أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Mar-2019

النقل العام: فوضى الأخلاق وغياب التنظيم

 الراي- محمد الدويري

حافلات متوسطة الحجم او «كوسترات» كما يطلق عليها، تفرغ حمولتها على رأس جسر وسط شارع رئيسي في عمان غير آبهة بسلامة الركاب او السيارات خلفها، هذا غيض من فيض ما يعانيه قطاع نقل الركاب في الاردن من مشكلات.
 
من هذا المشهد غير الحضاري الذي رصدته (الرأي)، يتأكد لدينا ان المشكلة الرئيسية في قطاع النقل العام هي «الاخلاق والاحترام» أكثر منها حداثة وسائط او استحداث خطوط، ما يعني ان الجهات الحكومية المسؤولة عن ترتيب القطاع منذ عقود لم تستطع حتى الان حلحلة أزمة السلوك في مهنة التعامل مع البشر مباشرة، فالسائق ما زال يتعاطي مع الركاب كـ «حمولة» مجردة لا تختلف عن اي سلعة تتأتى منها الاجور وسط غياب المسؤولية تماما عن سلامة المواطن سواء كان راكبا او سائقا لسيارته، فسائق الحافلة غير مهتم بمئات السيارات خلفه سواء تسبب بحوادث لعشرات السيارات منها او بأزمة سير خانقة او دهس مواطن بالكاد نزل من الحافلة.
 
هذه الفوضى في اوسع قطاع خدمي في المملكة الذي تسيطر عليه الملكية الفردية بنسبة 80%، ليست هي الوحيدة فالمشكلات في زيادة بدلا من نقصانها ويفوت القلم احيانا ان يعددها جميعها، فما يواجهه الراكب في الكوستر من سوء طريقة التحميل او التنزيل على الطرقات الخطرة، يواجه غيره في السرعات الفائقة لسائقيها وكأنها صواريخ ملاصقة بالارض تندفع بشكل غير منطقي وسط شوارع مزدحمة مرة تجدها يمين الشارع ومرة أخرى تنعطف فجأة الى شماله في عملية سباق ومنافسة غير مشروعة لالتقاط أكبر عدد ممكن من الزبائن دون ادنى مسؤولية، فإلى متى هذه الظاهرة؟، واذا كان المسؤولون عن القطاع عاجزين عن الحلول فلمن تكون الشكوى؟!
 
شرذمة معظم «باصات الكوستر» ليست النقطة السوداء الوحيدة في قطاع النقل الذي طالما أمر جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من محفل بتطويره وتنظيمه لتوفير أفضل سبل الراحة للراكب، فثمة مشكلة في قطاع التاكسي وسلوكيات التعامل مع الزبون في مزاجية الانتقاء واخفاء عدادات الاجرة وعدم التقيد بها وانتهاج السلوك ذاته في التحميل او التنزيل في المواقع الخطرة، ويأتي ممثلو هذا القطاع ليعتصموا احتجاجا على ادخال مفاهيم النقل بالتطبيقات الذكية بحجة تأثر مصالحهم، فالأولى هنا تنظيم وترتيب انفسهم ومواكبة تطورات الخدمات الجديدة ثم الاحتجاج على قطاعات اكثر تطورا وأمنا.
 
من هذه المنطلقات في عدم معالجة الخلل في النقل العام للركاب في ضوء تواجد هيئة تابعة لوزارة النقل ومديرية تابعة لامانة عمان يأتي دور اصحاب القرار اذا كانت لديهم التوجهات الصحيحة لترجمة الرؤى الملكية في التطوير والتحسين، وذلك بالبدء بتعميم السلوك الحضاري للعاملين في قطاع نقل الركاب قبل الشروع بفتح مجمعات مكلفة غير مستخدمة او فتح خطوط جديدة لـ"المحاسيب» وتلزيم دعوات الاستثمار او العطاءات ومعاقبة شركات النقل الناجحة التي تضع معايير السلامة في طليعة سلمها العملي، بعقد دورات التثقيف ووضع شروط عدم العمل بالقطاع الا بالحصول على شهادة تجاوز دورات متخصصة في السواقة واللباقة، وسحبها اذا تكررت المخالفات، علاوة على دور الامن العام من خلال مراقبي السير في مراقبة النقاط الخطرة وتفعيل المخالفات حفاظا على سلامة الارواح والممتلكات.