أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2018

الآثار السلبية لثورة الاتصالات*د. سمير قطامي

 الراي-ينهال عليك هذه الأيام كمّ هائل من الفيديوهات والرسائل والتعليقات والتحليلات.. وكلها تنظّر لأحوالنا السياسية والاقتصادية والمعيشية والعشائرية.. وتكشف لك سلوكيات بعض المسؤولين المشينة! حتى تظنّ، إزاء هذا الطوفان، أن أبناء الشعب الأردني قد أصبحوا علماء في السياسة، خبراء في الاقتصاد، قادة استراتيجيين في العسكرية، محقّقين سريين مثل كولمبو، يدخلون غرف المسؤولين ويصورونهم في مخادع نومهم.. ولاندري كم تنطوي عليه كثير من هذه المشاركات من حقائق أو أكاذيب!

 
أما الأمر المفزع حدّ الرعب أن كثيرين منا يعيدون نشر وتوزيع ما يردهم دون تمحيص، أو تفكير بصحة ما ورد فيه، ودون سؤال أو تساؤل عمن وراء توزيع مثل هذه الفيديوهات أو المشاهد الخاصة جدا، إذا كانت حقيقية، وكيف حصلوا عليها؟
 
وصل إليّ من أكثر من مصدر، فيديو لفتاة ترقص على طاولة في مطعم، مشفوع بتعليق أن الصورة لإحدى وزيرات الدكتور الرزاز، وقد طار هذا الفيديو بسرعة البرق، وأصبح حدبث الناس على أنه صحيح، علما بأن فتاة الفيديو لا تشبه الوزيرة المعنية من قريب أوبعيد، وأن الفيديو في لبنان وليس في الأردن، ولكن من يسأل أو يدقق في الصورة؟ كما وصل إليّ فيديو آخر، على أنه لنائب أردني، يعتدي على سيدة جنسيا، ووزع هذا الفيديو على نطاق واسع، وكان كل من وصل إليه هذا الفيديو، يضع علي) share) ويوزعه على نطاق واسع دون أن يسأل أحد نفسه كيف وصل هذا الفيديو إلى الناس، إذا كان التصوير في مكتب النائب، وبشكل سري؟ ومن له مصلحة في التشهير؟
 
تبيّن بعد ذلك أن الفيديو من المغرب وليس في الأردن، ومع ذلك انتشر انتشار النار في الهشيم، فمن ينقذ سمعة الناس، ويصون حرمة النساء في بلدي؟
 
لابد من الاعتراف أن وسائل الاتصال قد تطوّرت تطورا مذهلا إلى حدّ العجز عن استيعاب هذا التطور، ولابد من الاعتراف أيضا أن عالم الاتصالات الحديثة، بتقنياته المتطورة والخارقة، أصبح قادرا على كشف المستور والمخفي، واقتحام الخصوصيات، وغدت أجهزة الاتصالات الحديثة، ببرامجها وتطبيقاتها المختلفة، أجهزة تجسس وتنصّت على أصحابها، ليل نهار، لصالح الشركات المشغلّة، كما أصبحت أجهزة بناء وتركيب وفبركة، لكل ما لا يخطر في البال، من مشاهد وصور وأوضاع... ولذا علينا أن نكون حذرين ونحن نتعامل مع أخبار المواقع والفيديوهات التي تصل إلينا، لأن الغالبية العطمى من أخبار وفيديوهات المواقع غير صحيحة أودقيقة، ناهيك عن استخدامها للابتزاز.
 
استغلت الدول المتقدمة ثورة الاتصالات لما ينفع الناس ويبني المجتمع، أما نحن فاستغللناها في الإساءة واغتيال السمعة والشتائم وبثّ الأحقاد والكراهية بين أبناء المجتمع، وحولنا ثورة الاتصالات إلى ثورة تدمير وإقساد وتمزيق، فهل هناك وسيلة لإيقاف تلك المذبحة التي نشارك فيها جميعنا؟