أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Mar-2017

كيف يمكن لبريطانيا إنقاذ صورتها المميزة كمركز تجاري عالمي مع انفصالها عن الاتحاد الأوروبي؟

أ ف ب: مع دنو موعد بدء مفاوضات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، تزداد ضرورة إنقاذ علامة «بريطانيا» المميزة كمركز تجاري عالمي.
ويحذر مهنيو قطاع الاعلا والدعاية الذين اجتمعوا في لندن مؤخرا، من أن صورة هذا البلد المعروف بانفتاحه تجاريا وثقافيا على العالم، قد تعاني جراء الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولو أن لندن تظل حتفظ بأوراق مفيدة لصالحها.
فالتسهيلات المقدمة للشركات الأجنبية، جعلت لندن ثاني أهم مركز مالي وتجاري في العالم.
كما ان الثقافة الشعبية البريطانية، من الموسيقى إلى السينما، عكست في العقود الأخيرة صورة بلاد عصرية وحيوية. ومع سهولة الهجرة إلى بريطانيا والعمل فيها، اكتسبت البلاد سمعة مجتمع مضياف منفتح على الآخرين.
غير أن رفض غالبية من البريطانيين لأوروبا في استفتاء تاريخي في 23 حزيران/يونيو 2016، وجه رسالة مقلقة بهذا الصدد، مع إمكانية تشديد الرقابة على الحدود، ولا سيما بعد الخروج من السوق الموحدة.
وأوضح مات شيكنر، منظم «أسبوع الإعلانات» والمدير العام لهذه التظاهرة التي جرت الأسبوع الماضي أن «بريكست يشكل جرحا ذاتيا، لأنه يضر بصورة الانفتاح. وبالتالي، فإن توجيه رسالة مفادها أن بريطانيا ما زالت منفتحة على الأعمال يرتدي أهمية فائقة».
وتابع «ما يجعل الثقافة البريطانية فريدة سيبقى على ما هو. وبذلك أعني الموسيقى و الموضة والتلفزيون والأفلام والمحتويات الإبداعية، كل هذا ليس في خطر فعلي. لكن بالنسبة للسياحة، وبصورة عامة الأعمال التي توظف مواهب شابة، ثمة خطر بأن تعتبر البلاد بعد الآن مكانا غير مضياف كثيرا».
ونظم شيكنر النيويوركي هذا الأسبوع النسخة الخامسة لـ«أسبوع الإعلانات» في لندن، وهي تظاهرة خاصة بالعاملين في مجال الإعلانات تتضمن سلسلة من المحاضرات واللقاءات. وقد ولدت هذه التظاهرة في نيويورك عام 2004 ولقيت انتشارا، فباتت تنظم في لندن وكذلك في طوكيو وقريبا في مكسيكو وسيدني أيضا. واحتشد حوإلى 40 ألفا من العاملين في هذا القطاع لحضور التظاهرة التي استمرت أربعة أيام في حي سوهو.
 
التركيز على نقاط القوة
 
ولا يمكن العثور على الكثير من مؤيدي «بريكست» بين هؤلاء المشاركين المعروفين عالميا، ومعظمهم شبان. وقالت ميلاني ريد من وكالة «إيسوب» للإعلانات مبدية أسفها «إنها آلية أنانية بشكل أساسي».
لكنهم يرون في معظمهم أنه من الممكن إنقاذ «علامة بريطانيا» وصورة البلاد الإيجابية، بشرط توخي الصراحة.
وقال مات دونيغان، مدير وكالة «سوشيال سيركل» للتسويق «ينبغي التركيز مجددا على نقاط قوتنا، مثل قدراتنا على صعيد الإبداع الثقافي»، مشددا على وجوب أن تستمر البلاد في اجتذاب أفضل ما في الثقافات الأجنبية.
كما يتحتم التشديد أيضا على تنوع الآراء داخل المملكة المتحدة، حتى لا تظهر البلاد أقرب إلى كتلة هرمة منطوية على ذاتها.
ويعمل ريتشارد ستيبلهورست، الثلاثيني شائب الشعر والمتقد العينين، في وكالة «لاتيمير» حيث يتولى مسائل التزامات الشباب الذي صوت بغالبيته الكبرى لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وهو يبقى رغم كل شيء متفائلا، ويوضح أنه حتى لو أن القوانين الجديدة التي ستصدر في سياق «بريكست» ستحد من حرية الحركة نحو بريطانيا، «ثمة كثيرون سيصرون على أن نبقى منفتحين، وسينشطون على شبكات التواصل الاجتماعي ليقولوا: كل هذا ليس عادلا، وسنبقى مضيافين».
وسيشكل ذلك ثقلا موازنا قد يساعد في الحفاظ على صورة البلاد في الخارج بمعزل عن التقلبات السياسية.
ويقول وزير التجارة الدولية ليام فوكس «اننا بطبيعتنا نتطلع إلى الأفق»، مقللا من شأن المخاوف بأن يتحول البريطانيون إلى شعب منغلق على نفسه يتخوف من الخارج.
وترتدي صورة بريطانيا أهمية جوهرية بالنسبة لهذا البلد الجزيرة الذي يعد 65 مليون نسمة، والذي سيقطع الجسور بعد عامين مع السوق القارية المكونة من 500 مليون نسمة، ما يحتم عليه إقناع العالم بقدرته على الخروج منتصرا من رحلته المنفردة.
 
