أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Mar-2020

الأردن إلى أين بعد الكورونا؟*سعد حتر

 عمان اكسشينج

سيكتب التاريخ أن 2020 جبّ ما قبله من نظم اقتصادية، تكتلات سياسية وهياكل مجتمعية. إذ من المرجح ولادة نظام عالمي جديد على غرار منعطفات تاريخية سابقة؛ معاهدة وستفاليا التي أفرزت منظومة الدولة القطرية عام 1648، ثم تداعيات الحرب العالمية الأولى 1918 وولادة عصبة الأمم وصولا إلى استبدالها بالأمم المتحدة والهيئات التي تدور في فلكها عقب الحرب العالمية الثانية 1945.
 
القراءة الأولية تتوقع أن يفقد سكاّن العالم 25 مليون وظيفة، خصوصا في قطاع السياحة، الذي سيخسر بين 20 % و 30 % من السوق العالمية. هذه الارتدادات تنذر باتساع رقع الفقر، تفشي الجريمة، زعزعة استقرار دول وانهيار أخرى.
 
في الأردن، ستواجه الحكومات والمجتمع تداعيات اقتصادية ومالية تنذر بشلّ اقتصاد كان قد دخل أصلا في دورة ركود تضخمي نتيجة تراكم سوء الإدارة وانسداد طرق التجارة مع الدول المجاورة، خصوصا سوريا والعراق في العقد الأخير.
إذن نحن مقبلون على تآكل الإيرادات من القطع الأجنبي على خلفية تراجع أكثف رافدين لخزينة الدولة؛ القطاع السياحي، الذي حصد 4.4 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2019 وحوالات المغتربين المقدر عددهم بنصف مليون، حوّلوا إلى الوطن 3.7 مليار دولار في العام ذاته. هذه الفئة، ستدفع ثمن ركود اقتصادات الدول المضيفة، كما عائلاتهم الممتدة وفي المحصلة اقتصاد الوطن. ويتوقع انخفاض حوالات المغتربين وتراجع أعدادهم في دول الخليج، التي ستتجه صوب تسريح عشرات الآلاف من الموظفين والعمّال لمواجهة نقص إيرادات ملياري وضغط النفقات الناجمين عن انهيار أسعار الخام إلى النصف.
 
ومع استمرار الإغلاقات، سيفقد آلاف الأردنيين وظائفهم خلال الأشهر المقبلة، ما سيفاقم أزمة البطالة التي كانت تقترب من سقف 20 % من القوى القادرة على العمل، وفق التقديرات الرسمية.
 
المساعدات السنوية ستتراجع من الدول الغربية – خصوصا الأوروبية – لأنها ستنهمك في اعتماد برامج تسهيل كمّي (Quantitative Easing) عبر ضخ مئات المليارات لإنقاذ قطاعات باتت على شفا الانهيار نتيجة الشلل الفيروسي.
إذن ما هي الخيارات المتاحة أمام الأردن؟
سبق أن خرج الأردن الحديث من عنق الزجاجة بعد منعرجات مصيرية كادت أن تغيّر شكل الدولة وتزلزل أركانها. في البال اغتيال الملك المؤسس صيف 1951، محاولة الانقلاب المعسكرة 1957، الانقلاب العسكري في بغداد الهاشمية الثرّية في سنة اتحادها مع عمّان 1958، خسارة رئة الأردن الغربية 1967 وحرب الاستنزاف التي أعقبتها، ثم 1971 فحرب الخليج الثانية 1991 وغزو العراق 2003.
 
في البدء، لا بد من إحداث إصلاحات سياسية جذرية بالتوازي مع ثورة في هيكلية الاقتصاد بأمل استعادة الثقة بالحكومات وإدامة زخم خطط الطوارئ، التي ولّدها بعبع الكورونا.
 
الحال الآن تتطلب تفكيرا خارج الصندوق أساسه الاعتماد على الذات أسوة بأجدادنا عبر توسيع الرقعة الزراعية وفلاحة "خبزنا كفاف يومنا". ولعّل هذه التجربة القاسية تعيد إحياء فكر رئيس الوزراء الخالد وصفي التل – الذي استشهد خريف 1971- قبل أن تفترس جحافل الاسمنت والاسفلت الأراضي الخصبة غرب عمّان وعلى امتداد سهول مأدبا و حوران.
 
 
وعلينا أيضا وضع ملحق موازنة استباقي أكثر تقشفا، يأخذ في الحسبان قرب جفاف شرايين الاقتصاد؛ خصوصا تراجع إيرادات السياحة وحوالات المغتربين مع احتمالات نضوب المساعدات الخارجية.
كذلك ضخ دعم حكومي لإنقاذ شركات متوسطة وصغيرة أو ما تبقّى منها قبل أن تخرج من السوق وتسرّح آلاف الموظفين.
تعديل قانون المالكين والمستأجرين لإنهاء تسلّط أصحاب العقارات وتخفيض سقوف البيع والإيجار، كيما تتماشى مع واقع السوق والقدرة الشرائية للأردنيين.
عقلنة الضرائب، الجمارك ورسوم البلديات، لكي يتمكّن أرباب العمل والمستثمرون من الوفاء بالتزاماتهم وإحداث توازن صحّي بين مخرجات الانتاج وكلفه المضخّمة حاليا؛ الرسوم والضرائب، الإيجارات، تعرفة الطاقة والمياه وفوائد القروض المرتفعة.
يستتبع ذلك تخفيض أسعار الطاقة، تعرفة الكهرباء والمياه وكذلك
تخفيض فوائد البنوك وإعادة جدولة القروض
 
مأسسة تجميد الغرامات المترتبة على تأخير سداد الضرائب، اقتطاعات الضمان الاجتماعي وغيرها من الاستحقاقات المتوقع فشل المكّلفين في تسديدها.
 
أي تأخير في اجتراح حزمة الإصلاحات الملّحة سيعرّض الاقتصاد المنهك أصلا لنخر فيروسي غير قابل للعلاج.