توجد حاجة لزيادة تغلغل الانترنت ومرافق الاتصالات عبر الهواتف المحمولة، وزيادة سرعتها، وخفض تكاليفها وضمان إمكانية التواصل المتبادل بين نظم الدفع عن طريق الهواتف المحمولة.
 
ومن المهم قبل كل شيء زيادة التوعية المالية لكي يتم زيادة الاستفادة من الخدمات المالية الرقمية واستخدامها. وينبغي أن ترتكز برامج التوعية المالية على أطر حماية المستهلك وقد تقتضي وضع قواعد قانونية جديدة لبيان الحقوق والالتزامات داخل المشهد المالي العالمي الجديد كما شهدنا بالنسبة للائحة الأوروبية الجديدة لحماية البيانات الشخصية.
 
وبالرجوع إلى تجارب بعض الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا المالية، تؤكد جميع هذه التجارب على أهمية تحقيق التوازن بين الإشراف التنظيمي من ناحية ومرونة الابتكار وضرورة إدارة المخاطر الالكترونية من ناحية أخرى. وقد تضمنت قائمة محفزات استخدام التكنولوجيا المالية تشجيع قيام الحاضنات والمسرعات لرواد الأعمال والمشاركة الوثيقة في جهود الأطراف الفاعلة في هذا القطاع (الشركات الرائدة وشركات التكنولوجيا المالية على حد سواء)، ووضع توجيهات لوائح واضحة وتوفير رأس المال الأولي ورأسمال المخاطر (بما في ذلك الانفتاح أمام الاستثمار الأجنبي) وجودة البنية التحتية لخدمات الانترنت والهواتف والأجهزة المحمولة، وتوافر المواهب المحلية، وهيكلة السوق، وتعزيز درجة التطور المالي.
 
فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تغطي شركات التكنولوجيا المالية كل شرائح الخدمات المالية ويرتكز نموها على البنية التحتية عالية الجودة، ووفرة المواهب ورؤوس الأموال. وكان الدعم الحكومي محدودا. وتعتبر الأطراف الفاعلة في هذا القطاع أن أحد عوامل الضعف ترجع لعدم اليقين المحيط بالقواعد التنظيمية والتي تنشأ من تعدد الجهات التنظيمية على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات. و يعاني بعض شركات الإقراض في السوق من أمور متعلقة بالحوكمة و الضوابط الداخلية الضعيفة و مشكلات جودة الأصول. وقد تم وضع مقاييس فنية للأمن المعلوماتي تتسم بأعلى درجات التطور. ومع ذلك فقد أدى نجاح بعض الهجمات الالكترونية إلى حدوث اختراقات في بيانات العملاء.
 
وشهدت المملكة المتحدة نموا كبيرا في منصات المعاملات بين النظراء، والدفع عبر شبكة الانترنت، ومنتجات البيانات والتحليل، والتداول في أسواق رأس المال، والتأمين. وارتكز هذا النمو على الدعم الملائم من الحكومة والهيئات التنظيمية. وفي 2014، أطلقت هيئة مراقبة السلوكيات المالية في المملكة المتحدة برنامج «مشروع الابتكار» الذي يتضمن مركزا للابتكار ومختبرا تنظيميا. كذلك طلب من البنوك أن توجه المؤسسات الصغيرة إلى جهات تقديم التمويل البديلة إذا لم تكن في حد ذاتها قادرة على تلبية احتياجات هذه المؤسسات من التمويل. ولا يزال حجم الائتمان الذي تقدمه شركات التكنولوجيا المالية صغيرا. وأتاحت الرقابة الاحترازية على الاقراض بين النظراء نمو الائتمان بشكل كبير من خلال منصات الإقراض الجماعي بينما عملت في الوقت ذاته على احتواء المخاطر الائتمانية. واستثمرت المملكة المتحدة كذلك بشكل كبير في الأمن المعلوماتي، ولكن هجمة «واناكراي» الالكترونية أو هجوم الفدية الذي بدأفيالساعاتالأولىمنيوم 12 مايو 2017 واستطاعالإطاحةبأكثرمن 230 ألفجهازإلكترونيفي 99 دولةحولالعالمحسباليوروبولكشفت عن العديد من مواطن الضعف في العديد من الشركات المالية وغير المالية، مما يشير إلى ضرورة مواصلة بذل الجهود الأنظمة الدفاعية لأمن استخدامات التكنولوجيا المالية.