أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Apr-2018

حرب الغاز.. وشرف الأسرة الدولية!!*محمد كعوش

 الراي-اطرف ما قرأت وسمعت في الأيام الأخيرة تلك العبارة المنسوبة الى الرئيس الفرنسي ماكرون الذي قال :» التدخل في سوريا كان حفاظا على شرف الأسرة الدولية « !! كان عليه ان يكمل عبارته فيقول « شرف الأسرة الدولية مثل عود الكبريت يولّع مرة وحدة « تماهيا مع العبارة المشهورة التي كان يرددها عميد المسرح العربي يوسف وهبي في افلامه.

 
عندما يتحدثون عن شرف الأسرة الدولية والشرعية الدولية وضرب سوريا ،كان قادة الدول الغربية يتجاهلون ممارسات الأحتلال الأسرائيلي ضد الأطفال الفلسطينيين ، رغم الصور الواضحة الفاضحة التي تبثها الفضائيات عن اعتقال الأطفال وتعذيبهم واطلاق النار عليهم في الشوارع والطرقات في مدن وقرى ومخيمات الأرض المحتلة ، بل هم الذين يفشلون كل القرارات التي تدين الممارسات الأسرائيلية وهو الموقف الذي يتنافى مع القيم الأنسانية والأخلاقية.
 
حديث ماكرون عن شرف الأسرة الدولية والشرعية الدولية و( الأمم المتحدة ) يذكرني بجامعة الدول العربية ايضا ، لأن الأمم المتحدة والجامعة العربية نتاج مرحلة تاريخية واحدة ، اي من مواليد الحرب العالمية الثانية في نفس العام ( توأم ) ، وهناك شبه كبير بين المؤسستين الجامعتين في السيرة والمسيرة والفشل ، لأن من يدفع أكثر أويملك القوة ألأعظم ، يفرض ارادته وقراراته هنا وهناك.
 
لا اريد الأطالة بالحديث ،عن الجامعة العربية المتهالكة أوعن شرف الأسرة الدولية المهان ( في سوريا ) حسب قول ماكرون. اريد أن اكتب عن موقف فرنسا ورئيسها ( صاحب الشرف الرفيع ) ، لأن الملاحظ أن فرنسا بدأت تنافس بريطانيا في تبعيتها للولايات المتحدة ، وهو الأتجاه المعاكس تماما لموقف زعيم فرنسا شارل ديغول ( ابو الجمهورية الخامسة ).
 
كان ديغول يعارض ويرفض بشدة انضمام بريطانيا الى السوق الأوروبية المشتركة ، وظل متمسكا بقراره حتى النهاية ، وكان يقول ما معناه أن بريطانيا هي البوابة التي ستتسلل منها اميركا الى داخل اوروبا ، وظلت بريطانيا خارج المجموعة حتى وفاة ديغول ، بعدها انضمت بريطانيا للمجموعة الأوروبية وجلبت معها الهيمنة الأميركية الى القارة العجوز ، ثم انسلخت عنها ، ربما استجابة لقول تشرشل « نحن مع اوروبا وليس منها « ، وهو القول الذي يمثل قناعة الشعب البريطاني.
 
موقف ديغول مصدره الأعتزاز بحضارة وثقافة وتراث فرنسا بلد جان جاك روسو وفولتير وسارتر وكامي ، في مقابل دولة القوة العسكرية التي شكلها مهاجرون مستوطنون بلا حضارة ولا تراث. لذلك ما يحيرني اليوم ، هو موقف الرئيس الفرنسي المندفع باقصى سرعة دون كوابح باتجاه التحالف مع الولايات المتحدة.
 
عندما فاز مانويل ماكرون في منصب الرئاسة الفرنسية ادهش العالم لصغر سنه وطروحاته الطموحة وسياساته المعتدله تحت عنوان « الجمهورية الى الأمام « وهو اسم الحزب الجديد الذي يقوده ، ولكن التطورات الجديدة تشير الى التحوّل الكبير في النهج والموقف نحو الألتزام بالتحالف الأميركي وخدمة اهدافه ، واولها معاداة روسيا ، والمشاركة في العدوان على سوريا ، وهي الضربة التي تصب في مصلحة التنظيمات المسلحة المتطرفة ، في الوقت الذي تعرضت فيه فرنسا لأكثر من عملية ارهابية ، لذلك يجب أن نتساءل: ما هو الثمن ؟!
 
المسألة ليست فزعة ارتجالية لحساب التحالف الأميركي فقط ، انها عملية مدروسة جيدا ، ما حدث ويحدث يصب في طاحونة المصالح الأقتصادية لكل الأطراف ، فالحرب في سوريا ليست طائفية أو عرقية أو سياسية فحسب ، ولا من أجل انهاء الصراع العربي الأسرائيلي فقط ، بل لأن سوريا تشكل مفترق كل الطرق وعقدة كل الحلول ، لذلك اشتعلت هذه الحرب الكونية متعددة الجنسيات والأهداف والمصالح ، وانا على يقين انها حرب الغاز وممراته وانابيبه وتسويقه ، خصوصا انها بدأت مع اكتشاف حقول الغاز الممتدة من جنوب قبرص حتى شاطيء غزة ، وكل اطرافها تريد حصة من الغنيمة... نعم انها حرب الغاز بامتياز !!