أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Oct-2019

شجر وتمر وفقر وفكر*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-أمس الأول؛ رافقني صديقي المهندس محمد السنيد «أبو الحبوس» الى الكرك، وتناولنا «منسفا» في بيت الصديق حسين الصعوب في الثنية، ثم عدنا الى الربة قدمنا العزاء للصديق رفيق مراحل العمر سياج المجالي، بوفاة المرحومة «أم سهل»، وتناولنا القهوة مساء في بيت أمي..

كل عبارة من الفقرة السابقة يلزمها مقالات، ولم أقل أن هذه المقالات «تلزمكم»، سيما ونحن نعيش حالة من انفراط كل العقود مع الذات، لكن الحياة تمضي كما نعرف، وتبقى أمها الحقيقية هي الشجرة، وبركتها قد تجدها في حبة زيتون أو تمرة..ولا تعلمون في أي طعامكم البركة.
أمنا مريم عليها السلام بقصتها المقدسة حين ولدت نفحة من روح الله، سيدنا المسيح عليه السلام، خاطبها رب العزة سبحانه بأن «هزي إليك بجذع النخلة»، بعد مخاض من حياة نورانية ربانية ولد فيها مجتمع انساني جديد، لكننا قفزنا كثيرا عن النخلة وعن بركتها ورمزيتها، على الأقل في هذه المنطقة المباركة، التي كانت مسرحا لقصة ميلاد البركة وسيدنا عيسى عليه السلام، إلى أن فكّر بعض مسؤولينا بتنمية قطاع التمور في الأردن، وتوسيع مدارك المزارعين والمستثمرين فيه، وبتعاون مع دولة الإمارات العربية الشقيقة تم تسجيل قصة نجاح خلاقة في هذا المجال.
أجريت لقاءات صحفية إذاعية مع مشاركين عرب في المهرجان، ومع مستثمرين عرب في قطاع التمور الأردنية، بالإضافة الى أردنيين، أثبتوا جميعا بأن مهرجاني التمور الأردنية اللذين تم عقدهما في الأردن عامي 2018 و 2019، قدما نتائج إيجابية كبيرة في مجالات فنية وتسويقية وتنموية لقطاع التمور الأردنية.
قد نتحدث تفصيلا عن بعض الأرقام التي حققها قطاع التمور الأردنية في مقالات قادمة، لكنني أود الوقوف قليلا عند مثل هذا النشاط الزراعي الأردني الذي تم بتعاون مع دولة الامارات العربية، فهو جهد مثالي ناجح بكل ما تحمله «الذاكرة» من مواقف وما تحمله الكلمة من معنى، وعند زيارتي للديرة أمس الأول برفقة المهندس محمد السنيد، مررنا بلوحة طبيعية تفصل محافظة الكرك عن محافظة مادبا، أعني وادي الموجب.
 
 
 
وهاجت الذكرى كعادتها، فمنذ طفولتنا وكلما مررنا بالوادي الى مادبا أو عمان، كنا نتمنى لو يطول فصل الربيع أكثر، فالوادي السحيق الذي تلتف الطريق المعبدة حول بعضه صخوره وتمر فوق باب سدّه الصغير، هو آية أخرى من جمال منسيّ وحياة ضائعة، فلا أشجار تكسوه ولا بيئات حيوية فعلية فيه، ولو كان في دولة أخرى لكانت فرصته أفضل في أن يعرفه الأردنيون والعالم..لكن «لا بخت له».
موسم الشتاء ابتدأ فعلا، ومازال السدّ مملوءا بالماء، وسفوح الموجب وحلقه وسيله بلا شجر، ثم ينهمر المطر ويضيع هادرا بألف شتيمة لمن لم يستغل ماء الحياة، ويغرس رمزها ومستودع حيويتها في الوادي الجميل، كحال الجنوب الصادق الحرّ، يطلق كل مبادرات التغيير في هذه البلاد ولا يحصد كثيرا من مكاسبها. الا كما حصد محمد السنيد، حين كان يقود حركة عمالية، منعته من أن يقدم مجرد استدعاء لتحويله من عامل مياومة الى راتب مقطوع، لأنه تمسك بأخلاق رجل جنوبي، لا يقبل أن يتمتع بهذا الامتياز الا حين يتحقق لجميع العمال أولا.
أنا أنصح كل من يناضل للتغيير في الأردن أعني من سكان محافظتي مادبا والكرك، أن يناضلوا لتحقيق مطلب واحد، نسجله لهم وللأردن إن هو تحقق، وهو تشجير سفوح وادي الموجب بشجر أخضر يبعث في الجنوب حياة جديدة.
قم للموجب يا جنوب وامسح عن بطنه السراب، فلا منطق من تعمير الدنيا والبيت خراب.