أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-May-2018

شركاء ولسنا فرقاء *د. نبيل الشريف

 الراي-في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي نمر بها ، يجب أن تكون الحكمة نهجا نسير عليه جميعا فهذا الوطن لم يبن إلا على الشراكة والحوار والمناصحة الصادقة. أما تعنت أي جهة في الرأي به فإنه سيجعل الوضع الحالي أكثر صعوبة على الجميع.

 
لقد مرت على بلدنا الحبيب ظروف إستنائية وضاغطة يعجز البيان عن حصرها ، ولكنها كانت دائما تحل بالحوار والشراكة دون تشدد في الرأي أو محاولة لفرض الحلول من قبل طرف على آخر.
 
إن أحدا لايشك لحظة في أن الإجراءات الإقتصادية الأخيرة سيكون لها أثر لايستهان به على مختلف الشرائح والقطاعات ، ولكن السؤال الذي يجب أن يثار هو: هل كانت لدى صانع القرار خيارات أخرى ، وهل كان بالإمكان تجنيب القطاعات التي تعاني الهشاشة صعوبات جديدة ؟ أم أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان ؟
 
إن أحدا لايزاود على أحد في خدمة المصلحة الوطنية ووضعها في المقام الأول من الإهتمامات ، فجميعنا في هذا البلد شركاء ولسنا فرقاء ، وقد نختلف على هذا الإجراء أو ذاك ، ولكن هذا لاينتقص من وطنية أحد ولايجعل المخالف في الرأي أقل محبة لوطنه.
 
وعلينا أن نتفق أولا أن الظروف التي نمر بها دقيقة ومفصلية ، فالضغوط التي تمارس علينا للتنازل عن مبادئنا وخياراتنا السياسية ليست سرا، وقد صمد هذا البلد بإمكاناته المحدودة في وجه هذه الضغوط التي تنوء بحملها الجبال ، فالمبادئ لم تكن بالنسبة للأردن وقيادته الهاشمية في يوم من الأيام بضاعة معروضة لمن يدفع أعلى الأسعار. وقد فضل الأردن على الدوام أن يتمسك بمبادئه وأن يكون وفيا للقيم التي أسس عليها على أن يساوم على هذه الثوابت التي ميزته عن غيره.
 
وتبقى في هذا الصدد نقطتان أولهما تتعلق بضرورة شرح الحقائق للناس وتوضيحها بطريقة مهنية ، ولايساورني شك ان مواطننا ، وهو المعروف بعقلانيته وثقافته وسعة إطلاعه ، سيكون أكثر تفهما وتقديرا، وربما تجاوبا، مع الأمور لو أن الحقائق شرحت له بأسلوب منطقي من قبل خبراء في العملية الإتصالية ، ومع كل التقدير للمختصين في شؤون المال والأرقام ، فإنه من الظلم لهم أن نتوقع منهم أيضا أن يكونوا خبراء في الإعلام والتواصل وفن إيصال الرسائل بشكل واضح وسلس.
 
إننا نتحدث هنا عن مهارتين منفصلتين تماما ، فمعرفة الحقائق والأرقام وحدها لاتجعل من صاحبها خبيرا إتصاليا قادرا على نقل الرسائل بكفاءة وإقناع للآخرين. وكثيرا ماشهدنا أساتذة جامعيين ممن لديهم المعرفة الكاملة في مجالات تخصصهم ولكنهم يخفقون إخفاقا ذريعا عندما يتعلق الأمر بنقل الحقائق والمعلومات للطلاب ، فهذه مهارة وتلك أخرى مختلفة تماما.
 
لقد تحدثنا كثيرا عن وجوب تدريب القيادات الإدارية العليا على إكتساب مهارات التواصل ، فهذا أمر لايحط من قدر أحد. ومن واقع المعايشة لهذا الموضوع أجد لزاما علي أن أقر بأن مؤسسات القطاع الخاص أكثر قبولا وإهتماما بتدريب قياداتها الإدارية العليا من بعض المؤسسات الرسمية ، ولايجد مسؤولوه الكبار غضاضة في إكتساب المهارات الإعلامية بكل أريحية ودون الشعور ان هذا الأمر ينتقص من « هيبتهم « أو يقلل من مكانتهم.
 
أما ألأمر الأخر الذي يجب النظر فيه بشكل عاجل فهو موضوع القدوة في ضبط الإنفاق ، فكما أن المواطنين مطالبون بترشيد الإنفاق ، فمن غير المقبول ولاالمعقول الاينسحب هذا الأمر على المسؤولين أيضا في مجال شراء السيارات والأثاث والأسفار ومأدب الطعام والمكافأت وحضور المؤتمرات وغيرها حتى لو قال قائل أن تأثير هذه الأمور يبقى محدودا أو أنه لايقدم أو يؤخر فإن القيادة بالقدوة تقتضي الأخذ بكل مظاهر التقشف الممكنة لأن الناس تصبح أكثر قابلية لتطبيق مايعرضه شخص ما من إجراءت ضبط للنفقات عندما يكون هذا الشخص قد بدأ بنفسه وأن أقواله ليست منفصله عن سلوكه.
 
وقد شكل مهاتير محمد حكومة في ماليزيا مؤخرا من 13 وزيرا في بلد يتجاوز عدد سكانه 30 مليونا ، فهل من المعقول أن تبقى حكوماتنا بهذا العدد الضخم من الوزراء في بلد لايزيد عدد قاطنيه عن 10 ملايين نسمة ؟
 
إن أحدا لايقلل من صعوبة الظروف التي واجهنا مثلها وربما أصعب منها في منعطفات كثيرة من تاريخنا، ولكن الحوار والمكاشفة وحسن إيصال الرسائل وتجسيد مبدأ القدوة ستمكننا من إجتياز هذا المخاض أيضا بسلامة وأمان.