أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2015

الفساد «الصغير» يتفاقم في تونس و«يخنق» النمو الاقتصادي

 تونس -أ ف ب- - تفاقم الفساد «الصغير» في تونس بعد الثورة مع ان فساد الدولة كان من الأسباب الرئيسية للإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس زين العابدين بن علي فيما تنتقد منظمات غياب ارادة سياسية لمكافحة هذه الآفة التي ما زالت تعرقل نمو اقتصاد البلاد.

    وعاد الحديث بقوة عن الفساد في تونس منذ أن تبنت حكومة الحبيب الصيد منتصف تموز الماضي مشروع قانون اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي ويقضي بإقامة «مصالحة» مع رجال أعمال فاسدين شرط إرجاعهم أموالا عامة نهبوها.
     وأحالت الحكومة مشروع قانون «المصالحة» هذا الى البرلمان الذي لم يحدد بعد موعدا لمناقشته.
    وقد رفضت نقابات وأحزاب ومنظمات تونسية وأخرى أجنبية مشروع القانون الذي تظاهر ضده تونسيون في عدد من مناطق البلاد معتبرين أنه يهدف إلى «تبييض الفساد» و»تكريس الإفلات من العقاب».
    وقال سمير العنابي رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» (مستقلة) التي أحدثت في 2011  لوكالة فرانس برس «بعد الثورة شهد الفساد الصغير ارتفاعا كبيرا وطال كل القطاعات، وهو يزداد انتشارا».
 ولفت الى ان «الفساد الكبير» الذي ضلعت فيه عائلتا زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي «توقف بعد الإطاحة بنظام بن علي لأنه لم تعد هناك مشاريع وصفقات كبرى تدر أموالا طائلة».
    ومن أشكال الفساد «الصغير» المتفاقم في تونس «الغش والمحسوبية» في مسابقات التوظيف بالقطاع العام والتهرب الضريبي ورشوة مسؤولين في ادارات عامة بهدف «تسريع» قضاء شؤون متعاملين مع الادارة أو تجنيبهم غرامات مالية كانت ستسلط عليهم بسبب ارتكابهم مخالفات للقانون، وفق سمير العنابي.
  وافادت اول دراسة محلية حول «مؤشر مدركات الفساد الصغير في تونس» نشرتها في نيسان الماضي «الجمعية التونسية للمراقبين العموميين» (غير حكومية) ان التونسيين دفعوا في 2013 رشاوى بقيمة 450 مليون دينار (حوالي 205 ملايين يورو) لموظفين عموميين.
وعزا شرف الدين اليعقوبي رئيس الجمعية أسباب تفاقم الفساد الصغير في تونس الى «البيروقراطية المفرطة وظاهرة الافلات من العقاب جراء عدم تطبيق السلطات للقوانين الزجرية على الفاسدين ما جلعهم يشعرون بالاطمئنان ويتمادون في فسادهم وغياب الشفافية والمساءلة وضعف هيئات الرقابة (الحكومية) وضعف الوازع الديني والاخلاقي والاستهتار بالقوانين وجشع الموظفين للمال».
   وقال لفرانس برس «في بعض الحالات تم وبالوثائق، إثبات تورط مسؤولين إداريين في الفساد وإبلاغ السلطات بذلك. لكن بدل معاقبتهم فوجئنا بترقيتهم إلى مناصب أهم».
  ويرى مهاب القروي المدير التنفيذي لمنظمة مكافحة الفساد التونسية «أنا يقظ» وهي فرع لمنظمة الشفافية الدولية بتونس انه «ليس هناك ارادة سياسية لمكافحة الفساد في تونس بدليل عدم اصدار وتفعيل اطار تشريعي لمكافحة الفساد وعدم تفكيك منظومة الفساد القديمة التي مازالت متمترسة داخل الادارة».
     وقال القروي لفرانس برس ان هذا الامر «أدى الى ظهور طبقة جديدة من الاثرياء من سياسيين ورؤساء الاحزاب ورجال اعمال واعلاميين (...) كانوا فقراء قبل الثورة ثم انقلبوا بعدها الى اصحاب سيارات وعقارات وأموال».
   وكان البنك الدولي قال في تقرير بعنوان «الثورة غير المكتملة» في ايار 2014 ان «الفساد يكبد الفساد تونس 2  بالمئة من إجمالي الناتج المحلي سنويا»، مشيرا الى «تفاقم» هذه الظاهرة منذ الثورة، مؤكدا ان «معدل انتشار الفساد في تونس بغرض +تسريع الأمور+ يعد من بين أعلى المعدلات في العالم حسب المعاير الدولية».
   وقد تراجع ترتيب تونس في لائحة الفساد لمنظمة الشفافية الدولية من المرتبة 59 في 2010 الى المرتبة 79 في 2014.
 ورأى سمير العنابي انه «قد تكون لدى الحكومة إرادة سياسية لمكافحة الفساد، لكن الادارة العمومية الفاسدة (...) وأصحاب المصالح والنفوذ يحولان دون ذلك». 
  واضاف إن الحكومة تحولت إلى «رهينة لدى الإدارة العمومية» التي اتهمها بـ»التضييق» على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وكان الدستور التونسي الجديد الذي اقر مطلع 2014 نص على احداث «هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد» لكنها لم تر النور بعد.
   وخلال زيارته في أيار الماضي إلى الولايات المتحدة، اقر الرئيس الباجي قائد السبسي في مقال مشترك مع نظيره الاميركي نشرته صحيفة واشنطن بوست بأن «تركة النظام القديم من سوء إدارة وفساد لا تزال تخنق النمو الاقتصادي» في تونس.
    وردا على سؤال لفرانس برس، قال طارق البحري المدير العام المكلف بمصالح الحوكمة في رئاسة الحكومة ان «ارساء الحوكمة ومكافحة الفساد في الادارة التونسية سيكونان العمود الفقري للمخطط الانمائي الخماسي القادم (2016-2020)».
  واضاف ان الحكومة «تضع اللمسات الاخيرة» على عدد من مشاريع القوانين بعضها يتعلق بحماية المبلغين عن الفساد، والاثراء غير المشروع للموظفين بالقطاع العام.
   وحذر مهاب القروي من ان «الفساد ونهب المال العام في تونس قد يتفاقمان أكثر» في حال صادق البرلمان على مشروع قانون «المصالحة».
  لكن السلطات تنفي هذه الفكرة وترى في النص وسيلة «لطي صفحة الماضي وانعاش الاقتصاد». وهي تأمل في استعادة حتى 700 مليون يورو اذا تم تطبيقه.
   وتوقع سمير العنابي ان تكون «المعركة ضد الفساد في تونس طويلة وشاقة».