أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2017

تركيا بين الأمس واليوم

الغد-هيثم حسان
 
الناشر: طريق الحكمة للدراسات والاستشارات والتسويق
سنة الإصدار: تموز/ 2017
 
تلقي هذه الدراسة الضوء على مؤشرات الاقتصاد التركي بين عامي 2001 و2016، في مقارنة لا تخلو من دلالات عميقة على تطور هذا الاقتصاد بشكل سريع.
وكانت تركيا عانت في الأعوام 1994، 1999، 2001، من أزمات اقتصادية حادة أدت إلى انهيار عدد من الحكومات المتعاقبة التي فشلت في معالجة المشاكل الاقتصادية التي مرت بها البلاد، والتي كان من أبرزها انهيار قيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها وزيادة نسبة التضخم بشكل كبير وعجز الميزان التجاري وارتفاع نسبة الدين بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي وتردي أوضاع القطاعات الصناعية والتجارية وقطاع السياحة.
لكن فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات العام 2002، غير المشهد التركي برمته، ولاسيما الاقتصادي منه، فشرعت الحكومة في اتخاذ خطوات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وأصدرت لوائح جديدة للنظام المصرفي بهدف الانضباط المالي، وتعزيز المالية العامة والسياسة النقدية السليمة والميزانيات المتوازنة وسياسة الاقتصاد الكلي السليمة وزيادة فعاليات المؤسسات العامة وتنفيذ اجندة إصلاح هيكلي شاملة وبعيدة المدى.
 
وأثمرت تلك الإصلاحات في زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد التركي، وتعزيز كفاءة ومرونة القطاع المالي، ووضع قانون للضمان الاجتماعي على أساس سليم، ومراقبة التطورات العالمية والمحلية وتعديل بيئة الأعمال وفقا للتطورات.
وبنفس الوتيرة تستمر الحكومة التركية في الوقت الراهن بدفع عجلة الاقتصاد التركي إلى الأمام على الرغم مما شهدته السنوات القليلة الماضية من احداث عصفت بالمنطقة، لاسيما تلك المتعلقة بثورات الربيع العربي والحرب السورية التي تأثرت بها كافة الدول المحيطة والأعباء الاقتصادية التي تحملتها الدولة التركية مع موجة اللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم الـ2.8 مليون لاجئ، وما رافق ذلك من ضغط على سوق العمل وارتفاع معدل البطالة.
وقامت هذه الدراسة على قراءة البيانات الدولية التي تناولت أداء الاقتصاد التركي على صعيد عدد من المؤشرات الاقتصادية خلال الفترة بين 2001 و2016، والتي غطت أهم محاور الاقتصاد التركي وأظهرت موقع تركيا على خريطة التنافسية العالمية في أبرز تلك المحاور، مما أكد نجاح الحكومات التركية المتعاقبة منذ 2002 في تحقيق إنجازات كبيرة على مختلف الصعد.
 
