أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Oct-2018

عواقب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة (2/2)*رامي خليل خريسات

 الراي-الحرب الأميركية التجارية واضح تأثيرها على الصين حيث انخفضت سوقها المالية بـ 20% منذ بداية العام، وفقدت عملتها خلال فتره قصيرة 8% بسبب تراجع الطلب عليها، وإذا لم يتراجع ترمب عن قراره بفرض 25% رسوم على المستوردات الصينية ستبدأ عملية بيع كثيف لليوان وسيتحول المستثمرون إلى العملات الأخرى، وبالتالي تخرج العملات الصعبة من الصين، بمعنى تقل السيولة ويضعف الاقتصاد.

 
هذا الضعف في التبادل التجاري معناه أن الصين ستصدر أقل، وستعاني من وفرة في انتاجها الضخم الذي يجسده الاسمنت المنتج في ثلاثة أعوام يعادل انتاج أميركا من الاسمنت في القرن العشرين بأكمله، ولكم أن تقيسوا على باقي السلع، وتتخيلوا معاناه الصين من ركود بضائعها وشح الطلب عليها اذا توقفت أميركا عن الاستيراد بالكميات الحالية وانعكاسات ذلك في داخل الصين وفي الكثير من دول العالم.
 
الاقتصاد الأميركي استفاد تاريخياً من السلع الصينية الرخيصة بأن كان التضخم دائماً منخفض، لكن فرض الرسوم والاجراءات الحمائية ستدفع بأسعارها نحو الارتفاع، فتقل المستوردات من الصين، وتزداد الاستثمارات الداخلية وتنتقل المصانع الأميركية الى الداخل، مما سيزيد الرواتب الأميركية و فرص العمل، لكن مدخلات انتاج السلع المحلية المرتفعة ستدفع بالأسعار للأعلى.
 
عندها ستنطلق شرارة التضخم في أميركا ليرتفع إلى خانتين في السنة الواحدة، وبالتالي ترتفع الفائدة على السندات وسترتفع الفائدة البنكية لكبح جماح التضخم، وسيقل الاقتراض، وتتراجع الاسواق المالية، وسينقص المعروض من الدولار وسيزداد عجز الموازنة، الذي كان يجد له الحل لدى الصينيين.
 
نعم كانت الولايات المتحدة تعالج العجز بسيولة توفرها مشتريات الصين من السندات الأميركية، والسيولة الصينية مصدرها ما تجنيه من فائض تجارتها مع أميركا، بينما إذا ضعفت التجارة كما يريد ترمب بـ 200 مليار دولار سنوياً، لن تشتري الصين تلك السندات، مما سيفاقم العجز في الموازنة الأميركية، لذلك ستعاني الولايات المتحدة من التضخم وازدياد العجز المقدر بتريليونات الدولارات.
 
للعلم اعتقاد الأميركان خاطىء بأن الصينيين قادرون على تخفيض العجز في الميزان التجاري وزيادة مستورداتهم من البضائع الأميركية، لسبب بسيط أن المتاح لانفاق الصيني لا يتجاوز الـ 10 دولارات يومياً لذلك المنتجات الصينية وبسبب تراجع الطلب الأميركي عليها ستصبح أكثر رخصاً وجاذبية.
 
لكن ستكون الأوضاع العالمية صعبة وغير قادرة على استيعابها، لأن الكثير من الدول التي كانت تصدر للصين بالمليارات لإدامة صناعتها ستعاني من تراجع مستوردات الصين منها، وبالتالي ستعاني الدول ذات العلاقات التجارية التاريخية مع الصين كألمانيا وسويسرا وفرنسا وكوريا الجنوبية، وستبدأ عملاتها بالتراجع وستزداد مديونيتها، مما سيفاقم أوضاع قائمة أهمها بلوغ الدين العالمي 237 تريليون دولار في 2017 أي ما نسبته 327% من الناتج الاجمالي العالمي.
 
السلبيات كثيرة، لكن من الايجابيات أن السلع التي تنتجها الصين ستصبح أرخص بسبب وفرة الانتاج دون أسواق لاستيعابه، ما يفيد الأردن الذي سيستفيد من المستوردات الصينية الرخيصة، لكن مقابل سلبيات أهمها تراجع الصادرات الأردنية إلى الصين وازدياد منافسة الانتاج الصيني للسلع المنتجة محلياً مما يضعف الصناعة المحلية ويبطئ وتيرة الاستثمارات الجديدة، كما أن ضعف اقتصاديات الدول المانحة سيؤدي إلى تراجع المساعدات والقروض المقدمة للأردن، وسيؤدي تراجع الدخول الفردية إلى تراجع أعداد السياح.
 
هناك بصيص من النور بأن يدرك ترمب مخاطر ما يقوم به وتأثيراته على شعبيته واقتصاد بلاده عندما تتكشف الأمور وربما يتراجع، وإلا فالمخاطر على الاقتصاد العالمي ستكون كبيرة.