أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Apr-2014

الكسب غير المشروع*أ.د. مصطفى محيلان

الراي-جاء في بيان قوله تعالى (وأقيموا الوزن بالقسط) أنه يحتمل وجهين :
أحدهما: أقيموا بمعنى قوموا به كما في قوله تعالى (أقيموا الصلاة) أي قوموا بها دواما، وثانيها: أن يكون أقيموا بمعنى قَوِموا، فيقال: في العود أقمته وقومته، والقسط العدل. وعليه فالأساس في التعامل بين طرفين كشخصين أو شخص ومؤسسة أن تكون العلاقة والتعامل محكومة ومستندة إلى أسس بينة مُنصِفة حافظة لحقوق كل منهما، فلا ينقلب أحدهم على الآخر كلما رغب بذلك، بل على كل منهم حق وواجب تجاه الآخر فلا ظُلم ولا بخس ولا إبتزاز (ولا تخسروا الميزان)، وبذلك نهي عن التهاون بالعدل سواء لغفلة أو تسامح أو قصد ثابت بعد أن نُهي عن الطغيان فيه، وهذا يدل على شدة عناية الله بالعدل بين الناس وحتى بين الناس ومؤسساتهم، وقوله أيضاً (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) ففي الكتاب تبيان للحقوق وفي الميزان آلية المقارنة لإظهار حالة التساوي أو التفاوت.
هذه مقدمة أسردها الهدف منها هو التذكير بما يجب أن يعرفه المُضربون عن العمل مراراً وتكراراً هنا وهناك، إضرابات عن العمل ينفذها طوعاً عمال شركات ومناجم ومؤسسات وحتى بعض العاملين في جامعات أردنية على خلفية مطالب كبُرت أم صغُرت، في الحقيقة هي أجراءات مؤذية للوطن وللمواطن وللمؤسسة « تلك التي كان من المفترض أن يحرص من يهجرونها على حسن سير العمل فيها»! أولئك هم الضاربون صفحاً عن العدل في التعامل معها فلا ينتهون، وهذه من صفات القوم المسرفين، وما الخروج عن الميزان في التعامل سوى الإسراف بحق الله والنفس والناس والأشياء.
فما من صرح علمي أو تجاري أو صناعي أو خدمي إلا ويطمع ويطمح أصحابه أو القائمون عليه أو الدولة «بهذه الحالة» من أن يصل إلى موقع متميز سواء بذاته لذاته أو للعاملين به، وليكون بيئة عمل ايجابية وبعلاقات مستقرة بين العمال وأصحاب العمل، أساسه حماية حقوق العمال وتحقيق امتيازات أفضل لهم وللمؤسسة المُشغِلة لهم وللوطن.
ولا أود هنا أن أسرد مضار الأضرابات «أو محاسنها عند البعض» فالكل يعلمها، ولكنني أود التوقف عند الظلم الحاصل من الإضراب، وهو هنا ظلم الوطن والمواطن وهما اغلى ما نملك، فهل من العدالة:
أن يتقاضى أحدهم راتبا وهو مضرب عن العمل فيأخذ من دون أن يعطي؟.
وهل يبارك الله له في كسبه «غير المشروع» ولا أقول رزقه فلا ييسر الله لعبد مال حرام؟!.
أليس من العدل أن يُبلِغ المضرب عن العمل المؤسسة التي يعمل فيها عن عدد الأيام التي أضرب فيها، فيحسم بدلها المالي من راتبه برغبته، فعلى الأقل يكون مضربا أمينا وليس مضربا هارباً عن عمله؟
هل نخدم الوطن بعدم العمل؟ وهل نخدم المواطن؟!
هل بإنهيار المؤسسات وبإفلاس الشركات مصلحة عليا؟ أم هي غالباً تحقيق مكاسب مالية للعاملين فيها كان يمكن الوصول إليها بأقل تكلفة من ذلك؟ وهل هذا مبرر للإتيان على بنائها من القواعد، فيما لو استمر الإضراب؟
أليس هناك بدائل مثل، التفاوض المسبق بين الأطراف للوصول إلى حلول مرضية.
اليس هناك مندوب توفيق ومجلس توفيق؟
اليس هناك محاكم عمالية تنظر في النزاع في حال عدم التوصل إلى حلول مستندة إلى ما سبق؟
أفلا نُحَكِم «ضمائرنا» الميزان فينا بالقسط، قبل أن نوزن نحن به في ساعة حساب ولا عمل؟
خلاصة القول: إن وضع الوطن الإقتصادي والأمني والإجتماعي لا يسمح بظلم ولا بتمرد ولا حتى بإضراب، فهل وصلت الرسالة إلى المواطنين ؟