أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2017

حرائق الفساد*باسم الطويسي

الغد-حرائق مديريات العمل الذي شهدتها الرصيفة والمفرق الأسبوع الماضي، فيما يبدو خشية من الكشف عن قضايا فساد ماتزال رهن التحقيق، هي ليست الأولى؛ إذ لجأ فاسدون إلى حرق مؤسسات حكومية وأهلية لإخفاء جرائم فساد من خلال إتلاف الوثائق، على مدى سنوات طويلة. ولطالما عدت تلك الحرائق حوادث وسجلت ضد مجهول، حينما كانت تعمل الماكينات الاجتماعية والسياسية على غسل الفساد الصغير والكبير والتغاضي عنه.
حوادث الأسبوع الماضي تعد إمعانا في الاستقواء على القانون والدولة، وقبلهما استقواء على المجتمع؛ صاحب المصلحة الأولى في النزاهة ووقف الفساد. لسنوات طويلة، كانت تقارير ديوان المحاسبة تذهب نسيا منسيا، ولا تتم بشأنها متابعة جادة بالمعنى المهني. وحتى الأخبار عنها كانت تصاغ وتقدم بطريقة بروتوكولية؛ فلم نتعود أن نقرأ أو نسمع أو نشاهد متابعات جادة من وسائل الإعلام عن التجاوزات التي تشير إليها. زد على ذلك مناقشات البرلمان لتلك التقارير؛ إذ لم تكن هي الأخرى تتجاوز الإنشاء السياسي المعهود في التأكيد على محاربة الفساد والفاسدين، ثم تطوى الصفحة. والأمر ذاته كان يحدث، إلى حد ما، مع تقارير وبلاغات من داخل المؤسسات.
هذه المرة، حولت الحكومة إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أكثر من 30 قضية للتحقق من وجود شبهات فساد فيها، منها قضايا تتعلق بالتلاعب والتزوير بتصاريح العمل لدى عدد من مديريات العمل. وعلى إثر بدء عمليات التحقق، تم إشعال النيران في مكاتب العمل في الرصيفة والمفرق. وهو الأمر الذي قد يذهب إلى وجود عصابات تتاجر بتصاريح العمل وبالعمالة الوافدة، بعضها شركات وهمية تستخدم وثائق ملكية أراض زراعية مزورة وغير موجودة أصلا، إلى جانب وجود شركات وهمية تقوم بالإتجار بالبشر عن طريق جلب العمالة الوافدة والإتجار بها.
جدية الحكومة ووزارة العمل تحديدا، بحاجة إلى أن يبنى عليها. وبالمناسبة، هذه فرصة كبيرة للحكومة بأن تستعيد جانبا من ثقة المجتمع، وسط القرارات الاقتصادية القاسية التي اتخذتها والأخرى المنتظرة. وعلينا الاعتراف أنه وسط بيئة سياسية وإدارية رخوة شهدتها الدولة في سنوات مضت، نمت شبكات من المصالح تشبه التنظيم المفتوح الذي يدير مصالحه على حساب الدولة والمجتمع. ولهذا التنظيم قواعده ومعاييره غير المعلنة، لكنها معروفة، وإحدى أدواته الفاعلة تعطيل القانون، وحماية مصالحه بكافة أشكال الفساد والتلاعب والتزييف وبيع الأوهام. هذا التنظيم المفترض يقود حملات مبرمجة، ويخوض حروبا، ويحصن دفاعاته داخل المؤسسة الرسمية وخارجها. وللأسف، يبدو أن بيئة الإعلام الرخوة أيضا توفر له ملاذات، وتمارس أحيانا دور رأس الحربة في بعض هجماته.
المسألة التي لا تقبل التخمين تبدو في أن معركة الفساد وتبييض الصفحات لا يمكن أن تخاض بالتجزئة، ولا يمكن أن تأتي بنتائج سياسية واجتماعية إذا بقيت تقوم على الانتقائية. فالعمل الجاد الذي سوف يحرك الوعي العام ويستعيد الثقة بأن الدولة هي الضامنة للنزاهة والعدل، يتمثل بأن يصل إلى قناعة الناس أنه لا توجد خطوط حمراء في مكافحة الفاسدين، حتى إن حرك ذلك زلزالا كبيرا.