أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-May-2022

المحاريق يكتب: الكمونية كلمة السر في مشكلة السياحة العلاجية في الأردن

عمون - 

سامح المحاريق
 
تتكون أكلة الكمونية السودانية من معدة الخروف وأمعائه (الكُرش والفوارغ) مع كمية كبيرة من البهارات، وهي أكلة ثقيلة على الصحة كما أخبرني أحد الأصدقاء السودانيين، ومع أنني في العادة أحب الحديث عن الطعام، إلا أن ما لفت انتباهي في حديثه هو تلقيب هذه الأكلة بـ "الطريق إلى الأردن"، فيمازحون من يطبخها أو يأكلها بأنه سيذهب إلى العلاج في الأردن، ويبدو أن هذه التسمية الشعبية أخذت تخفت في السودان لأن أشقاءنا أصبحوا يتوجهون إلى مصر والهند من أجل العلاج، والسبب كما أخبرني الصديق السوداني اليوم هو التكلفة العالية للعلاج في المستشفيات الأردنية.
 
في العقد الأخير توسعت المستشفيات الخاصة في مصر، ودخلت إلى سوق السياحة العلاجية في العديد من التخصصات، ومع تقليب الأمر، تذكرت أن الممثل الراحل فاروق الفيشاوي كان في عمان في خريف 2008 ليجري عملية في عينه اليمنى، وكانت مستشفيات عمان تستقبل العديد من الشخصيات العربية من أشهرها الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، وأصبحت معظم الدول العربية تتعامل مع عمان بوصفها الوجهة الأفضل للسياحة العلاجية.
 
بدأت مشكلة الحديث عن تكلفة العلاج في الأردن في ذروة النجاح والسمعة الأردنية، وخاصة بعد الدخول في نزاع مع وزارة الصحة الليبية يتعلق بفاتورة علاج المواطنين الليبيين التي وصفتها وزيرة الصحة السابقة فاطمة حمروش بالخيالية، وكما تابع الإعلام العربي بعضاً من نجاحات القطاع الطبي في الأردن كان يتابع الشكوى من التكلفة التي جعلت الأردن يفقد أي ميزة تنافسية في السياحة العلاجية.
 
الأطباء الأردنيون تنتجهم مجموعة من العوامل تتمثل في تشدد وزارة التعليم العالي في مستوى التعليم المحلي، وما يوصف بتعنتها في ترخيص كليات طب محلية، ومعها، نقابة الأطباء الأردنيين بشروطها الصارمة في اختباراتها الخاصة بممارسة المهنة، وينضاف إلى ذلك عملية تبادل الخبرات في أكثر من مؤسسة تمتلك خبرة واسعة في المجال الصحي، مثل الخدمات الطبية الملكية ومستشفى الجامعة الأردنية، ولكن كل هذه العوامل يمكن أن تؤول إلى غير نتيجة مع استقطاب دول الخليج ومؤخراً بعض الدول الأوروبية للأطباء الأردنيين، بمعنى أن جميع استثماراتنا في العامل البشري تتحول إلى خدمة اقتصادات أخرى.
 
يلقي البعض باللوم على المستشفيات الخاصة، ويعتبرونها جزءاً من المشكلة، ولكن هذه المشكلة لا يمكن أن تترك لتقدير بعض أصحاب المستشفيات واستغلالهم للفرص السانحة والقريبة على حساب استراتيجية وطنية بعيدة المدى، المريض الذي يقدم إلى العلاج في الأردن لا يأتي وحيداً، وتتوزع منافع اقامته بين مختلف القطاعات الاقتصادية من سائق التاكسي إلى موظف الفندق إلى بائع البقالة، وبذلك يصبح قرار تعظيم هامش الربحية قراراً لا يختص بالمستشفى المعالجة وحدها، ولكنه يمتد ليصبح جزءاً من مشكلة أوسع تتعلق بقطاع عملت الأردن على تنميته وتطويره لعقود من الزمن، وعليه فالمستشفيات ليست وحدها الجهة التي تتحمل المسؤولية، لأن الرقابة هي التي يفترض أن تضبط القطاع بأكمله.
 
صحة وعافية لأشقائنا في السودان الذين يتناولون الكمونية أو يعزفون عن ذلك نتيجة المتاعب الصحية، وعلينا أن نفكر في حل هذه المشكلة على المستوى المحلي لأن السمعة عامل أساسي في السياحة العلاجية، وهذه السمعة لا تتعلق بالطبيب وحده ولكن بمجمل المنظومة.