أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2019

حزمة أمان اجتماعيّ في ظل الصندوق*سلامة الدرعاوي

 الدستور-اطلقت الحكومة مؤخرا الاستراتيجيّة الوطنيّة للحمايّة الاجتماعيّة 2019-2025 التي تتضمن أربعة محاور أساسيّة هي: سياسات سوق العمل، والتأمينات الاجتماعيّة، والخدمات الاجتماعيّة، والمساعدات الاجتماعيّة.

الهدف التي أعلنته الحكومة من هذه الاستراتيجيّة هو بناء منظومة حمايّة اجتماعيّة شاملة ومتكاملة تحصّن الأردنيين والأردنيات من الفقر وخطر الوقوع به وتمكّنهم من العيش بكرامة الأمر الذي يتطلب تنسيق هذه الجهود وتوجيهها في سبيل حمايّة الأسر الفقيرة والمعرضّة للفقر، والعمل على تصميم وتنفيذ برامج الحمايّة المتكاملة التي تُلبيّ حاجات الأسر الفقيرة وتمكّنهم من الإنتاج وبالتالي الاندماج اجتماعيّاً واقتصاديّاً.
يبقى السؤال المطروح على الدوام عن جدوى تلك البرامج الاجتماعيّة التي تنفذها الحكومة ونفذتها الحكومات السابقة في ظل الارتباط مع صندوق النقد الدوليّ ضمن برامج التصحيح الاقتصاديّ المعمول بها؟
من المآخذ على برامج التصحيح الاقتصاديّ التي نفذتها الحكومات الأردنيّة خلال الفترة (1989- 2019)، أنّها تجاهلت الأبعاد الاجتماعيّة في مضمونها، مقابل تركيزها على الإصلاح الماليّ الذي اعتمد أساساً على زيادة الإيرادات المحليّة، اما باستحداث الضرائب والرسوم أو بيع الأصول من خلال التخاصيّة.
لم تفق الحكومات من التداعيات السلبيّة الاجتماعيّة لبرامج التصحيح التي ركّزت على سياسات التقشف معتمدة في ذلك على فرض ضرائب ورسوم جديدة ورفع تدريجيّ للدعم إلا في عام 1998 عندما ارتفعت مُعدّلات الفقر إلى مستويات كبيرة وانتشرت جيوبها في مختلف أنحاء المملكة، مصحوبة بارتفاع كبير على أعداد البطالة، مع انخفاض حاد في مُعدّلات النمو الاقتصاديّ في ذلك الوقت.
هُنا تدخلت الحكومة بالتعاون مع البنك الدوليّ واطلقت حينها ما كان يعرف بحزمة الأمان الاجتماعيّ، ورصدت لها ما يقارب الـ 480 مليون دينار معظمها منح وتسهيلات من المؤسسات والمانحين، لكن للأسف كان الوقت مُتأخراً، ومعالجة الفقر والبطالة كانت تتطلب برامج أكبر بكثير من حزمة الأمان التي كان مقرّها وإدارتها في وزارة التخطيط.
لذلك أكد رئيس وزراء سابق في احد لقاءاته الاقتصاديّة أن جميع برامج محاربة الفقر والبطالة فشلت رغم أن الحكومات أنفقت أكثر من 700 مليون دولار لِمُعالجتهما دون فائدة.
اليوم الأردن يدخل مرحلة جديد ومشابهة لِما كان عليه في نهاية عقد الثمانينات، حيث أقرّ برنامج تصحيح مدته ثلاث سنوات، يُركّز في جوهره على رفع تدريجيّ على أسعار الكهرباء وصولا إلى كُلّف إنتاجها، إضافة إلى تحرير الدعم عن غالبية السلع والخدمات.
البنود السابقة ستترك أثاراً اجتماعيّة سلبيّة على الأمن المعيشيّ للمواطنين، وقد يتكرر المشهد على النحو السابق الذي كان فيه الوضع معمولا به ببرامج التصحيح طيلة عقد التسعينيات.
حتى لا يتكرر مشهد جيوب الفقر المنتشرة أصلاً في جميع أنحاء المحافظات يدور حولها آلاف المتعطلين عن العمل، لا بد من أن تتدارك الحكومة هذا الوضع باستحداث شبكة أمان اجتماعيّ تكون قادرة على اِمتصاص التداعيات السلبيّة الاجتماعيّة على معيشة الأردنيين.
شبكة الأمان يجب أن تكون خطتها من ضمن الموازنة العامة، بمعنى أن يتم رصد المخصصات الكافية لها طيلة عمل برنامج التصحيح، وفي هذا الاطار لا بد من تطوير المضمون النوعيّ لشبكة الأمان بحيث تتضمن فكراً إنتاجيّاً جديدا للأردنيين، يُعيد في النهاية بناء الطبقة الوسطى من جهة، ويساعد الطبقة الفقيرة على التطوّر والتقدّم للأمام من جهة أخرى.
شبكة الأمان المُقترحة يجب أن تكون ذات صلة باستراتيجيّة التشغيل وبصندوق تنميّة المُحافظات، فالهدف هو خلق برامج تدريبيّة وتأهيليّة للمتعطلين عن العمل والخريجين معاً، والابتعاد عن سياسة الأعطيات ومأسسة المنح والهبات التي لا تجدي نفعا، وقد تكون الاستراتيجيّة الوطنيّة للحماية الاجتماعيّة بارقة أمل نحو هذا الهدف الساميّ.