أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2019

كلام عن حكومتين* ماهر أبو طير

 الغد-أبرز مشاكلنا أننا نحب ونكره، وتنعكس هذه الطريقة على تقييمنا لكثير من القضايا والأشخاص، وقلة فقط، تقف عند المعلومات وتحللها مثلما هي.

حين قررت الحكومة الحالية، التي يرأسها الدكتور عمر الرزاز، اجراء تعديلات على قانون ضريبة الدخل، تم التحذير مرارا من تراجع التحصيلات المالية للخزينة، لأن القاعدة الاقتصادية تقول إنه كلما زادت الضرائب والرسوم كلما تراجعت تحصيلات الخزينة المالية وتعمقت الازمة، وهي قاعدة مهمة، لم تقف عندها الحكومة، وقد حدث ما كان متوقعا، وقد أقرت الحكومة أن تحصيلاتها المالية تراجعت، وباتت تواجه أزمة اكبر، ولم يعد امامها من حلول سوى المزيد من القروض، وقد تجد نفسها بعد قليل في حل من تعهداتها الأخرى.
بالمقابل، حكومة سمير الرفاعي في 2009 نجحت في تخفيض عجز الموازنة بنحو نصف مليار دينار بعد أن خفضّت نسبة ضريبة الدخل، وحسّنت من كفاءة التحصيل الحكومي، وأصدرت أواخر 2009 وبعد تشكيلها مباشرة قانونا جديداً لضريبة الدخل رقم (28) لسنة 2009، الذي تم بموجبه خفض نسبة ضريبة الدخل على مختلف الافراد والقطاعات الاقتصادية، وإلغاء عدد من الرسوم والضرائب كضريبة الخدمات الاجتماعية وعدد من الضرائب والرسوم الإضافية.
نحن لسنا في سياق للمقارنة بين حكومتين، أو في سياق للتبشير بهذا الرئيس، أو التنفير من ذاك الرئيس، أو لكوننا نحب هذا، أو لا نحب ذاك، لكننا نتحدث عن فروقات التجارب، التي توجب السؤال حولها، حتى مع تغير الظروف، ووجود عوامل مستجدة؛ داخليا وإقليميا، نضعها في الحسبان.
الواضح اليوم، ان الحكومة الحالية، مع الإقرار بتعرضها لهجمة غير أخلاقية من بعض الجهات، إلا أن نقدها لا يعني ابدا ان الناقد يصب نقده في حسابات من يستهدفون الحكومة لاعتبارات غير مهنية، وفي الوقت ذاته، لا يجوز للحكومة الحالية، أن تواصل الاختباء وراء المظلومية طلبا لمزيد من الحماية، وللتغطية على كلفة قرارات خاطئة وبالذات على الصعيد الاقتصادي الذي نعاني منه هذه الأيام، وهي معاناة تقول مؤشراتها انها تتصاعد يوما بعد يوم.
وفقا لما أعلنته الحكومة امام النواب، قبل أيام، فنحن امام ازمة جديدة بسبب تراجع التحصيلات المالية، ولم تقل لنا الحكومة أي شيء عن الطريقة التي ستواجه بها هذه التراجعات، خصوصا أن سياسة الاقتراض أيضا، والسعي لتبديل الودائع العربية وتحويلها إلى قروض اذا وافقت الدول صاحبة الودائع، امر لا يبشر بخير ابدا، وهو نتاج سياسات حكومية خاطئة، تواصل الحكومة التورط فيها، وكأننا وسط رمال متحركة.
بعد فترة سنخوض مفاوضات شاقة جديدة، مع مؤسسات دولية بشأن القروض، ووضعنا الاقتصادي، وبالرغم من ان الحكومة تقول ان لا ضرائب جديدة، فقد نجد انفسنا امام وضع جديد، أسوأ اقتصاديا، يتم التحايل على معادلاته، بحلول مالية من نوع جديد، وقد ألمح مسؤولون إلى قصة الهيكلة، وان قدموها بطريقة غير الطريقة المعتادة، وسط تذمر حكومي سري، من وجود ربع مليون موظف، يستهلكون المليارات سنويا، على شكل رواتب ومخصصات، وتتمنى كل الحكومات لو تتخلص من مائة ألف موظف، لكن لا قدرة لديها على ذلك.
حتى لا نكون سلبيين، لا بد من تقدير تصرف الحكومة بالموافقة على قرار الضمان الاجتماعي بزيادة آلاف المشتركين، زيادة مالية بسيطة، لكنها قد تكون مؤثرة، وإذا كانت هذه الأموال في طبيعتها ليست حكومية، بل أموال الناس واقتطاعاتهم، إلا أن دعم القرار من جانب الحكومة يؤشر على نية طيبة للوقوف إلى جانب الناس، وهذا أمر يستحق التقدير، من حيث المبدأ العام.
لا بد اليوم، من معالجة مختلفة، للوضع الاقتصادي، ولا اعرف ماذا يمنع الحكومة الحالية من استشارة خبراء اقتصاديين من خارج الحكومة لا يفكرون بالحلول الضريبية فقط. وللمفارقة فإن الحكومة كلما فرضت ضرائب إضافية، كلما تراجعت تحصيلاتها، وتسببت بتدمير متواصل للقطاع الخاص، وكأنه يراد شطب هذا القطاع كليا، دون ادنى مسؤولية امام حالات الإفلاس والإغلاق وتفشي الديون، واغلاق الوظائف، وتسريح الموظفين، والحكومة هنا، تتسبب جزئيا، مع حكومات سبقتها، بما وصلنا اليه من وضع صعب للغاية، حتى لا نحمل الدكتور الرزاز، المسؤولية وحيدا.
خلاصة الكلام، ان القطاع العام، لدينا مرهق وغير منتج، والقطاع الخاص يتم تدفيعه الثمن.