أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    31-Jul-2018

ملاحقة القطط السمان*د. ماهر عربيات

 الراي-الملاحظ أن آفة الفساد، ومنذ بضع سنوات بدأت تبتعد وإلى حد كبير، عن دائرة المحظور، لتقترب أكثر من محيط المشروعية، بل والتطبيع مع هذه الآفة الخطيرة، واستيعابها كأمر طبيعي مقترنة بأصالة الكرم الأردني، دون أية رابطة بدماثة الخلق وثقافة النزاهة والقناعة. والجسامة في الأمر تبرز حين نواصل الإجتهاد ونحسن الإبداع في مزاولة الفساد واحتضانه، مقابل الإنسحاب من محاصرته والتصدي له، فتتراجع الحواجز الأخلاقية والقانونية للوراء، ويجري تكريم الفاسدين وناهبي المال العام، بينما يقتص من كل من حاول الإبلاغ عنهم، وهي تركيبة غريبة وعلامة اردنية بامتياز.

 
يقول الفيلسوف الألماني (هيجل) حينما تلتقي المصلحة الخاصة للشعب مع المصلحة العامة للدولة، تكون الدولة منظمة وقوية، لكن عندما تهيمن المصلحة الخاصة على كل شيء، حينئذ تغدو الدولة هشة قد تنزلق في الفوضى. الفساد بصفة عامة ليس قدرا ثابتا لا يمكن مكافحته، بل إن السيطرة عليه ممكنة جدا، والدراسات والأبحاث المقترحة لتطويق الفساد، كثيرة من بينها على سبيل المثال كتاب آليات مكافحة الفساد لمجموعة من الخبراء.
 
اشتد الحديث بشكل غير مسبوق خلال الأيام الماضية حول قضايا الفساد، وتصاعدت وتيرة ملاحقة القطط السمان، وكشف ملفات الفاسدين، وهي على ما يبدو تسير بتخطيط واهتمام تجاوز الحد الأدنى من الطموح، بعد أن تمكنت القطط السمان من قضم دوائر الدولة، وبات الفساد ظاهرة مستحكمة في مؤسساتها، ساهمت في اتساع قاعدة المستوزرين، وطالبي الولاية واللاهثين خلف السياسة ومتسوليها.
 
في اللقاءات والمجالس العامة والخاصة، لاصوت يعلو حاليا فوق صوت تطويق ومحاربة الفساد وضرب أوكاره. حتمية دولة الرئيس في محاربة الفساد، وملاحقة القطط السمان، ظاهرة للعيان ولاتحتاج إلى المزيد من الإفصاح، لكن أمل المواطنين ان تمضي إلى نهاياتها، وأن لا تكون مجرد محاولات لتخفيف الإحتقان في الشارع الأردني، فالقاعدة الأساسية تقول إن العدالة لا تتحقق حتى نراها تتحقق، وتبدأ العدالة عندما يصل الأمر إلى منصة القضاء، صحيح ان الأمر قد يقود إلى عناصر كانت نافذة من خلال مواقعها في وقت من الأوقات أو ما زالت، لكن التحدي الأكبر الذي تواجهه حكومة الرزاز، يكمن في نقل محاربة الفساد من مستوى الشعار إلى واقع التطبيق.
 
لنعترف بأن لدينا تخمة وإشباع في التفسير والمواد والنصوص، لكن فيما يخص الأداء الحكومي وتطويق مساحة الفساد، أعتقد أننا بعيدين عن محاصرة هذا الشبح اللعين.
 
هناك قضايا لا تستجيب لمعايير الحلول المتعارف عليها، إلا إذا كانت تلك القضايا طبيعية، والحلول المطروحة لقضايانا باتت مثل العقاقير العقيمة، التي اكسبت الفيروسات المناعة اللازمة ضدها نتيجة كثرة الاستخدام، وتجريب الأدوية لم يعد مجديا، والتشخيص لا ينفع الآن، بعد ان خضعت المشكلات لعمليات تشخيص لا تعد ولا تحصى.
 
فكرة الدولة النموذجية هي التي يؤدي فيها العقل الجمعي وظيفته على نحو جيد، بطريقة متناغمة تخدم المواطنين، وفي الدولة النموذجية يراهن البشر على النخبة التي تفكر وتخطط نيابة عن الآخرين، لذلك تجد المواطنين يثقون بهم ويراهنون عليهم، وعبء الدولة دائما يقع على عاتق هؤلاء، وهم في الغالب يؤدون واجباتهم بمعرفة وتفان وإتقان، وعند فقدان الثقة في تلك النخبة تعود الإشكالية إلى مربع الصفر.
 
كل ما نعانيه من مشاكل هو مفتعل ومراد له ان يستمر، ومسألة الخروج منها من أبسط ما يكون، لكن السؤال لم لا يكون؟ لم لا نغادر هذه اللعنة التي توشك أن تأتي على ما تبقى من خصالنا الطيبة؟