أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    04-Feb-2019

مؤسسات مستقلة سابحة في فضائها*رامي خليل خريسات

 الراي

في الأردن 25 وزارة وحوالي 28 مؤسسة مستقلة، وعدد اضافي يبلغ 14 تسمى مؤسسات عامة وطنية. الغالبية الساحقة تسبح في الفضاء، شكلياً تتبع لرئيس الوزراء الذي لا يملك لها الوقت لضخامة عددها، أما رقيبها فهو مجلس إدارة يجتمع كلما دعت الحاجة.
 
الوزارات أمورها واضحة، لها وزير مرتبط برئيس الوزراء يضع وينفذ الاستراتيجية، يتابع هو والأمين العام الشؤون اليومية لوزارته، لذلك الوزارات عليها الاشراف الكافي من الوزراء والرئيس والاعلام.
 
رئيس الوزراء عليه من الأعباء والمسؤوليات ما يكفيه ويفيض، لذلك من الثقيل ايكال هذه المؤسسات له، وبسبب هذا الخلل الهيكلي ضعف أداء الكثير من تلك المؤسسات مما أثقل كاهل الموازنة، وأدى تغول البعض تكسباً للمزايا والمكافئات إلى اسراف وتبذير هنا وهناك، مما يستوجب وضع حد لعجز مالي تعانيه المؤسسات المستقلة يبلغ 148 مليون دينار في موازنة 2018.
 
لو تخيلنا أن الحكومة شجرة ذات أغصان تضم الوزارات والمؤسسات المستقلة ستجد عددا كبيرا من المؤسسات المستقلة ترمي حملها كله على رئيس الحكومة وترتبط به دون مساندة من وزارة، وكأن اغصان تلك الشجرة مثقلة بحملها مهددة بالكسر.
 
لقد بدأت الحكاية ثم تفاقمت حين تم انشاء تلك الوحدات بأن أشار أصحاب المشورة أن أهمية تلك المؤسسات تقتضي ربطها برئيس الوزراء فجاءت الواحدة تلو الأخرى ليصبح المجموع على مر الزمن بهذه الضخامة، منها الكثير لم نسمع به من قبل.
 
هل يعقل أن هناك مؤسسات حيوية تتبع وفق هيكلها التنظيمي لرئيس الوزراء بينما الوزارة المعنية بتحقيق نفس الأهداف أو تتكامل معها رقابياً لا يوجد في تبعيتها أي مؤسسة مستقلة! من الأمثلة لوزارات لا يوجد مؤسسة واحدة تابعة لها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المرتاحة بلا أي جهة تابعة لها، بينما المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا الذي يسعى لنفس أهداف وزارة التعليم العالي يرتبط برئيس الوزراء!
 
كذلك لا أفهم جدوى أن يرتبط مجمع اللغة العربية الأردني والمركز الوطني لتطوير المناهج برئيس الوزراء بينما تترك وزارة التربية والتعليم في منأى عنها، كذلك وزارة الطاقة لا جهة تتبع لها بينما هيئة الطاقة الذرية وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن ترتبط برئيس الوزراء. قد تجد من يقول أن بعضها جهات رقابية تنظيمية يتطلب دورها الحيادية مما استدعى ربطها برئيس الوزراء، لكن لم هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تتبع وزارة الاتصالات رغم دورها الرقابي التنظيمي الهام؟ وما المعيار الذي جعل هيئة تنظيم النقل وهي التي تشرف على قطاع حيوي هام للجمهور تتبع لوزارة النقل؟
 
الخلاصة يجب ترشيق هذا الحمل الثقيل بحيث يعاد النظر في تشريعات تلك الجهات على وجه الاستعجال لأن في ذلك وفورات مالية وتخفيض لعجز الموازنة وتحقيق للعدالة، بحيث يجب دراسة الحاجة لوجود بعضها من عدمه، ودراسة مدى حاجة البعض الآخر منها لمجالس إدارة أو مفوضين من عدمه، بحيث يكتفي بمدراء عموم.
 
وفي النتيجة يتم إلغاء ما لا يلزم منها، أو ربط المؤسسة المستقلة بوزارة، أو الاكتفاء بإدراجها كمديريات ضمن هيكل الوزارة المعنية، مع المحافظة على استمرار أدوارها إذا كانت ضرورية، الأمر الأجدى مالياً من نقل موازناتها إلى قانون الموازنة العامة أو تقنين الأثاث ووقف التعيينات. بالتأكيد يجب الابقاء على عدد محدود من الجهات التي لا مناص عن ارتباطها برئيس الوزراء، وهي تلك الجهات التنظيمية أو الرقابية أو السيادية التي تلعب دوراً حيوياً لا غنى عنه، وأعتقد أن هذا النهج سيحقق في نهاية المطاف الكفاءة والاستغلال الأمثل للموارد ويؤدي إلى ضبط حقيقي للنفقات.