أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Jul-2017

الفساد أحد أهم مشاكل التنمية المستدامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم
الدستور  -
 
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني دراسة بعنوان «منظومة للسلوك والنزاهة: وسيلة لمكافحة الفساد»، حيث أشار المنتدى إلى أن الفساد يعتبر أحد أهم مشاكل التنمية المستدامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم؛فالفساد يقوّض الثقة العامة في الحكومة والشركات الخاصة، ويسبب الظلم، ويقلّل من كفاءة العمليات المختلفة، كما ويعيق القدرة على الاحتفاظ بموظفين ذوي جودة عالية، ويعيق جذب الاستثمارات التجارية، ويسبب هدر الموارد والأموال. وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الفساد تساوي أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أو 2.6 تريليون دولار أمريكي (OECD, 2014) مع أكثر من 1 تريليون دولار أمريكي يتم دفعها حول العالم سنوياً على شكل رشاوٍ (World Bank, 2017).
 
ويؤثرالفساد على المجتمعات بطرق عديدة، فلقد أشارت دراسة المنتدى إلى أنه يمكن تقسيم تكلفة الفساد إلى أربع فئات رئيسية: الاقتصادية والبيئية والسياسية والاجتماعية، وذلك وفقاً لصندوق النقد الدولي ومنظمة الشفافية الدولية. ويمكن تلخيص الآثار الناجمة عن هذه الفئات الأربع: بانخفاض في فعالية المساعدات وتعريض الدولة إلى أزمة نقدية وزيادة عدم المساواة وارتفاع معدلات الفقر وفقدان شرعية الحكومة وخسارة الثقة العامة وتقليل الاستثمار (بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر) واستنزاف الموارد الطبيعية وتدمير الأنظمة البيئية وتقليل النمو الاقتصادي وتحويل إنفاق الحكومة من الأنشطة الأكثر إنتاجية إلى الأنشطة الأقل إنتاجية.
 
كما أوضحت الدراسة بأن الفساد يؤثر في الأعمال التجارية الخاصة، حيث يمكن أن يحوّل هذه الأعمال إلى قوة تقوّض المنافسة العادلة وتخنق النمو الاقتصادي وتضعف في نهاية المطاف وجود هذه الأعمال نفسها، حيث يسبب الفساد صعوبة في ممارسة هذه الأعمال وزيادة باهظة في تكاليفها. ولقد أشار المنتدى الاقتصادي العالمي بأن الفساد يزيد التكاليف في العالم وفي القطاع الخاص بمعدل أكثر من 10%. ووفقاً للدراسات الاستقصائية لمجموعة البنك الدولي للعام 2016 فقد وُجد أن 53.2% من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اعتبرت الفساد بمثابة العقبة الرئيسية أمام ممارسة الأعمال التجارية.
 
وبينت الدراسة تأثير الفساد على ريادةالأعمال،حيث يؤثر الفساد على الابتكار في الشركات الناشئة بشكل أكبرلأنها تخضع لإجراءات تنظيمية أكثر أو أشد صعوبة من تلك الخاصة بالشركات القائمة، مما يؤدي إلى التأثير سلباً على الإنتاجية وتقليل الربح. 
 
كما أوضحت دراسة منتدى الاستراتيجيات الأردني الفائدة التي تجنيها الأعمال التجارية من خلال مكافحة الفساد والشفافية والحوكمة في الشركات،فأشارت إلى أن ذلك سيجذب كل من العملاء والمستثمرين والموظفين والموردين الذين يشعرون بالقلق إزاء المخاطر المرتبطة بالفساد، بالإضافة لجذب أولئك الذين يقدرون قيمة الممارسات الأخلاقية، مما يؤدي إلى ثلاثة فوائد رئيسية ملموسة وهي: توفير التكاليف وتقليل المخاطر والنمو المستدام.
 
