شهد قطاع الاتصالات، خلال السنوات الماضية، تطورا ملموسا، وخصوصا على مستوى استخدام وانتشار خدمات الإنترنت بين أوساط الأردنيين، في وقت أصبحت فيه هذه الخدمات دعامة أساسية لعملية التحول الرقمي التي تمضي المملكة في الاندماج فيها ونشر تطبيقاتها في مختلف القطاعات الاقتصادية.

ويدعم هذا الانتشار، وعملية التحول الرقمي، بنية تحتية متطورة تتواجد اليوم في السوق الأردنية وشبكات اتصالات متطورة من الجيلين الثالث والرابع، مع تواصل ضخ استثمارات كبيرة لشركات الاتصالات الرئيسية التي بدأت تنشر خدمات الفايبر عالية السرعة في مختلف مناطق المملكة، فيما تسعى الحكومة لإنجاز شبكة الألياف الضوئية التي تهدف الى ربط جميع المؤسسات الحكومية والصحية والتعليمية.

ويعد توافر وانتشار خدمات الإنترنت في الأردن عاملا أساسيا لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والقطاعات الاقتصادية الأخرى، فيما حفز انتشار الخدمات بسرعات عالية المئات من الشباب الأردني خلال السنوات العشر الماضية لإطلاق مشاريعهم الريادية التقنية التي بدأت تسهم في الاقتصاد والتوظيف وعملية التحول الرقمي.

ورصدت “الغد” تطور وزيادة انتشار واستخدام الإنترنت في منازل الأردنيين على مدار السنوات العشر الماضية؛ حيث تظهر نتائج مسح استخدام وسائل الاتصالات في منازل الأردنيين أن نسبة الأسر الأردنية التي تقتني خدمات الإنترنت في نهاية العام 2017 حوالي 89 %.

وتظهر نتائج المسح نفسه الذي نفذ قبل عشر سنوات، أن هناك قفزة كبيرة في انتشار الإنترنت في منازل الأردنيين؛ حيث بلغت نسبة الأسر التي كانت تقتني الخدمة في العام 2007 حوالي 16 % فقط.

كذلك زادت نسبة الأسر التي تقتني الخدمة الخلوية من 86 % في العام 2007 الى حوالي 98.4 % في العام 2017. 

هيئة الاتصالات أعلنت قبل أيام مؤشرات انتشار خدمات الاتصالات في المملكة والتي وصلت إلى مستويات متقدمة؛ حيث زاد عدد مشتركي الخلوي مع نهاية الربع الثالث من العام 2018 على 9 ملايين مشترك بنسبة انتشار وصلت الى 59ر88 %، وبلغ عدد المشتركين في خدمة الانترنت 4ر9 مليون مشترك بنسبة انتشار وصلت الى 93 %، فيما بلغ عدد المشتركين في خدمة الهاتف الثابت 133ر321 ألف مشترك بنسبة انتشار بلغت 14ر3 %.

وأكدت الهيئة أنها ستورد الى خزينة الدولة ما قيمته 120 مليون دينار نتيجة منح تراخيص جديدة لشركات وترددات في القطاع الذي يشهد منافسة شديدة، مقارنة مع 49 مليون دينار قيمة ما وردته الهيئة الى الخزينة في العام 2018.

ويأتي هذا التطور في انتشار خدمات الاتصالات في المملكة في ظل دعم ورعاية جلالة الملك عبدالله الثاني لهذا القطاع الحيوي الذي أولاه منذ تقلده سلطاته الدستورية اهتماما كبيرا؛ حيث كان جلالته أكد في أكثر من مناسبة، خلال السنوات الماضية، أهمية دعم “تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”، وتعزيز دور الأردن كمركز ريادي في هذا القطاع على مستوى المنطقة؛ حيث أصبح قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يسهم بنسبة 12 % في الاقتصاد الأردني.

وبالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات، فقد شهد تطورا ملموسا خلال السنوات الماضية؛ حيث زادت إيرادات القطاع وحده من 60 مليونا الى 658 مليون دولار في نهاية 2016.

وقفز الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة 111 % في العام 2016، ليسجل 18 مليون دولار، مقارنة مع 8.5 مليون دولار بنهاية 2015.

وسجلت صادرات قطاع تكنولوجيا المعلومات الأردني أيضا قفزة خلال السنوات الماضية لتسجل في نهاية العام 2016 حوالي 226 مليون دولار بالمقارنة مع 12 مليون دولار في العام 2000.

وغطت صادرات قطاع تكنولوجيا المعلومات الأردني 32 دولة؛ حيث استحوذت الإمارات على 36 % من صادرات القطاع في العام ذاته، تلتها السعودية بـ23.2 %، العراق 14 %، بريطانيا 7.1 %، أميركا 5.9 %، الكويت 3.4 %، فلسطين 2 %، وعُمان 1.3 %.

وحفز تطور قطاع الاتصالات، خلال السنوات الماضية، الشباب الأردنيين، على التوجه لتأسيس شركات ناشئة وريادية في تقنية المعلومات بدأت تسهم في توظيف الشباب وتطوير المحتوى العربي على الإنترنت، لعل أبرزها شركت “مكتوب” التي اشترتها شركة “ياهوو” قبل سنوات عدة بعشرات ملايين الدولارات، أعقبها إنشاء ودخول عشرات الشركات الريادية الأردنية التي أسهمت كثيرا في تطوير القطاع وفي التوظيف.

ولتحفيز ريادة الأعمال في تكنولوجيا المعلومات، أطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات ومشاريع عدة تهدف الى مساعدة الشباب على تحويل أفكارهم الى مشاريع إنتاجية في القطاع مثل صندوق اويسس 500 الذي أطلق في العام 2010، ومختبر الألعاب الإلكترونية، ومبادرة الألف ريادي التي أطلقتها جمعية “إنتاج” بالتعاون مع وزارة الاتصالات ومبادرة “دارة الريادة”، كما قامت شركات الاتصالات الرئيسية بإطلاق منصات وبرامج لدعم الريادة منها منصة “زين” للإبداع “زينك”، ومنصة شركة “أمنية” لدعم الريادة “ذا تانك”، وبرنامج “أورانج” لدعم الرياديين “بيج”، كما جرى إطلاق الصندوق الأردني للريادة لتسهيل عمليات الاستثمار والتمويل في قطاع الريادة.