أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2018

التهاب أسعار عقارات المدن الراقية نتاج للأزمة المالية

فايننشال تايمز - 

في ربيع 2008 العاصف، لم يكن الانكماش العقاري المتدهور في المملكة المتحدة قد بلغ بعد سلون ستريت في وسط لندن. بعد مرور عام كامل على بداية الانقباض الائتماني، وتدافع العملاء لسحب أرصدتهم من بنك نورثرن روك – الذي أطلق شرارة انزلاق انتهى بتلاشي أكثر من 20 في المائة من متوسط أسعار المساكن – ظل مكتب سافيلز المحلي صامدا في تسيير معاملات مبيعات وفيرة.
يقول جوناثان هيوليت، رئيس منطقة لندن: "كانت لدينا سنة رائعة مزدهرة في عام 2007. في النهاية العليا، واصلت القيم ارتفاعها في عام 2008." وجاءت إيصالات لشراء المساكن التي كانت أسعارها 50 مليون جنيه استرليني، و60 مليون جنيه استرليني، وحتى 70 مليون جنيه استرليني.
ويضيف: "ثم انهار بنك ليمان براذرز وتغير كل شيء. كان يبدو على النظام المصرفي أنه في حالة انهيار". ويتذكر تلقي مكالمات من عملاء قلقين يريدون خفض نسبة 35 في المائة من سعر الطلب.
يقول ليام بيلي، الرئيس العالمي للأبحاث في شركة نايت فرانك: "كان الأمر قاتما. من تشرين أول (أكتوبر) 2008، توقفت السوق إلى حد كبير".
وعندما انتعشت مرة أخرى بعد نحو ستة أشهر، بدأت سوق لندن الراقية - وغيرها من الأسواق الراقية في جميع أنحاء العالم - تتصرف بطريقة مختلفة عن الطريقة التي كانت عليها من قبل.
تقول يولاند بارنز، رئيسة قسم الأبحاث العالمية في شركة سافيلز: "كانت فكرة المدينة العالمية موجودة في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، لكن ما حدث بعد عام 2008 هو أن هذه المدن قد تجانست. لقد بدأت تتصرف إلى حد كبير مثل بعضها البعض، بشكل يشبه كثيراً مدينة-الدولة المستقلة، أكثر بكثير مما فعلت في أسواقها المحلية".
استنادًا إلى مؤشر تقرير الثروات السنوي، فريق البحث في "نايت فرانك" بجمع بيانات من ثماني مدن عالمية، مبينًا كيفية أداء أسواق العقارات الراقية في السنوات العشر التي انقضت منذ الأزمة المالية - وباستثناء عدد قليل من القيم الناشزة، يبدو أن نفس القوى كانت هي من تؤثر فيها.
ووفقًا لبارنز، فإن نقطة التحول كانت بداية عام 2009، في الوقت الذي بدأ فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي إجراءات التخفيف الكمي في الولايات المتحدة، والتي اتّبعها بنك إنجلترا بسرعة.
وكما تقول: "بالنظر إلى الوراء، لم نكن نفهم تماما ما سيفعله التيسير الكمي على مستوى العالم". إجراءات البنوك المركزية عززت أنواعًا معينة من المشترين من خلال تضخيم الأسعار، وخفض العائدات في جميع فئات الأصول. "ما حدث كان، للمرة الأولى، هو تشابه تكلفة المال في معظم المدن– تستطيع أن تقول إن التسهيل الكمي عمل على تسوية ميدان اللعب العالمي، بشكل متكافئ للجميع".
يقول توني كي، أستاذ اقتصاديات العقارات في كلية كاس للأعمال: "كان أول ما حدث بعد الأزمة المالية هو الهروب إلى بر الأمان. الذي حدث هو أن الجميع قرروا أنهم لا يريدون الاستثمار في بلدان من شاكلة كازاخستان وفيتنام، لذلك عادوا إلى العقارات الراقية في المدن الراقية".
كانت لندن من بين الأهداف الرئيسية لديهم. منذ عام 2009، كان المزيج الذي يجمع بين أسعار الفائدة المنخفضة، وضعف الجنيه، وتراجع أسعار المساكن، يجتذب الأموال من صناديق الثروة السيادية والمستثمرين المؤسسين والمشترين من القطاع الخاص.
بين عامي 2010 و2013، كانت لندن هي سوق العقارات الراقية الأسرع نمواً في العالم. وبحلول الربع الثالث من عام 2013، كانت مساكنها الراقية هي الأغلى في العالم، حيث بلغ سعر المتر المربع الواحد 43 ألف دولار، مقارنة بـ 42162 دولارا في هونج كونج وأكثر من 33 ألف دولار في مانهاتن.
