أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jun-2020

نبتة «زهرة النيل» تجفف أنهار العراق وتقتل ثروته السمكية

 أ ف ب: للوهلة الأولى يمكن للمرء أن يُذهل بتلك الزهور الأرجوانية وأوراقها الخضراء الكبيرة الزاهية التي تطفو على سطح المياه، ولكن بسبب طول جذورها الغارقة عميقاً في نهر الفرات، تهدد «زهرة النيل» العراق.

فكل من زهراتها تمتص يومياً ما بين أربعة إلى خمسة ليترات من الماء، ويمكنها أن تجفف موارد المياه في واحد من الدول الأكثر حرّاً في العالم.
ولا توفر هذه الزهرة شيئاً، من أهوار المياه المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونيسكو، إلى الأسماك والصيادين والمزارعين وحتى مياه الشرب. وفي زمن وباء كورونا، والحظر التام في العراق، لم يتبق الكثير من الأيدي العاملة لمحاولة وقف انتشارها.
لذلك، يؤكد الصياد جلاب الشريفي في مقابلة أن «الصيادين فقدوا مصادر رزقهم» في جنوب العراق الزراعي الذي يرزح تحت وطأة الجفاف المتزايد، وانخفاض منسوب تدفق المياه السدود المبنية على مجاري نهري دجلة والفرات في تركيا وإيران المجاورتين.
ولأن المظاهر خدّاعة، فإن «زهرة النيل» الأنيقة التي تم إدخالها إلى العراق قبل نحو 20 عاماً بعدما انتشرت في كل مكان في العالم تقريباً، تختنق تحتها كل حياة.
فهذه النبتة، التي تعود أصولها إلى أمريكا الجنوبية، أثرت سلباً على أنظمة بيئية عدة من نيجيريا إلى سريلانكا مروراً بكينيا وجنوب غرب فرنسا أيضاً.
وتشكل أوراق هذه النبتة، المدرجة منذ العام 2016 في قائمة المفوضية الأوروبية للنبات المُجتاح الذي يجب السيطرة عليه، طبقة معتمة على سطح الماء، ما يقلل من كمية الأوكسُجين التي تصل إلى مختلف انواع الكائنات الحية النهرية التي تعيش في المياه، حتى اختفائها بالكامل.
وليست الثروة السمكية وحدها التي تتأثر بالنمو الشيطاني للنبتة ، ولا جفاف المياه التي تفقد أيضاً معظم مكوناتها الغذائية، ولكن الزهرة تضعف أيضاً الإنشاءات المحيطة، إذ أن مئة متر مربع من «زهرة النيل» تزن أكثر من خمسة أطنان.
ففي قرية البدعة، يبدو الجسر الممتد على نهر الفرات، وكأنه بناء غريب على حقل أخضر هائل.
ويقول شيخ إحدى عشائر القرية ويدعى جليل العبودي في مقابلة «إذا استمرت زهرة النيل في النمو، فسوف ينهار الجسر وسد البدعة» ويحرمان مناطق عدة من المياه من محافظة ذي قار إلى البصرة على امتداد مئات الكيلومترات.
ومع انعدام الخدمات العامة، يرى العبودي بالفعل أسوأ سيناريو، بين إهمال البُنية التحتية وغياب السياسة البيئية في بلد دخل أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث.
فقطاع الزراعة أولاً، الذي يشكل مصدر دخل لواحد من بين ثلاثة عراقيين، سيدفع ثمناً كبيراً، وفق العبودي. وبعد ذلك، قد تختفي مياه الشرب، خصوصاً وأن تلوث المياه في صيف العام 2018 قد سمم نحو مئة ألف شخص في محافظة البصرة. ويشير الشيخ إلى أن «تقاعس وزارة الموارد المائية وحقيقة عدم وجود أي تجديد على الإطلاق، أدى إلى تضرر حتى في احتياطيات مياه الشرب».
وقامت الوزارة بتنظيف قنوات الري، حسبما يقول صالح هادي المسؤول عن الدراسات في دائرة الزراعة في محافظة ذي قار، والذي أضاف أن موظفي الوزارة قاموا بتنظيف قنوات عدة إذ أن «زهرة النيل» تجذب الحيوانات الخطرة، كـ»الثعابين والزواحف» وليس فقط البعوض الحامل لفيروس الملاريا.
لكن رد فعل الحكومة لا يرقى إلى حالة الطوارئ، حسبما يقول المزارع أحمد ياسر من مدينة الكوت، كبرى مدن محافظة واسط في شرق بغداد.
ويؤكد ياسر أن «آثار نبتة زهرة النيل بدا واضحاً مع كل موسم زراعي صيفي، حيث هناك انخفاض في إنتاج الخضر والمحاصيل الصيفية بنسبة تزيد على الثلث» بسبب نقص الري.
وخلال السنوات الأخيرة، كان المزارعون والمتطوعون المحليون يصطفون مع كل بداية ربيع على ضفاف نهر الفرات لاقتلاع جذور النبتة الطويلة التي تجعل من الأنهار العراقية تبدو وكأنها حدائق يابانية.
وهذا العام أيضاً، استجاب الناشط وعضو الجمعيات الفلاحية محمد كويش للدعوة في الكوت رغم الحظر.
يقول كويش «عملنا بتحوير القوارب لتكون ملائمة للعمل وبتكلفة 800 دولار من تبرعات الفلاحين» لإزالة الجذور، إذ أن لا معالجة كيميائية ممكنة حسب الخبراء، لأنها قد تدمر النظام البيئي بأكمله.
لكن كويش يلفت إلى أن «هذه الحملات بدائية ولا ترتقي إلى حجم الأضرار التي يعاني منها الفلاحون».