أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    04-Jul-2015

نتنياهو واحتكار الغاز*برهوم جرايسي

الغد-كانت أيام الأسبوع الأخير شهادة على علامتين بارزتين لحكومة بنيامين نتنياهو: الأولى، ضعفها الشديد أمام الكنيست، بائتلافها الهش؛ 61 نائبا من أصل 120 نائبا. والثانية، ولاء نتنياهو لحيتان المال ولخدمة مصالحهم، وأبرزهم حاليا المحتكرون لحقول الغاز التي استولت عليها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط. لكن تفاصيل الأحداث كشفت أكثر مصلحة "الحيتان" المحلية والعالمية، بدعم سياسة نتنياهو العدوانية الرفضية لحل الصراع.
تدور معركة بين نتنياهو وحكومته من جهة، والسلك الوظيفي المهني في مؤسسات النظام من جهة أخرى، حول صلاحية اتخاذ القرار بشأن حقول الغاز. وبدأت المعركة، حينما قرر المسؤول عن قيود الاحتكارات في وزارة المالية، أن حجم احتكار شركتي "ديلك كيدوحيم" الإسرائيلية و"نوبل إنيرجي" الأميركية، في أكبر حقلي غاز ("لفياتان" و"تمار")، يتعدى المسموح به للاحتكارات، ولذا على الشركتين أن تبيعا قسما من أسهمهما في الحقلين.
بطبيعة الحال، فإن الشركتين اعترضتا، وهددت "نوبل إنيرجي" بمقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية. لكن قبل أن يعلو لهيب غضب الشركتين، تدخل نتنياهو، وسحب صلاحيات القرار لحكومته، وألغاه. ما دفع ذلك المسؤول للاستقالة احتجاجا. لكن صلاحية هذا الملف بقيت لدى تلك الوظيفة، بغض النظر عمن يتولاها، وفي غضون ذلك، نشأت أيضا مسألة مراقبة أسعار الغاز.
أمام وضع كهذا، طلب نتنياهو سحب ملف حقول الغاز من مسؤول قيود الاحتكارات. إلا أن مثل هذا القرار يحتاج الى مصادقة الكنيست. وكان من المفروض أن يصوت الكنيست على الطلب مساء يوم الاثنين الماضي، 29 حزيران (يونيو) الماضي. إلا أن نتنياهو لم يحظ بأغلبية، بسبب تمرد بعض نواب ووزراء الائتلاف، فسحب نتنياهو مشروع القرار قبل التصويت عليه لئلا يسقط. وقد يكرر نتنياهو المحاولة في الأيام المقبلة.
اللافت أن السفارة الأميركية في تل أبيب، بعثت الى الكنيست طاقما يرأسه نائب السفير، في محاولة لإقناع النواب بتأييد نتنياهو، بمن فيهم نواب عرب. إذ إن لواشنطن مصلحة في شركة "نوبل إنيرجي". فبحسب ما نشر في وسائل الإعلام، فإن لوزير الخارجية جون كيري أسهما بقيمة مليون دولار فيها، كما أن الوسيط الأبرز لهذه الشركة الأميركية، هو بيل كلينتون. وبموازاة ذلك، كان وسطاء أضخم حيتان المال الإسرائيليين يتجولون في أروقة الكنيست، ومنهم من أبرم صفقات مع أحزاب. وتكشفت قضايا يفوح منها الفساد إلى درجة التعفن، من مثل أن أحد المستثمرين الكبار في حقول الغاز، أنقذ الصحيفة اليومية لحزب "شاس" الديني المتزمت لليهود الشرقيين، ويتزعمه سياسيا آرييه درعي.
المعركة على احتكارات الغاز في إسرائيل دائرة منذ سنوات. إذ تطالب حركات اجتماعية أن تكون الحقول بملكية الحكومة، أو أن تكون حصة الحكومة من الأرباح أكبر. وبما أن هذه الحركات محسوبة على ما يسمى "اليسار الصهيوني"، فقد كان سهلا على كبار المستثمرين، وأبرزهم الأخطبوط يتسحاق تشوفا، تجنيد عصابات اليمين العنصري المتطرف لتشن حملة مضادة، بميزانية مليوني دولار، عبر اتهام تلك الحركات ومن يقودها، بأنها "متآمرة مع العرب"، وتريد "أن تبقى إسرائيل رهينة للغاز العربي".
ومجريات الأيام الأخيرة أثبتت لنا أمرين: الأول، أن حكومة نتنياهو بائتلافها الهش، لا تستطيع الصمود لفترة طويلة؛ فيكفي تمرد نائب واحد أو اثنين، لاسقاط كل قرار تسعى له الحكومة. ولهذا، فإن نتنياهو سيكثف محاولاته لضم كتلة برلمانية أخرى إلى حكومته. ويبدو الأمر صعبا ومعقدا في هذه المرحلة. ولهذا، قد يستعين نتنياهو بجهات خارج الحلبة السياسية، وخاصة حيتان المال، ليمارسوا ضغوطا على إحدى الكتل وإقناعها بالانضمام للحكومة.
الأمر الثاني، والذي طفا على السطح أكثر من أي وقت سابق، هو تمدد حيتان المال في أروقة الحكم الإسرائيلي، وسيطرتهم على مفاتيح مهمة في الحكم وفي صناعة الرأي العام. وهؤلاء هم الداعمون الأكبر لنتنياهو، الذي نجح في تشكيل الحكومة في الانتخابات الثلاث الأخيرة. وطالما أنه ملتزم بضمان مصالحهم، فإن بقاءه في الحكم مع سياسته العدوانية الرفضية، قد يكون شبه مضمون، حتى وإن جرت انتخابات برلمانية جديدة في غضون عامين أو أقل.