أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Feb-2019

الأردن والعراق.. بيانات مكررة* د. صبري الربيحات

 الغد

من يستمع للبيانات التي يلقيها الساسة العراقيون والأردنيون بخصوص العلاقات بين البلدين يظن أنهما دخلا في وحدة اقتصادية ولم يعد هناك أي عوائق في أي من مجالات التجارة والتنسيق والتعاون. هذا الانطباع الذي قد تشكله التصريحات والبيانات لا سند له على أرض الواقع فالتبادل التجاري ضعيف والرسوم للنقل والمرور مرتفعة وتنقل البضائع والركاب يحتاج الى أذونات ورخص قد لا تعطى في كثير من الاحيان.
تاريخ العلاقة بين العراق والأردن شابه الكثير من التقلبات وصلت في إحدى مراحلها الى الوحدة بين المملكتين قبل ان تحصل الثورة والانفصال والتحول الى عداء وقطيعة لدرجة أن جواز السفر الأردني يسمح لحامله زيارات لكافة الأقطار ما عدا العراق كما حصل في أعقاب الانقلاب وحتى سبعينيات القرن الماضي وقبل ان تعود العلاقات ويحدث التقارب خلال الحرب العراقية الإيرانية وسنوات الحصار الأميركي وحتى احتلال أميركا للعراق.
اليوم يرى الكثير من التجار والصناعيين الأردنيين ان الفرص المتاحة للبضائع والمنتجات الأردنية في السوق العراقي لا حصر لها ومع ذلك فان محاولات الحكومات الأردنية المتعاقبة خلال الفترة اللاحقة للاحتلال الأميركي للعراق لم تحقق النجاح المرجو ولم تفلح في تبني سياسات ملائمة ومقنعة تمكن المنتج والتاجر والمقاول الأردني من الوجود في السوق العراقي وجودا فاعلا ومجديا.
في كل مرة يلتقي فيها الساسة الأردنيون بنظرائهم العراقيين تصدر البيانات التي تبعث على التفاؤل وتجدد الامل بتطور العلاقات الاقتصادية والسياحية والسياسية بين البلدين وفي كل مرة يتبدد الامل قبل ان يجف حبر التواقيع على الاتفاقيات المبرمة بين البلدين دون معرفة الاسباب الحقيقية لذلك.
منطقيا تبدو المهمة سهلة لكنها في الواقع بالغة التعقيد. منذ ايام صرح رئيس الوزراء العراقي بأن بلاده ستقدم النفط للأردن بأسعار تفضيلية مقابل أن يقوم الأردن بخفض الرسوم على المستوردات العراقية القادمة عبر ميناء العقبة.
تصريح المسؤول العراقي مهم لكلا البلدين لكنه ليس مستغربا ولا جديدا فقد ظهر نفس التصريح في اعقاب لقاء المالكي بالبخيت العام 2006 والعبادي بنظرائه من رؤساء وزراء الأردن ممن التقاهم خلال فترة ولايته.
الحديث عن التعاون الأردني العراقي يفوق بكثير ما يتحقق على الارض. ربما انها المرة الخامسة التي يجتمع فيها الأردنيون مع نظرائهم في الحكومة العراقية ويصدر فيها بيان ختامي يتحدث عن النفط بأسعار تفضيلية وخط نفط يصل بين البصرة والعقبة وكثير من الافكار لتعاون اقتصادي يحتاج له الأردنيون والعراقيون .
في الفترة التي اعقبت احتلال العراق كانت الطموحات عالية والآمال كبيرة فتناوب الأردنيون والعراقيون على استضافة لقاءات متعددة بأجندات مكتظة. النفط والتجارة وإلاعمار وتسهيل التنقل والتعاون الامني كانت على قائمة الاجتماعات التي تؤكد مع انتهاء جلساتها على عمق العلاقات وضرورة التعاون واهمية التنسيق وما الى ذلك من الأدبيات المجردة من الخطط والقرارات التي يمكن ان تنعكس على واقع التجارة والتبادل والمرور والأمن وغيرها من القضايا الحيوية والمهمة لكلا الطرفين.
العلاقات الأردنية العراقية ستبقى تراوح مكانها مهما تحسنت اللغة المستخدمة في البيانات ما لم يتجاهل البلدان الاصطفافات والمحاور التي تشكلت على مدى العقدين الأخيرين. التاجر الأردني والمواطن العراقي والمقاول والمستثمر والسائح يودون الانتقال بين البلدين بحرية دون الامعان في التدقيق وهيمنة المخاوف والشكوك التي يروج لها البعض ويحاول إلزام الآخرين باستخدامها والتعبير عنها في القول والموقف والفعل.
الأردن والعراق يتشاركان بالكثير من الخصائص والصفات والتطلعات التي ينبغي اعتمادها اكثر من البحث في حواشي الكتب الصفراء عن الاختلافات التي لم نكن نعرفها قبل حضور الأميركان وأصدقائهم الى المنطقة.