وبحسب تحليل المنتدى تميل الدول الأعلى تصنيفاً في مؤشر مدركات الفساد أي الأقل فساداً إلى وجود درجة أعلى في حق الحصول على المعلومة وحرية الصحافة ونزاهة موظفي القطاع العام واستقلال النظام القضائي.ولقد حصلت الدنمارك ونيوزيلندا وفنلندا والسويد وسويسرا على أفضل خمسة مواقع على مؤشر مدركات الفساد على الترتيب. أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فلقد كانت الإمارات العربية المتحدة (المرتبة 24)وقطر (المرتبة 31) أفضل الدول على مؤشر مدركات الفساد، بينما احتلت الأردن المرتبة 57 والمملكة العربية السعودية المرتبة 62. ولقد أدّى الفشل في محاربة الفساد إلى الهبوط الحاد للمؤشر في معظم الدول العربية، حيث أحرزت 90% من الدول العربية نتيجة أقل من 50 نقطة (من مجموع 100 نقطة)، والتي تعتبر درجة متدنية جداً، بما فيها الأردن الذي أحرز 48 نقطة في مؤشر مدركاتالفساد لعام 2016.
 
وتشير الدراسة إلى أنه وفي الأردن تم التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) عام 2005، وعمل الأردن على تبنّي عدّة قوانين للتصدي للفساد داخل الدولة شملت قانون العقوبات (رقم 16 لعام 1960) وقانون هيئة مكافحة الفساد (رقم 62 لعام 2006) وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (رقم 46 لعام 2007) وقانون ضمان حق الحصول على المعلومات (رقم 47 لعام 2007) وقانون الجرائم الاقتصادية (رقم 11 لعام 1993) وقانون ديون المظالم (رقم 11 لعام 2008) وقانون الكسب غير المشروع (رقم 21 لعام 2014)، وقانون النزاهة ومكافحة الفساد (رقم 13 لعام 2016) الذي ألغى قوانين مكافحة الفساد وقانون المظالم السابقة وجمع بينها.
 
وعلى الرغم من إحراز الأردن تقدماً في وضع إطار قانوني ومؤسسي لمكافحة الفساد، إلا أن تنفيذ برنامج فعال لمكافحة الفساد في الأردن يتطلب التعاون ما بين القطاعين العام والخاص. ولقد قامت غرفة التجارة الأمريكية في الأردن في عام 2016 بنشر إطار لمنظومة سلوك ونزاهة للقطاع الخاص ليتم الموافقة عليه من قبل لجنة النزاهة ومكافحة الفساد.  كما أقرت الحكومة ومنظمات داخل الأردن بالحاجة إلى مبادرات وإصلاحات في القطاع الخاص. وللأسف فإن هذه المبادرات لم تكن كافية في الحد من الفساد بشكل كبير، حيث أدت العديد من الأسباب إلى عدم نجاح محاولات الأردن الماضية للإصلاح منها:
 
1.المقاومة الثقافية.
 
2.الافتقار إلى الاحتراف في إدارة الموارد البشرية.
 
3.الافتقار إلى الخدمات والمدققين الذين يمكنهم أن يساعدوا الشركات على تبني منظومة للسلوك والنزاهة بالإضافة إلى الافتقار إلى المعرفة والوعي في عملية شهادات الاعتماد.
 
4.الافتقار إلى مشاركة أصحاب المصلحة للمساعدة في تعزيز منظومة السلوك والنزاهة (مثل وسائل الإعلام والأعمال التجارية والقطاع الأكاديمي والمنظمات غير الحكومية).
 
5.عدم وجود منظومة نزاهة موحدة.
 