وتمكنت الحكومة التركية من تحقيق تطور كبير في عدة مؤشرات اقتصادية، وتتمثل في خفض نسبة التضخم إلى 7 % بعد أن كانت 45 % العام 2001، وتضاعف دخل الفرد ثلاث مرات حيث أصبح 10303 دولارات العام 2010، بعد أن كان 3054 دولارا العام 2001، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 799 مليار دولار العام 2014، بعد أن كان 196 مليار دولار العام 2001، وارتفعت قيمة الصادرات إلى 203 مليارات دولار العام 2015 بعد أن كانت 53 مليار دولار العام 2001، وبلغت مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي 168 مليار دولار العام 2015، بعد أن كانت 52 مليارا العام 2001، أما القطاع الزراعي فبلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 54 مليار دولار العام 2015 بعد أن كان 17 مليار دولار العام 2001، وحافظ معدل البطالة على ما نسبته 8-10 % خلال الفترة من 2001-2016، وبلغ عدد السياح إلى تركيا 39 مليون سائح العام 2015 بعد أن كان 11 مليونا العام 2001، وبعائدات مالية بلغت 31 مليار دولار العام 2015، حين كانت 17.5 مليار دولار العام 2002، وبلغ عجز الموازنة 2 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي العام 2016، وانخفضت النسبة المئوية للدين العام من الناتج المحلي الإجمالي من 60 % خلال العشر سنوات السابقة إلى 34 % العام 2016.
كما تم تسديد كامل الدين المستحق لصندوق النقد الدولي على الحكومة بحيث دخلت تركيا قائمة الدول غير المدينة للصندوق، وأصبحت لأول مرة غير مدينة له منذ 52 عاما، وقد أعلن رئيس الوزراء التركي في العام 2013 في كلمة أمام نواب حزب العدالة والتنمية أن البنك المركزي التركي سدد الشريحة الأخيرة من الدين للصندوق والبالغ 412 مليون دولار، كما أعلن نائب رئيس الوزراء التركي علي باباجان أن تركيا ساهمت بحوالي 5 مليارات دولار في عمليات صندوق النقد الدولي، وعزا نجاح بلاده في سداد ما عليها من ديون إلى نجاح الحكومة في تشجيع ودعم القطاع الخاص.
 
وتناولت الدراسة 19 مؤشرا اقتصاديا قامت من خلالها بقياس مقدار نمو الاقتصاد التركي، مدعمة بالأرقام والجداول والبيانات، والمؤشرات هي الناتج المحلي الإجمالي (الذي تضاعف 4 مرات العام 2013)، ودخل الفرد بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي (والذي أخذ منحى تصاعديا إلى عام 2010، ثم مرحلة ثبات نسبي)، والتضخم الاقتصادي (التي انخفضت من 54 % إلى 8 %)، والتجارة الخارجية (زادت الصادرات العام 2015 إلى 203 مليارات دولار، بعدما كانت في 2001 نحو 52.7 مليار دولار، وفي مجال الواردات أزالت الحكومة كل العوائق أمامها)، والاستثمارات الأجنبية التي تضاعفت أرقامها بشكل كبير بسبب التسهيلات وسياسات التحفيز التي اتخذتها الحكومة التركية للاستثمارات الاجنبية، والعملة الوطنية (الليرة التركية) التي حققت استقرارها وثقة المواطنين بها، واحتياطيات النقد الأجنبي والذهب (التي شهدت ارتفاع ملحوظا العام 2015 بلغ 110.5 مليار دولار، بعد أن كانت 20 مليار دولار فقط العام 2001، ومؤشر البطالة، الذي كان من أضعف المؤشرات، والدين العام، وقطاع الزراعة، وقطاع الصناعة وقطاع السياحة، وقطاع النقل والخدمات اللوجستية، وقطاع المالية، وقطاع الطاقة، وقطاع التعليم، والقطاع الصحي، وقطاع العقارات، وقطاع المشاريع الضخمة.
 
بعيدا عن العنوان الواسع الفضفاض، تمثل هذه الدراسة مسحا معرفيا لمؤشرات الاقتصاد التركي ومعالم نجاحه خلال 15 سنة، وقد تدعو للإسقاط أو المقارنة لدينا، رغم الفارق، لكن يمكن القول إن التجربة التركية خلال الفترة الراهنة تستحق ان يُلقى عليها الضوء، وهو ما قامت به الدراسة عبر قراءة مؤشرات الاقتصاد التركي، لكن الدراسة لم تخلص لنتائج أو استنتاجات، ليتمكن القارئ من خلالها قراءة آفاق المستقبل واستشرافه.
ويمكن لهذه الدراسة أن تكون مدخلا لدراسات أعمق حول الاقتصاد التركي، وبتفصيل أكبر لكل مؤشر، تظهر فيه آليات التطور وعوامله في الاقتصاد التركي، وكيف قامت الدولة التركية بتحفيز كل مؤشر بشكل أكثر عمقا وتفصيلا.