أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Apr-2022

ثقافة جمع الخردة ونبش الحاويات*د. ماجد الخواجا

 الدستور

أذكر منذ سنين خلت تنوف عن عقدين من الزمن، أنني مررت في منطقة شرق عمان، حيث وقعت على مكان مليء بالمناهل التي يزيد عديدها عن عشرين منهلاً وربما أكثر، فوجئت بأن كافة تلك المناهل كانت بلا أغطية، يومها صببت جام غضبي من خلال مقالتي اليومية على أمانة عمان اعتقاداً مني بتقصيرها في عدم وضع الأغطية على مداخل المناهل، لم تكن لدي دراية أو تجربة عن وجود مهنة مكتملة لسارقي أغطية المناهل، ولم أكن أعلم أن تلك تجارة متعددة الحلقات تبدأ بالسارق الأول ولا تنتهي بمن يعيد صهر الحديد وتشكيله من جديد ومن ثم إعادة بيعه.
 
يومها بحثت ضمن تحقيق استقصائي عن ثقافة نبش الحاويات وجمع الخردة وسرقة أغطية مناهل الصرف الصحي، كانت القصة غريبة ومشوقة وتستحق المتابعة، حيث تبين لي أن هذه تجارة رائجة ومجدية وأن من يشتغل بها يجبون أموالاً لا بأس بها، ومنهم من تطورت حالته وتجارته وامتداداته بحيث أصبح له مجموعة خاصة من العاملين الجامعين للخردة إضافة إلى المصنفين لها، إضافة إلى الإداريين وربما لشبكة من الزبائن والعلاقات العامة، والتي تصب كلها في أن اصبحت عائلات بأكملها تعتاش على هذه التجارة التي عليها عديد من علامات الاستفهام.
 
إن ثقافة نبش الحاويات التي كانت تظهر وكأن من يمارسها هو من الطبقة المسحوقة المعدمة، لكن مع تطور الحياة وتعقدها، فقد أصبحت تجارة بمعنى الكلمة وربما لم يعد للفقراء من مكان أو مساحة متاحة لهم فيها. حيث نشاهد البكبات تواصل نبش الحاويات وبطرق احترافية يختار فيها النابش المكان والزمان المناسبين للنبش. وربما تم التفاهم على توزيع المناطق والحاويات بين أولئك النابشين لها، فأصبحت بمثابة إقطاعيات واحتكارات وامتيازات.
 
كما أن حرفة جمع الخردوات قد تطورت وأصبحت المركبات تدور في الحواري والأحياء تجمع كل ما يقع بين يديها، إما بالتقاطها عن جنبات الشوارع وإما بشرائها بأبخس الأثمان من أصحابها الذين يريدون التخلص منها.
 
إن سرقة أغطية مناهل الصرف الصحي هي مؤشر خطير وذو دلالة اجتماعية تظهر إمكانية أن تتطور الحالة إلى ظاهرة السرقة لأي شيء ممكن أن يتاح لهم سرقته، ومن ذلك ما يتوفر في ساحات البيوت الأرضية أو التي يقطنها كبار السن، حيث أن هؤلاء من جامعي الخردة تصبح لديهم معرفة جيدة بأوضاع البيوت والحركة فيها نتيجة تواجدهم اليومي في المنطقة.
 
لقد شاهدت أمام مباني وعلى الأرصفة كميات هائلة من الخردة التي يجمعها سكان تلك البنايات إلى أن يتم تصنيفها وترتيبها وبيعها.
 
كما أن هناك ملاحظة مقلقة تبدو في عديد وحجم المركبات منتهية الصلاحية، والتي يتم توقيفها على جنبات الطرق وفي الحواري لتصبح وكراً للفئران والقطط ومكرهة صحية، ولا أدري سبباً لبقائها فترات طويلة في مكانها بعد أن أصبحت خارج الخدمة تماماً.
 
الحقيقة هناك ظواهر اجتماعية لم تكن سابقاً تشكل دوراً مشوهاً وملوثاً للبيئة، كما هو الحال الآن، إضافة غلى أن جامعي الخردة ونابشي الحاويات، ليسوا بالضرورة من الفقراء، وهم أيضاً خارج السيطرة أو الرؤية الأمنية، بما يشكلون من احتمالات عصبوية متقدمة.
 
حزنت كثيراً بالأمس عندما مررت في شارع صافوط عين الباشا والذي شاهدت فيه ثلاثة أو أربعة مناهل للصرف الصحي وقد سرقت أغطيتها وأصبحت تشكل تهديداً للسلامة العامة.
 
الموضوع ليس وليد الساعة، لكنه يستدعي المراجعة والبحث عن حلول ناجعة له تضمن السلم والأمن المجتمعي.