ولقد شددت الدراسة على أنه وبالرغم من أن مقاضاة الفاسدين يعتبر أمراً هاماً لإثبات أن الفساد قضية لا ينبغي التسامح معها وأنه لا توجد حصانة لسوء السلوك، فإن مكافحة الفساد لا تقتصر على العقاب فحسب، بل ينطوي النهج الشمولي للتصدي للفساد على منعه أصلاً، والذي ويتم من خلال 1) بناء أنظمة حكم رشيد تتمتع بالشفافية، 2) تعزيز قدرة المجتمع المدني ووسائل الإعلام، 3) تحسين النزاهة العامة، 4) تعزيز الأخلاق الشخصية للأفراد،و 5) تحدي الأعراف الاجتماعية التي تشجع الفساد. وخلصت الدراسة إلى أن الخطوة الأولى والقاعدة الأساسية لمحاربة ومنع الفساد هي خلق وتأسيس منظومة للسلوك والنزاهة لمحاربة ومنع الفساد، حيث تعرّف منظومة السلوك والنزاهة على أنها مجموعة من القواعد التي تحدد الأحكام والمسؤوليات لأي فرد أو منظمة (PAIB Committee, 2007). ولا يلزم أن تكون المنظومة معقدة بل ينبغي أن تحدد الأمور المتوقعة من الشركة بشكل عام. وتمثّل منظومات السلوك والنزاهة خطوة هامة لخلق «ثقافة شمولية»، كما تساعد الشركات على فرض وتنفيذ سياسات وإجراءات قانونية وأخلاقية لجميع أنواع صنع القرار.  كما ركزت الدراسة على أنه لا ينبغي اعتبار منظومات السلوك والنزاهة عبئاً على الشركة، بل أساساً لقيمها الجوهرية، فكلما كانت بنود منظومة السلوك والنزاهة وتنفيذها أفضل كان أداء الشركة في السوق أفضل، إذ تحافظ الأعمال التجارية على مسارها الصحيح بسبب ارتباطها المباشر بصناعة القرار.
 
ويجب ملاحظة أنه ومع أن منظومات السلوك والنزاهة ضرورية لمكافحة الفساد، إلا أنها لا تكفي لوحدها خاصة في القطاع الخاص. فإذا لم تقترن هذه المنظومات بقواعد الحوكمة الرشيدة، قواعد الامتثال، قواعد الإفشاء، الشفافية، المحاسبية، وحماية المخبرين على المدى الطويل، فإن هذه المنظومات سوف لن تعمل. 
 
بالتالي فهناك حاجة متزايدة لبرامج امتثال معتمدة في الأردن تبنى على منظومات للسلوك والنزاهة لمكافحة الفساد، والتي سوف لن تفيد الأعمال محلياً فحسب بل ستكون على درجة عالية من الأهمية للشركات الأردنية التي تنوي العمل مع الشركات الدولية؛ حيث يمكن للقطاعات الأردنية من خلال إنشاء منظومة للسلوك والنزاهة واتباعها أنتقوّي نفسها وتسهل الطريق نحو الأعمال التجارية الأجنبية، والذي يمكن تحقيقه من خلال برنامج مكافحة فساد وامتثال معتمد من قبل ISO 37001*.
 
ولمساعدة الشركات الأردنية على تبني منظومة للسلوك والنزاهة فإن منتدى الاستراتيجيات الأردني يوصي بما يلي:
 
1.نشر الوعي بأهمية وفوائد وجود منظومات سلوك ونزاهة للشركات الخاصة والمجتمعات والدولة ككل، وذلك بمساعدة وسائل الإعلام والمجتمع المدني.
 
2.تدريب شركات الاستشارات الأردنية في مجالات التدقيق/الإدارة على خلق منظومة للسلوك والنزاهة، وتحضير برامج مكافحة الفساد والامتثال، وتلبية متطلبات ISO 37001.
 
3.تشجيع الحكومة على تقديم حوافز للشركات التي تتبنى منظومات للسلوك والنزاهة وبرامج لمكافحة الفساد والامتثال معتمدة.
 
4.تحفيز الحكومة على أن تكون قدوة في تبني منظومة للسلوك والنزاهة خاصة بها، والحصول على اعتماد لكل الشركات المملوكة من قبل الحكومة.
 
5.دعوة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي إلى تبني منظومة للسلوك والنزاهة، والطلب من جميع الشركات التي يستثمر الصندوق فيها إلى تبني تلك المنظومة أيضاً مع إجراء التعديلاتالمناسبة، وتأسيس برامج لمكافحة الفساد والامتثال خاصة بهذه الشركات واعتمادها.
 
6.تشجيع صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي على جعل امتثال أي شركة يرغب الصندوق في الاستثمار فيها لمنظومة سلوك ونزاهة معتمدة شرطاً مسبقاً.
 
7.تحسين فعالية وتنفيذ القوانين الأردنية التي تم وضعها لمعالجة الفساد.