كما تقول كيت إيفيرت ألين، الشريكة في فريق أبحاث نايت فرانك: "عندما تتعمق في البيانات حول ذلك الوقت، فإن الصورة غالباً ما تكون أكثر دقة مما تبدو عليه في البداية". وتضيف أنه مع اشتداد أزمة منطقة اليورو في عامي 2010 و2011، تشير البيانات إلى هروب رؤوس الأموال من اقتصادات أوروبا الجنوبية إلى الشمال، وخاصة إلى ألمانيا. وتضيف أيضا: "في الوقت نفسه، كانت هناك اقتصادات أوروبية جنوبية تحاول اقتناص الاستثمار".
نفذت الحكومات في قبرص وإسبانيا والبرتغال برامج "التأشيرة الذهبية" لاجتذاب المشترين من الخارج، وفي آسيا، فرضت أماكن مثل سنغافورة وهونغ كونغ قيودا على الملكية الأجنبية في محاولة للحد من المضاربة.
بعد الاندفاع الأولي أيام الربيع العربي في عام 2011 - الذي أدى، وفقا لإيفيرت ألين، إلى ارتفاع كبير في سوق العقارات الراقية في باريس، حيث كان المشترون الأثرياء في الشرق الأوسط يبحثون عن ملاذ آمن – بدأت الأموال من الصين تحل محل أموال الثروة السيادية من الشرق الأوسط، بحسب قول سايمون مالينسون من وكالة ريـال كابيتال أناليتكس.
وأضاف: "في الكثير من المباني - ليس في لندن فحسب، بل وفي سيدني ومانهاتن - تم شراء الكثير من الشقق الجديدة من قبل المستثمرين الآسيويين على وجه الخصوص. يمكنك أن ترى ذلك في لندن في ناين إلمز".
رحبت المدينة بأصحاب الثراء الفائق الدوليين بصدر رحب. في عام 2014، أعلن عمدة لندن في ذلك الحين بوريس جونسون على مدونة Freakonomics أن العاصمة البريطانية أصبحت لأصحاب المليارات: "ما هي عليه غابات سومطرة بالنسبة لإنسان الغابة. إنه موطنهم الطبيعي".
نتيجة لمكانة لندن الجديدة باعتبارها مدينة راقية - وهذا ينطبق على جميع هذه المدن - فإن سوق العقارات تصبح عدائية بشكل متزايد لمواطنيها العاديين. تقول بارنز: "ليست هناك مدينة عالمية صادفتها، لا تبرز فيها مشكلة عدم القدرة على الشراء بشكل أو بآخر."
خلال معظم السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، بقيت القدرة على شراء المساكن في لندن ثابتة نسبيًا - السعر المتوسط للمساكن كان يقع بين ضعفي وثلاثة أضعاف متوسط الدخل، وفقا لمكتب الإحصاءات الوطني.
بحلول عام 2014، كان السعر أكثر من 10 أضعاف. في عام 2015، في سيدني، كان 12 ضعفا، وفقا لشركة ديموغرافيا للاستشارات ومقرها ميزوري. في هونج كونج في العام الماضي، كان متوسط سعر المنزل 19.4 مرة ضعف متوسط الدخل، ما يجعل هونج كونج أكثر المدن على هذا الكوكب من حيث عدم القدرة على الشراء.
على الرغم من أن المنازل الجديدة عادة ما تشكل نسبة صغيرة من جملة المساكن، إلا أن الوضع لم يتحسن لأن الإمدادات الجديدة في جميع هذه المدن تستهدف الآن بشكل كبير السوق الراقية. يقول باتريس ديرينجتون، مدير برنامج العقارات في جامعة كولومبيا، إن هذا الأمر لا يعود كليًا إلى جشع المطورين، ياعتبار أن تكاليف الأراضي المتصاعدة جعلت بناء المنازل باهظة الثمن الخيار الوحيد الممكن.
المشكلة هي أن الاقتصادات المحلية فشلت في بعض الأحيان في مواكبة التقدم. تباطأ نمو الأجور في لندن ونيويورك وسيدني وهونغ كونغ في السنوات العشر الماضية - وهو ما يحد من قدرة الناس على الحصول على قروض عقارية وعائدات تأجير - ما يجعل هذه الشقق الجديدة تبدو باهظة بالفعل. وفي العام الماضي، لم يتم بيع أكثر من نصف الشقق الراقية في لندن التي بلغ عددها 1900 شقة من التي تم بناؤها، وفقا لبحث من وكالة موليور.
