أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Apr-2019

حوكمة إجراءات الاستثمار*عمر عليمات

 الدستور-في الوقت الذي كان يتحدث فيه مسؤولونا بالبحر الميت عن الفرص الاستثمارية التي توفرها المملكة والتسهيلات التي تقدمها الحكومة للمستثمرين، كان هناك حديث آخر في مواقع التواصل حول «تطفيش» المستثمرين والاستخفاف بالتعامل مع مشروع ضخم تقدم به رجال أعمال كويتيون، في رسالتين متناقضتين حول الواقع الاستثماري في الأردن.

لا أريد الدخول في تفاصيل المشروع بحد ذاته، بقدر ما أريد الحديث عن الرسالة الاستثمارية التي نريد إيصالها إلى العالم، وهل نحن فعلاً قادرون على استقطاب استثمارات إقليمية ودولية؟ أم أن العقلية التنفيذية لمن يتعاملون مع المستثمرين عقلية بيروقراطية لا تعرف سوى الكُتب الرسمية ذات السطرين؟.
موضوع الردود على المستثمرين والتعامل معهم وكأنهم موظفون لدينا ليس بالجديد، وهذا الكلام سمعته سابقاً من أحد العاملين في مجال تشجيع الاستثمار، حيث كان يعمل على استقطاب مستثمر من الوزن الثقيل، وبعد فترة طويلة من اللقاءات واستعراض الفرص والخيارات الاستثمارية، فوجئ المستثمر بعد عرض مشروعه بالرد بأننا غير مستعدين الآن لقبول عرضه، وأن عليه اختيار منطقة أخرى أو مشروع آخر، برغم أن نفس المنطقة عرضت في العديد من المنتديات منطقة جذب استثماري!!!، والأدهى والأمر أن هذا المستثمر تم الرد عليه برسالة إلكترونية، وانتهى الأمر وضاعت الفرصة.
في بلد كالأردن، يعتبر جذب الاستثمارات الخارجية وفتح أسواق جديدة للصادرات رافعتين أساسيتين للنمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل للتخفيف من نسب البطالة، لذا فإن هذين الملفين لا بُد أن يتم التعامل معهما بمرجعية سيادية لا روتينية عادية، وإن كنا غير معنيين بجذب الاستثمار وفتح الأسواق أمام منتجاتنا، فهل المشاريع والفرص الوطنية لوحدها كفيلة بتحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل؟!.
  من الطبيعي أن تكون هناك ضوابط وشروط محددة لأي قطاع، وأن تدرس الجدوى الاقتصادية لأي مشروع، فالمطلوب ليس فقط جذب استثمارات، بل استفادة الاقتصاد الوطني منها وتأثيرها الإيجابي على المجتمع المحلي، ولكن في ذات الوقت يجب أن يتم التعامل مع المستثمرين ضمن أطر وآليات واضحة، وحوكمة الإجراءات المتعلقة بالاستثمار، خاصة طلبات المستثمرين المتعلقة بمشاريع جديدة، ولنعلم لماذا قُبل مشروع ورفض آخر؟، وكيف تم التعامل مع المستثمر؟ وما هي فرص توجيه المستثمر لمشاريع أخرى؟، حيث تمثل حوكمة إجراءات طلبات الاستثمار ضمانة رئيسية لتجنب التفريط بمشاريع استثمارية ضخمة، وحرمان العديد من الشباب من فرص العمل.
 الأردن من أوائل الدول التي تحدثت عن تطوير الإجراءات المتعلقة بالمستثمرين، ومن أوائل الدول التي أطلقت «النافذة الاستثمارية الموحدة» والاهتمام بموضوع تميز الأداء الحكومي، ولكن اليوم نرى العديد من دول المنطقة سبقتنا بأشواط طويلة في مجالات التميز الحكومي، والأكثر مرارة من هذا أن الخبرات الأردنية تساهم بفعالية في هذه المجالات!!.
ما أريد قوله باختصار، هو أننا بحاجة إلى عقلية استثمارية ترى في كل مستثمر فرصة حقيقية، عقلية بعيدة عن لغة الكتب الرسمية، فما المشكلة لو تم طلب لقاء مع مستثمر ما أو مع من يمثله لشرح أسباب رفض مشروعه، وتقديم فرص استثمارية بديلة وخيارات أخرى؟، ولكن أن يتم التعامل معه معاملة روتينية وكأنه مراجع يقف في طابور المعاملات الرسمية عندنا، فهذا هو الاستخفاف بعينه، فالمستثمر صاحب رأس مال والكل يبحث عنه ويقدم له التسهيلات والحوافز، فلماذا سيهرول إلينا، فيما نرى نحن أنه لا يستحق أكثر من سطر، وكأنه سينتظر حتى نعود إليه، هذا إن عُدنا أصلاً، ولم يتحول طلبه للأرشيف.. ببساطة الدول التي تريد أن تعتمد على ذاتها تعمل على حوكمة كافة إجراءاتها مهما صغُرت أو كبُرت، فالتنفيذ السيء دائماً ما يكون هو المقتل لأي استراتيجية.