أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Jul-2017

انهيار الرأسمالية*إسماعيل الشريف

الدستور-الخصخصة هي خطة الامبريالية والليبراليين الجدد، لا يجوز خصخصة الصحة؛ لأنها أحد حقوق الإنسان البديهية، تماما كالتعليم والمياه والكهرباء والخدمات الأخرى العامة، لا يمكن تسليمها لرأس المال الخاص الذي يحرم الناس من حقوقهم – هوغو شافيز
 
 
 
 لا تصدق أبدا أن إقطاع القرون الوسطى قد انتهى، فما زال هذا الكوكب بسكانه وموارده مملوكا لـ1% من البشر، يسمون أنفسهم الليبراليين الجدد، وعقيدتهم الرأسمالية الشرهة بدأت منذ عهد ريغان وتاتشر وتوجت بانهيار الاتحاد السوفييتي واحتلال العراق ومن هناك أعلنها بوش الأب: النظام العالمي الجديد، ولكن فيما يبدو أن كل هذا أصبح مهددا.
 
مظاهرات مناهضة للرأسمالية  في بريطانيا والأرجنتين والبيرو بسبب سياسات التقشف التي تقوم بها حكوماتها.
 
في عام 1992 صدر كتاب نهاية التاريخ والإنسان الأخير، لأهم فيلسوف أمريكي هو فوكوياما الذي اعتبر أن نهاية التطور الإنساني هي الليبرالية الجديدة، وقد نطلق عليها الرأسمالية الشرهة دون أية ضوابط.
 
ولكن فيما يبدو أن صحة نظرية فوكوياما قد أصبحت محلا للشك، وقد يكون مستقبل الرأسمالية برمتها على المحك!
 
أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD التي تعمل على تعزيز السياسات التي من شأنها تحسين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي في العالم، أصدرت دراسة تقول فيها أن النمو الاقتصادي المتوقع للخمسين عاما القادمة سيكون ضعيفا، وسيرتفع الظلم الاجتماعي إلى معدلات غير مسبوقة ليصل إلى 40%، وستنهار الديناميكيات الاقتصادية في العالم الأول بحلول عام 2060.
 
وبمعنى آخر فإن رومانسية الرأسمالية قد أصبحت خلفنا وفي دول كثيرة ستصبح الرأسمالية تاريخا.
 
بدأت القصة مع الانهيار الاقتصادي عام 2008، وعلى إثره قامت النخبة العالمية التي تحرك معظم حكومات العالم بالإيعاز لها بنقل تريليونات الدولارات إلى البنوك والصناديق الاستثمارية والمصانع والمستشارين حتى لا ينهار النظام الاقتصادي العالمي، ويبقى النظام الرأسمالي حيا.
 
وهذا المال مخصص فقط للدول التي سجدت للرأسمالية، أما من حاول الخروج عن مدارها فقد دفع ثمنا غاليا، ولا مثال أبرز مما حدث في اليونان، فعندما فاز الحزب الراديكالي سيريز بالانتخابات اليونانية عام 2015 قام البنك الأوروبي بسحب 20 مليار يورو من البنك المركزي اليوناني، وتمت هذه العملية دون أية مستندات رسمية أو تصويت، وهذا أجبر الحزب على الاختيار بين الإفلاس والتسليم، كان استعراضا لقوة الليبرالية الجديدة فلا مناص من الرأسمالية، وأفلست اليونان لسبب واحد هو حماية 1% الذي يمتلك العالم وما عليه.
 
ولكن مع استمرار هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة أصبح لا مناص من سياسات التقشف التي بدأت بتطبيقها الدول، وهذا يضعنا أمام سيناريوهين الأول أن تبقى هذه النخبة العالمية متماسكة ويتحمل كلف هذه الأزمة العمال والمتقاعدون والفقراء خلال العشرين عاما المقبلة، وسيعيش النظام العالمي من خلال إملاءات أدواته كالبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، وسيستمر الركود الاقتصادي وسيتحمل الناس العاديون كلف هذا الركود.
 
والسيناريو الثاني أن يرفض الناس تحمل هذا التقشف، وتصل أحزاب اليمين واليسار المتطرفة للحكم، وستنهار العولمة وتضعف أدوات الرأسمالية، وستقوى القطرية والجماعات المتطرفة وستزيد الهجرات غير المشروعة وستعود الدول مرة أخرى إلى فترة الثلاثينيات، وستحاول الدول فرض كلف هذه الأزمة على بعضها البعض، ما سيؤدي إلى حروب طاحنة، ولا ضمانات ماذا ستكون نتائجها.
 
فيما يبدو أن العالم يتجه أكثر نحو السيناريو الثاني، وتوقع عزيزي القاريء أن العالم سيشهد تغييرات كبيرة جدا وقد يشهد حروبا وفوضى غير مسبوقة وستنهار الرأسمالية، وانهيارها هذا سيكون ما تنبأ به فوكويوما فقد نكون نحن الإنسان الأخير.
 
وتذكر عزيزي القاريء أن ما قام به ترمب من سرقة أموال العرب لا يخرج أبدا عن محاولة لحماية مصالح الـ1% بعد أن فشل السوق في أن يعدل نفسه.