أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-May-2022

كيف نبتعد عن الإفلاس؟!*د. عدلي قندح

 الراي 

اثارت تصريحات مسؤول أردني كبير، أسيء فهمها، حول حالة الاقتصاد الاردني بانه يتجه نحو الافلاس اذا ما استمرت السياسات الاقتصادية بهذا الاتجاه، أثارت تخوفات وتساؤلات كثيرة بين عامة الناس والجهات الاعلامية المختلفة. فماذا يعني افلاس الدولة، وهل فعلا يتجه الاقتصاد الاردني الى وضع الافلاس؟
 
بداية لابد من القول ان حالة الافلاس لأي اقتصاد أو لأي حكومة أو لخزينة الدولة يكون على درجات. الدرجة الاولى من الافلاس تكون عندما تعلن حكومة الدولة فشلها أو عجزها عن سداد ديونها جزئيا أو كليا، أو تعلن الوقف الفعلي للدفعات المستحقة، أو قد تكون عندما لا يتبقى لدى الدولة عملات أجنبية لدفع ثمن ما تستورده من البضائع والسلع. وبعد الاعلان تمنح الدولة من الدائنين مهلة شهر من تاريخ استحقاق دفعة القسط الواجب السداد ليُعلَن بعد ذلك أنها دولة متخلفة عن السداد. والدرجة الثانية من الافلاس تكون عندما تعجز الدولة عن احداث ?يادات في رواتب موظفي القطاع العام لسنتين متتاليتين وثالث درجات الافلاس تكون عندما تعجز الدولة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام نتيجة لشح ايرادات الخزينة. فما هو الوضع في الأردن؟
 
تشير البيانات والتقارير والنشرات الاحصائية الصادرة عن وزارة المالية أن الموازنة العامة في الاردن بعيدة كل البعد عن أي من الحالات الثلاث المذكورة أعلاه، وأن الحكومة ملتزمة بتسديد كافة فوائد الديون الخارجية والداخلية وأقساطها عند استحقاقها وهذا الامر يسير منذ سنوات طويلة. وهذا وحده مؤشر كاف على أن الاقتصاد الاردني بعيد عن الافلاس.
 
فلطالما أن هناك نشاطا كبيرا في القطاع الخاص فان وضع الموازنة العامة سيكون سليما ومعافى. كل ذلك لأن تسديدات الفوائد تأتي من الايرادات الضريبية التي تحصلها الخزينة سنويا من الدخل والارباح والمبيعات. أما أقساط القروض المستحقة فعادة ما يتم تسديدها من خلال موازنة التمويل عن طريق اصدار سندات دين جديدة ومتنوعة. ومن حيث المبدأ طالما أن الحكومة قادرة على اصدار تلك السندات فانها قادرة على تسديد دين باصدار دين جديد، وهذا يعني استمرار الدين ولكن بشروط جديدة، عادة تكون باسعار فوائد أقل ومدد سداد أطول وشروط أبسط.
 
ولكن ما يجب تأكيده وتشجيعه هو ضرورة ايجاد مصادر محلية من الدخل والايرادات والمشروعات الاقتصادية الكبرى ذات العوائد المالية والاقتصادية المجدية، حتى نقلل من التوجه الى اصدار دين جديد لتسديد دين قديم. فالتوجه نحو وضع ميزانية متوازنة عن طريق ترشيد الانفاق وزيادة الايرادات يعني عدم الاستمرار بتسوية عجز الموازنة والميزان الجاري باستخدام ديون جديدة، وعدم الاعتماد على القروض الجديدة لخدمة الديون القديمة وفوائدها.
 
فموازنة الدولة الاردنية تعتمد بشكل كبير جدا على الايرادات المتحصلة من مختلف انواع الضرائب من القطاع الخاص والافراد والشركات العاملة في القطاع الخاص. لذا فان مسألة تشجيع القطاع الخاص وفتح الابواب للاستثمار بمختلف اشكاله، ستعمل على دعم موازنة الدولة وتمكينها من تسديد التزاماتها من فوائد وأقساط من مصادر داخلية،الامر الذي يقلل من اعتماد الدولة على اصدارات دين جديدة لتسديد التزاماتها القديمة.
 
وأخيراً يجدر التأكيد على أنه من النادر أن تعلن دولة إفلاسها، وليس هناك حالات افلاس كثيرة في تاريخ الدول، وبالمجمل لا يُعلن الإفلاس إلا في حالات متطرفة جدا. واذا أردنا عدم الاقتراب من أي حالة من حالات الافلاس – ونحن بعيدون عنها الان- علينا تشجيع القطاع الخاص وحفز الاستثمارات بمختلف أشكالها لأن ذلك يعني المزيد من التشغيل وتخفيض معدلات البطالة وبنفس الوقت الاسراع نحو الوصول الى وجود فائض في الموازنة وبالتالي غياب العجز وهو المصدر الاساسي للتوجه نحو الاقتراض الذي يلقي أعباء كبيرة على الاقتصاد والدولة