أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2015

تقرير اقتصادي المشكلة المحاسبية في اليابان

 

أدير تيرنر
 
طوكيو-الغد--على مدى السنوات القليلة المقبلة، سوف يصبح من الواضح أن بنك اليابان حول عِدة تريليونات من الدولارات من الديون الحكومية إلى أوراق مالية. والتخوف التقليدي هنا هو أن طباعة النقود لتمويل العجز المالي الحالي والسابق تؤدي حتماً إلى تضخم خطير. ومن المحتمل أن تكون النتيجة في اليابان ارتفاع التضخم والنمو بشكل طفيف. ومن المرجح أن لا تزيد ردة فعل الأسواق المالية عن التثاؤب في ملل ببساطة.
لقد تجاوزت ديون الحكومة اليابانية الآن   230 %  من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 140 % حتى بعد خصم الحيازات من قِبَل الكيانات المختلفة المرتبطة بالحكومة، مثل صندوق الضمان الاجتماعي. وهذا الجبل من الديون نتيجة حتمية للعجز المالي الكبير الذي تراكم على اليابان منذ عام 1990. وهو دين لن يتم "سداده" أبداً بالمعنى الطبيعي للكلمة.
وتوضح الأرقام المقدمة من صندوق النقد الدولي السبب وراء ذلك. فلكي تسدد اليابان جزءاً من صافي دينها بحيث ينخفض حتى إلى 80 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، فسوف يكون لزاماً عليها أن تحول عجز الموازنة الأولي الذي بلغ 6 % من الناتج المحلي الإجمالي (قبل سداد الفوائد المستحقة على الديون القائمة) في عام 2014 إلى فائض بنسبة 5.6 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020، فضلاً عن الحفاظ على ذلك الفائض طيلة عقد العشرينيات من القرن الحالي.
وإذا حاولت اليابان هذا فسوف يُحكَم عليها باستمرار الانكماش والركود. بل إن حتى أي خطوة متواضعة في هذا الاتجاه، زيادة ضريبة المبيعات في نيسان (ابريل) 2014، على سبيل المثال، أدت إلى انتكاسة شديدة للتعافي الاقتصادي.
وبدلاً من سدادها، يشتري بنك اليابان ديون الحكومة، حتى أن مشترياته منها التي بلغت 80 تريليون ين سنوياً تتجاوز الآن إصدارات الحكومة من الديون الجديدة التي بلغت نحو 50 تريليون ين. وبالتالي فإن مجموع الدين، مع خصم حيازات بنك اليابان، ينخفض ببطء. وإذا استمر الاتجاهات الحالية، فلن يكون من الممكن خفض الدين الذي يحتفظ به بنك اليابان ولا الكيانات الأخرى المرتبطة بالحكومة إلى 65 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2017. ولأن الحكومة تملك بنك اليابان، الذي يعيد الفوائد التي يحصل عليها من سندات الحكومة إلى الحكومة، فإن الرقم الصافي المتزايد الانخفاض هو فقط الذي يمثل مسؤولية حقيقة تقع على عاتق دافعي الضرائب اليابانيين في المستقبل.
كان الهدف المعلن من عملية التيسير الكمي العملاقة من قِبَل بنك اليابان هو رفع أسعار الأصول، وخفض أسعار الفائدة، وإضعاف سعر صرف الين، وبالتالي تحفيز الاستثمار التجاري والصادرات. ومن المؤكد أن آليات التحويل غير المباشرة هذه تخلف بعض التأثير الإيجابي على التضخم والنمو: فقد تحول الائتمان الخاص إلى المنطقة الإيجابية منذ أطلِق برنامج التيسير الكمي. ولكن التحفيز الاقتصادي الأكبر يستمد من العجز المالي الحكومي الضخم المستمر، والذي يمول فعلياً بالنقود التي يخلقها بنك اليابان.
ولم يُعتَرَف بهذه الحقيقة علناً بعد. فالمبدأ الرسمي هو أن بنك اليابان سوف يبيع في نهاية المطاف كل سندات الحكومة التي حصل عليها. ولكن لا ينبغي له أن يفعل ذلك. فبوسع بنك اليابان أن يحتفظ بالمستوى الحالي من الحيازات من ديون الحكومة إلى أجل غير مسمى، مما يجعل المشتريات الجديدة ناضجة كما السندات القائمة. وإذا هدد المال المخلوق ــ في هيئة احتياطيات البنوك التجارية لدى بنك اليابان ــ بدعم النمو الائتماني المفرط والتضخم، فيستطيع بنك اليابان أن يعوض عن هذا الخطر بفرض متطلبات الاحتياطي على البنوك.
وبالتالي فإن السطات اليابانية تفعل الآن ما اقترحه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي السابق بن برنانكي عام 2003 ــ استخدام العجز المالي المحول إلى أوراق مالية لوضع القدرة على الإنفاق بشكل مباشر بيد الشركات والأسر. وكان بنك اليابان قد رفض نصيحة برنانكي في ذلك الوقت، وأصر بدلاً من ذلك على ضرورة تمويل كل العجز بالسندات؛ غير أن بنك اليابان الآن يحول العجز السابق والحالي فعلياً إلى نقد. ولو فعل ذلك في وقت سابق، فإن اليابان كانت لتشهد انكماشاً أقل ونمواً أعلى قليلا، وكانت الديون العامة لتصبح أصغر الآن. ولكن تأخر التحرك أفضل من عدم القيام به على الإطلاق.
وبوسع السلطات اليابانية أن تجعل عملية التحويل إلى نقد صريحة من خلال الاستعاضة عن بعض الديون ذات الفوائد التي يحتفظ بها بنك اليابان بسندات دائمة بلا فوائد. ولكن بصرف النظر عما إذا كانت قد تفعل ذلك، فإن الواقع الاقتصادي سوف يصبح واضحاً بشكل متزايد على مدى العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة، وسوف يركز التعليق المالي والاقتصادي بشكل متزايد على أعباء الدين الحكومي الموحد، مع خصم حيازات البنك المركزي.
ومع تتابع فصول هذه العملية، هناك خطر طفيف يتمثل في إصابة الأسواق المالية بالفزع الذي يعكس المخاوف التقليدية من أن يؤدي تحويل العجز إلى نقد إلى التضخم المفرط، وأن تنتج العملية زيادات كبيرة في عائدات السندات الحكومية وانخفاض كبير في قيمة الين. ولكن ردة الفعل الأكثر ترجيحاً في السوق هي عدم المبالاة الجماعية، وقبول التحويل الدائم إلى نقد باعتباره الوسيلة الآمنة الوحيدة الممكنة لتخفيف أعباء الدين، وهو ما قد يصبح مستعصياً لولا ذلك.
وسوف تنتهي الحال باليابان فعلياً إلى التحويل النقدي للعجز العام الضخم الذي تراكم عليها بعد نهاية طفرة الائتمان في ثمانينيات القرن العشرين، والذي يعوض بشكل مفيد عن تأثير تقليص الديون الخاصة في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحالي. وكان القيام بهذا في وقت مبكر ليصبح أفضل؛ ولكن حتى في غياب مثل هذا التوجه المتطرف فلم يكن "العقدان الضائعان" في اليابان كارثيان كما يفترض عادة.
 
* كبير زملاء معهد الفِكر الاقتصادي الجديد ومركز الدراسات المالية في فرانكفورت.
 خاص بـ "الغد" بالتعاون مع "بروجيكت سنديكيت"