أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Jun-2020

لماذا «وول ستريت» بينما يمكن التداول من المنزل؟
فايننشال تايمز - قبل عقدين، دانييل بيونزا، البروفيسور في كلية كاس للأعمال في لندن، بدأ في إجراء بعض الأبحاث الإثنوغرافية – العفوية - في تلك الغابة المالية الحديثة؛ قاعة تداول المشتقات في وول ستريت.
يقول في كتابه Taking The Floor الصادر في 2019: "قرأت كتاب The Bonfire of the Vanities لتوم وولف، وتخيلت صالات التداول في وول ستريت مزدحمة وتهيمن عليها العواطف، وكما كتب وولف، مليئة ’بالشباب (...) الذين يتصببون عرقا في الصباح الباكر ويصرخون‘".
لكن عندما وصل إلى ناطحة السحاب المخصصة في وول ستريت، متلهفا لدراسة التوتر والدراما الاجتماعية، أصيب بيونزا بخيبة أمل: كانت قاعة المصرف هادئة للغاية، دون أي صراخ على الهواتف، لأن تداول السوق انتقل أخيرا إلى الشاشات الإلكترونية. وكاد أن يلغي دراسته.
"ما الفائدة من صالتكم للتداول؟"، قال شاكيا لرئيس قسم المشتقات في المصرف ـ يدعى بوب. أصبح من السهل أخيرا تثبيت أجهزة "بلومبيرج" مع جميع البيانات اللازمة للتداول في المنزل، فلماذا لا يوفر بوب المال ويطلب من الموظفين العمل من هناك بدلا من ذلك؟
أجاب الأخير بحدة بأن صالات التداول لا تزال ضرورية، لأنها كانت "مكانا اجتماعيا" عزز "الفهم" بين أعضاء الفرق وعزز كذلك تدفق المعلومات. في الواقع، كان يعتقد أن هذه الديناميكيات الاجتماعية مهمة للغاية لدرجة أنه كان يعيد ترتيب مكاتب المتداولين باستمرار لإنشاء الجغرافيا المادية والاجتماعية المثالية.
على الرغم من امتلاك التكنولوجيا التي تتيح العمل من المنزل، إلا أن "الاتجاه هو عكس ذلك تماما"، حسبما قال بوب لبيونزا في عام 1999. "المصارف تبني صالات تداول أكبر وأكبر".
هل سيظل هذا صحيحا في عصر كوفيد - 19؟ إنه سؤال رائع يجعلنا نفكر في الأسبوع الذي تعيد فيه بورصة نيويورك "فتح أبوابها" (رغم أن الشيء الوحيد الذي "فتح" هو قاعة بشاشات، لأنها أصبحت إلكترونية أيضا).
في أذار ( مارس) الماضي، عندما بدأ فيروس كورونا ينتشر بسرعة أكبر عبر الولايات المتحدة أصرت بعض مصارف وول ستريت على بقاء متداوليها في المكتب للحفاظ على التفاعلات الاجتماعية نفسها التي أشاد بها بوب. (في الواقع، كان أحد من صناديق التحوط مصمما جدا على إبقاء المتداولين قريبين جسديا لدرجة أنه حجز فندقا في فلوريدا لهم ولبعض عائلاتهم للبقاء معا). لكن عندما بدأ المتداولون يصابون بكوفيد - 19 اعتمدت المصارف والصناديق، على مضض، العمل من المنزل لكثير من الفرق (وإن كان ذلك مع ترك مراقبي المخاطر في المكتب). ما يحدث بعد ذلك غير واضح.
يقول بعض الخبراء الماليون، بمن فيهم باكو يبارا، أحد كبار المصرفيين في مجموعة سيتي، إن العودة إلى المكتب ستكون مطلوبة في نهاية المطاف للحفاظ على رأس المال الاجتماعي الذي يتم إنشاؤه عندما تعمل الفرق مباشرة. قال أخيرا لـ"فاينانشيال تايمز": "في مرحلة ما، سترى انخفاضا في رأس المال هذا ثم ستبدأ في رؤية المشكلات".