على أبواب الخروج من الاتحاد الأوروبي
 
ومن المقرر ان تُفَعِّل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد غد الأربعاء «المادة50» من معاهدة لشبونة لتطلق آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي، في سابقة تاريخية تفتتح عامين من مفاوضات صعبة لا يمكن التكهن بنتائجها.
وبذلك ستكون المملكة المتحدة عام 2019 خارج الاتحاد الأوروبي.
وأمس الأول شهدت لندن تظاهرة جديدة ضد «بريكست» مع نزول عشرات الآلاف إلى الشوارع بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد الأوروبي الأوروبي.
وتعتزم رئيسة الوزراء البريطانية القيام بعملية طلاق «واضحة وقاطعة» مع الاتحاد الأوروبي، تتضمن الخروج من السوق الموحدة، حتى تتمكن من الحد من حرية تنقل المهاجرين الأوروبيين، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت البريطانيين لاختيار «بريكست».
ومع اقتراب الاستحقاق، يطرح بشكل متزايد سيناريو عدم النجاح في التوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما سيعني فقدان العلاقات الخاصة مع السوق التي يتم معها نصف تجارة بريطانيا. وقال أناند مينون من مجموعة الأبحاث «المملكة المتحدة في أوروبا متبدلة» (يو كاي إين ايه تشاينجينغ يوروب) «سنحتاج إلى قدر أكبر بكثير من الوقت والعزيمة الطيبة واللباقة مما شهدناه من الجانبين».
وهو يقدر بـ50% احتمال فشل المفاوضات، ما سيترك بريطانيا بلا «شباك أمان»، عرضة للترتيبات الأساسية التي وضعتها منظمة التجارة العالمية ومنها خصوصا الحواجز الجمركية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن السيناريو الأصعب سيكون على حي المال والأعمال في وسط لندن (السيتي) وممثلي القطاع الصناعي.
أما تيريزا ماي، فتردد أنه «من الأفضل عدم التوصل إلى اتفاق على التوصل إلى اتفاق سيء».
وقال ديفيد ديفيس، الوزير المكلف إدارة عملية «بريكست»، وهو من أشد معارضي الاتحاد الأوروبي، ردا على سؤال حول هذه النقطة أمام مجلس النواب في منتصف آذار/مارس ان مثل هذا السيناريو «ليس مخيفا بالقدر الذي يجري الكلام عنه»، مقرا في الوقت نفسه بأن الحكومة «لم تحتسب وطأة الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق».
أما وزير الخارجية بوريس جونسون، فقال إن هذا الشهر سيمر «بخير تماما».
 
تسوية حسابات وليس عقوبات
 
من الجانب الأوروبي، بات «كل شيء جاهزا» للمفاوضات التي ستفتتح بتسليم لندن فاتورة كل الالتزامات التي قطعتها بريطانيا في سياق الميزانية الأوروبية، وقدر مسؤول أوروبي قيمة الفاتورة ما بين 55 و60 مليار يورو.
وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بارنييه الأربعاء الماضي»حين يغادر بلد الاتحاد الأوروبي، لن يكون هناك عقوبة ولا ثمن يتحتم دفعه، لكن علينا تسوية الحسابات، لا أكثر ولا أقل».
بمقدور لندن نظريا الامتناع عن دفع المبالغ المطلوبة، وهو ما أشار إليه تقرير أصدره مجلس اللوردات البريطاني مؤخرا، لكن مثل هذا القرار سيشكل إعلان حرب دبلوماسية، ومن المتوقع بالتالي أن تدور المفاوضات حول قيمة المدفوعات.
كما ستسعى لندن للحصول على ضمانات حول مصير 1.4 مليون بريطاني يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي، على أن تحاول الضغط بهذا الشأن مستخدمة الضمانات التي يمكنها إعطاؤها لـ3.3 مليون أوروبي يقيمون في بريطانيا.
أما الموضوع الأبرز، وهو العلاقات التجارية الجديدة بين لندن والاتحاد الأوروبي الذي يمثل تقريبا نصف المبادلات البريطانية من السلع، فهو غير مشمول في المفاوضات بشكل صريح، وقد يستغرق الأمر سنوات للتوصل إلى اتفاق بهذا الصدد، ما حمل على طرح فرضية اتفاق مرحلي.
وسيضع الطلاق حدا لأكثر من أربعين عاما من علاقة متقلبة، حيث أن البريطانيين لطالما رأوا في الاتحاد الأوروبي سوقا مشتركة، رافضين في المقابل فكرة الاندماج السياسي.