أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2019

تفاؤل بالصناعة المصرفية الإسلامية في المغرب

 الغد-عدنان أحمد يوسف

تناولت بعض التقارير التي صدرت مؤخرا أداء المصارف الإسلامية في المغرب الشقيق أو ما يطلق عليها هناك البنوك التشاركية، وبعض من هذه التقارير تناول بشكل غير دقيق ما وصفته تعثر هذه المصارف في توسیع نشاطها وزیادة حصتها في السوق المغربي، خاصة سوق الودائع رغم الطلب الكبیر على تمویلاتها، ما یؤدي إلى زیادة الضغوط على سیولتها.
وابتداء، لا بد من القول إن أي حكم يصدر عن أداء البنوك التشاركية في المغرب حاليا يعد حكما متسرعا وغير ناضج، لكون عمر تجربة الصيرفة الإسلامية في المغرب لم يتجاوز العامين، وبالتالي فهي ما تزال في مرحلة التأسيس، وما تزال تستكمل أجهزة تشغيلها بشريا وفنيا وإداريا وتنظيميا، لذلك من الصعب إطلاق أي حكم عليها.
وفي بلد مثل المغرب، فإنه من المتوقع ألا تضاهي مستويات الدخل الفردي مثيلاتها في الدول المتقدمة أو الغنية، وهذا يؤثر بدوره على مستويات الادخار الوطني ككل، كما يدفع الأفراد للاقتراض أكثر مما يمكنهم من الإيداع والادخار. كذلك، فإن الميزانية العامة الحكومية نفسها لا تتمتع بفوائض تودعها لدى البنوك. هذا من جهة، ومن جهة ثانية ولكون البنوك التشاركية المغربية حديثة التأسيس، فإن من الطبيعي أن تكون البنوك التقليدية التي تأسست قبل عشرات السنين مستحوذة بصورة شبه كاملة على السوق، بما في ذلك سوق الودائع. كما أن البنوك التقليدية تستقطب ودائع كبرى شركات القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب في المغرب.
لكننا بالرغم من ذلك، نحن ننظر نظرة متفائلة لمستقبل الصناعة المصرفية الإسلامية في المغرب، وهي سوق واعد بدون شك ونتوقع لها ازدهارا كبيرا خلال السنوات المقبلة لكونها تتمتع بمقومات السوق الناجح كافة سواء من حيث دينامية الاقتصاد المغربي ونموه واستقراره، ومقدرته المتميزة على توليد الفرص الجديدة واستقطاب الاستثمارات، كذلك النمو السكاني الذي يولد طلبا متزايدا على الخدمات المصرفية. لذلك، لا بد من أن نعطي هذه التجربة الفرصة الزمنية الكافية للنمو بصورة طبيعية ولتأخذ وقتها في النضوج والتوسع، ولا يمكن أن نقارنها بتجارب أخرى التي مضى عليها عشرات السنين في بلدان مثل البحرين أو الأردن أو مصر وغيرها.
وإحدى الركائز الأساسية لانتشار الصيرفة الإسلامية في المغرب هي نشر الوعي والثقافة بشأن الخدمات والمنتجات التي تقدمها البنوك التشاركية وتميزها عن تلك التي تقدمها البنوك التقليدية. وتحقيق هذا الهدف يتطلب بعض الوقت وجهودا كبيرة، خصوصا في بلد كبير وشاسع مثل المغرب.
كما أن التشريعات المصرفية التي تسمح بتقديم المنتجات المصرفية الإسلامية المرتبطة بمنتجات الودائع والمنتجات الادخارية وغيرها من المنتجات في السوق المغربي ما تزال في طور الصدور بشكل متوال ولم تستكمل بعد، وهو عامل آخر يجب أخذه بالاعتبار عند النظر لحجم الودائع التي تستقطبها المصارف الإسلامية. وهذا الموضوع لا يتوقف عند هذا الحد، فلكون التشريعات المصرفية الخاصة بجانب منتجات التمويلات لم تستكمل بعد أيضا حيث تقتصر حاليا على صيغ المرابحة، فإن عددا من البنوك الإسلامية تتجنب أخذ ودائع بصورة كبيرة لكي لا تضطر لأن تدفع الأرباح المترتبة عليها، وهي في الوقت ذاته غير قادرة على توظيفها بالصورة التي تخطط لها.
كما أن بنك المغرب ما يزال بصدد وضع الأنظمة الخاصة بخدمة التأمين التكافلي، كما أن العمل ما يزال قائما على وضع الأنظمة والتشريعات الخاصة بخدمة ودائع الاستثمار والسوق المالي التشاركي وضمان الودائع، بالإضافة إلى صيغة تتيح منح القروض من البنوك التقليدية لنظيرتها الإسلامية، وغيرها من المنتجات المصرفية الإسلامية.
وقبل فترة وجيزة، قام المغرب بإصدار أول صكوك إسلامية سيادية بعد قيام بنك المغرب بسن التشريعات التي تسمح بإصدار مثل هذه الصكوك، وهو ما عبر بشكل واضح عن رغبة الحكومة المغربية بتطوير الاستفادة مما توفره الصيرفة الإسلامية من منتجات وأدوات لها فائدة كبيرة على توفير السيولة وقنوات الاستثمار وتوفير فرص العمل والتنمية المستدامة. وبالنسبة للبنوك، فإن لجوءها إلى إصدار الصكوك المدعمة لرأس المال يرتبط بحجم جاذبيتها بالنسبة للمستثمرين بالمقارنة مع بديل إصدار الأسهم. كما أنها بحاجة لتكوين قاعدة أصول استثمارية تكون بمثابة موضوع الصكوك المصدرة.
وأخيرا، يمكن القول إن من بين المميزات الفريدة لتواجد مجموعات مصرفية عربية ودولية كبيرة في السوق المغربي، مثل مجموعة البركة المصرفية، هي أنها تستطيع ضخ سيولة في السوق المغربي ليس اعتمادا فقط على ما هو متوفر لدى مصرفها التشاركي في المغرب بل من خلال شبكة وحداتها التي يتمتع بعضها بسيولة فائضة تسمح القوانين لها بإيداعها لدى بقية وحدات المجموعة.