في المملكة المتحدة، يغلب على وكلاء العقارات إلقاء اللوم في تراجع سوق لندن الراقية على التغييرات التي تمت على رسوم الدمغة في عام 2014، الأمر الذي أدى إلى زيادة فاتورة الضرائب على المنازل الأكثر كلفة.
هناك عوامل أخرى كان لها دورها. تزامن النصف الثاني من عام 2014 مع انخفاض سعر النفط بأكثر من 50 في المائة؛ وفرض عقوبات على روسيا في أعقاب غزوها العسكري لشبه جزيرة القرم، ثم ضمها لاحقاً.
ومع ذلك، حدث تغيير آخر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، عندما رفعت حكومة المملكة المتحدة المبلغ المطلوب للحصول على "تأشيرة ذهبية" من الفئة الأولى من مليون جنيه إلى مليوني جنيه، ثم طبقت في نيسان (أبريل) 2015 قواعد أكثر صرامة لمكافحة غسيل الأموال على مصدر ثروة المتقدمين.
سواء أصبحت أسعار السوق فوق طاقة هؤلاء المتقدمين الأجانب، أو لم يرغبوا في أن يتم التدقيق في أموالهم، انخفض عدد الآتين إلى بريطانيا منهم خلال فترة الـ 12 شهرا المنتهية في آذار (مارس) 2016، بأكثر من 80 في المائة عن العام السابق، وفقا لأرقام من وزارة الداخلية. من الصين وحدها، انخفض عدد مقدمي الطلبات الناجحين من 488 إلى 35.
ومع ذلك، ربما يكون السبب الأكثر ترجيحًا لانخفاض سوق لندن الراقية هو أن لندن بدأت لتوها تبدو باهظة الثمن فوق الحد. بحلول الربع الثاني من عام 2014، أدى اقتران الأسعار المرتفعة بشكل سريع مع الجنيه القوي نسبيا إلى أن يصل سعر المتر المربع الواحد من العقارات الفاخرة في لندن أكثر من 48 ألف دولار - وهو أعلى سعر في مؤشر نايت فرانك.
على مدى السنوات العشر الماضية، بدأت دورات حياة المدن العالمية مثل لندن ونيويورك وسيدني تبدو متشابهة للغاية.
الواقع أن السلسلة التقليدية باتت تبدأ بقيام البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة. ثم يتم الترحيب بالمشترين الأجانب، وترتفع الأسعار، ويتم بناء المنازل الراقية، وتتراجع الزيادة في قيمة الأصول، ثم تجد المدن نفسها أمام الكثير من المعروض العقاري، الذي يكون مكلفا للغاية على نحو يصعب بيعه.
يقول ديرينجتون: "في مانهاتن، كانت مبيعات الشقق الجديدة التي تجاوزت أسعارها 5 ملايين دولار بطيئة، كما أن المنازل التي بيعت [في الأشهر الـ 18 الماضية تشير إلى انخفاض الأسعار بنسبة تراوح بين 20 و 25 في المائة على الأقل".
كان المشترون الصينيون نشطين بشكل خاص في الخارج وفي الداخل - يمكنك أن ترى كيف أن النمو السريع من قاعدة منخفضة جعل أسعار العقارات الراقية في شنغهاي تتماشى مع مدن مثل سيدني وباريس.
في الولايات المتحدة، كان الصينيون أكبر مجموعة من المشترين الأجانب في كل سنة منذ عام 2015، وفقا للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.
على أن هناك دلائل على أنهم بدأوا يتعبون من الشراء هناك أيضا، على الأقل في قطاع العقارات التجارية.
في عام 2017، انخفض استثمار الصينيين في الأمريكتين بنسبة 65 في المائة على أساس سنوي، وذلك وفقا لشركة ريـال كابيتال أناليتكس.
وانخفض الاستثمار من هونج كونج بنسبة 41 في المائة - خلال الفترة نفسها، عزز المستثمرون من كليهما استثماراتهم في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا بنسبة 309 في المائة و100 في المائة على التوالي.
تقول بارنز: "كان لمدن أمريكا الشمالية دورها. ملأت الصين يدها بالكامل من الاستثمار عقاريا في كل من هونج كونج ولندن وسيدني ونيويورك، وتورونتو، وهي تتحول الآن إلى المدن الأوروبية، التي تبدو رخيصة بمقاييس أمريكا الشمالية - إنها لعبة تدور حول العوائد".