لكن جيس ستالي، الرئيس التنفيذي لمصرف باركليز، يعتقد أن "وضع سبعة آلاف شخص في مبنى قد يكون شيئا من الماضي". ويقول خبراء ماليون تحدثت إليهم في الآونة الأخيرة إن العمل من المنزل تبين أنه أسهل بكثير مما يتصورون. قال لي رئيس أحد صناديق التحوط من منزله الثاني في كولورادو "لقد تغيرت سلوكياتنا حقا - لا أعتقد أن بإمكاننا العودة إلى ما كنا عليه من قبل". أو حسبما أوضح متداول مبتدئ في أحد مصارف وول ستريت، من ساحة مسبح في هامبتونز: "رئيسنا جعلنا نذهب إلى المكتب في البداية، لكن بعد ذلك أدركوا أننا لسنا بحاجة إليه".
مع ذلك، القضايا التي أثارها بوب حول الحاجة إلى التعاون وتدفق المعلومات لم تختف. تشير دراسة جديدة أجراها روبن دنبار عالم النفس التطوري، والمستشارة إميلي ويبر، إلى أنه بينما يمكن الحفاظ على ترابط مجموعة عبر الإنترنت في الفرق الصغيرة، إلا أنها تتفكك بمجرد أن يتجاوز الفريق حجما معينا.
يرجع ذلك جزئيا إلى أن التواصل أصعب من دون إشارات جسدية ومحادثات عادية - لحظات "مبرد المياه" الشهيرة. لكن هناك مشكلة أخرى أكثر دقة أيضا: في عصر يمكننا فيه تخصيص موجز الأخبار الرقمية لتعكس وجهات نظرنا الخاصة، العمل من المنزل يجعل من السهل أن نعلق في غرفة صدى (التفاعل مع المحتوى الذي يؤكد المعتقدات المسبقة للفرد) ذهنية.
بعبارة أخرى: في حين أن شبكة الإنترنت لديها القدرة على ربطنا جميعا، إلا أنها تجعل من السهل أن نفقد الرؤية الشاملة. هذا أمر سيئ لأي شخص مهما كانت مهنته. لكن بالنسبة للأشخاص الذين يحصلون على أجورهم مقابل تسعير المخاطر يمكن أن تكون مكلفة.
هناك طرق لتعويض هذا. يجب علينا جميعا أن نستهلك المعلومات بشكل استباقي من مجموعة متنوعة من المصادر. يجب أن نحاول أيضا إجراء محادثات غير رسمية عبر الفيديو والهاتف مع زملائنا. يمكن لمديري الشركات - ويجب عليهم - تسهيل ذلك.
لكن، حسبما يقول يبارا، كلما استمر العمل في المنزل فترة أطول، أصبح من الصعب الحفاظ على الترابط الاجتماعي في الفرق - إضافة إلى الرؤية الجانبية المهمة للغاية. ربما يجبرنا هذا في النهاية على العودة إلى مكاتبنا، أو على الأرجح، سيقودنا إلى بعض الحلول المختلطة، كأن نعمل في مراكز محلية أقرب إلى منازلنا، مثلا، أو الجمع بين العمل من المنزل مع "اختلاط" دوري في المكتب.
في كلتا الحالتين النقطة الأساسية هي: منذ أكثر من 20 عاما أدرك الخبراء الماليون أن الشبكات الاجتماعية مهمة - حتى (أو بشكل خاص) في عصر التداول الإلكتروني. كوفيد - 19 يؤكد هذه الرسالة مرة أخرى. ربما حان الوقت لبيونزا لإجراء دراسة "عفوية" مرة أخرى - هذه المرة في ساحات المسابح والأكواخ الجبلية والمكاتب المنزلية.