أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-May-2017

المسيرة الصاعدة الكبيرة للأسواق بحاجة إلى نهاية إيجابية* محمد العريان
فايننشال تايمز - "هناك قدر من السيولة فوق الحد يمكن الحصول عليه من مطاردة عدد قليل دون الحد من الفرص -وهذا صحيح بالنسبة لجميع فئات الأصول تقريبا". بهذه الطريقة لخص مستثمر صديق التحديات التي تواجه الذين يسعون إلى توليد عوائد عالية مرجحة بالمخاطر. هذه السيولة الكبيرة، الفعلية والمتوقعة، هي أيضا أحد الأسباب المهمة في أن عمليات البيع المكثف المدفوعة بالعوامل السياسية، التي جرت الأسبوع الماضي، تبين منذ الآن أنها قصيرة وقابلة للعكس جزئيا، على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين في البيت الأبيض.
هناك ثلاثة عوامل رئيسة تحرك هذه الفترة التاريخية من دعم السيولة الكبيرة للأسواق: أولا، مع ارتفاع الأرباح ووصولها إلى نسبة قياسية كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، عملت الشركات على تكوين مبالغ نقدية كبيرة في ميزانياتها العمومية، وجزء منها يتعين عليه، أو من المتوقع، أن يصل إلى المستثمرين خلال توزيعات أعلى للأرباح، وعمليات شراء الأسهم، وعمليات الاندماج والاستحواذ.
ثانيا، مع تفاقم حالة عدم المساواة، تراكمت حصة غير متناسبة من الإيرادات الإضافية والثروات لصالح شرائح ميسورة الحال من السكان الذين تتحول رغبتهم الهامشية المنخفضة نسبيا للاستهلاك إلى ميل أكبر للاستثمار في الأصول المالية.
ثالثا، والأكثر أهمية، كانت البنوك المركزية جهات شراء كبرى للأصول المالية أثناء فترة زمنية طويلة بشكل غير عادي تميزت بالاعتماد المطول على السياسات النقدية غير التقليدية، التي تضخَّم أثرها على السوق بسبب قدرة الأسواق على التنبؤ بأنشطتها الشرائية. عملت كل تلك السيولة على تعويم الأسهم إلى أعلى، وأبقت عليها في ذلك المستوى رغم وجود درجة غير عادية من عدم الاستقرار في الاقتصاد والسياسة. وخلال تلك العملية انفصلت أسعار الأصول عن الأساسيات السياسية والاقتصادية الكامنة.
توزيع المخاطر (الفروق في أسعار الفائدة على السندات) بالنسبة لسندات الشركات أيضا تقلص إلى مستويات منخفضة بشكل غير عادي، رغم الوتيرة القياسية لعمليات إصدار سندات الشركات. حتى عائدات السندات الحكومية بقيت منخفضة على الرغم من الزيادة الكبيرة في المخزونات والسياسة النقدية الأقل تحفيزا من الاحتياطي الفيدرالي.
من هذا الباب، عملت السيولة الوفيرة أيضا على تغيير علاقات الارتباط بين فئات الأصول الموجودة منذ أمد بعيد، ما أدى إلى تحويل التنوع في فئات الأصول (بهدف التخفيف من المخاطر) إلى مولد أقوى للعوائد على المحافظ. وتفاقمت تلك التأثيرات المباشرة بسبب الآثار المترتبة على التجارب العملية. وبعد سنوات من الوجود على الهامش عقب صدمة الأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008، يعود مستثمرو التجزئة مرة أخرى إلى السوق.
مع حدوث ذلك، انخفضت التقلبات لتصل إلى مستويات منخفضة غير معهودة، ما شجع على الدخول في رفع مالي إضافي والدخول في مزيد من المخاطر من قبل المتداولين والمستثمرين على المدى الطويل. كما أسهم أنموذج السيولة المذكور في حدوث هجرة واضحة للمستثمرين إلى اتخاذ مناهج استثمار سلبية، بعض عناصرها ربما يكون قد وصل إلى حد مبالغ فيه.
في الوقت نفسه، صناديق التحوط المدفوعة بالاقتصاد الكلي كانت تعاني من أجل توليد ذلك النوع من العائدات المرجحة بالمخاطر التي تدفعها للوصول إلى الصدارة، ما قلل من قدرتها على تليين تجاوزات السوق المحتملة. وأثر السوق المترتب على ظاهرة السيولة المذكورة، رغم القوة الكبيرة التي يتمتع بها، يواجه توقعات غامضة على الأمد القصير وتحديات على الأمد الطويل.
تعمل التطورات الأخيرة في البيئة السياسية الأمريكية على إثارة شكوك تتعلق بالجدول الزمني المفترض للسوق والخاص بتنفيذ السياسات الداعمة للنمو، مثل الإصلاح الضريبي والبنية التحتية. وهذا يعوض عن الأخبار الأكثر طمأنة بالنسبة للأسواق والآتية من أوروبا، بما في ذلك انتصار إيمانويل ماكرون في فرنسا والدعم المتزايد لأنجيلا ميركل قبيل إجراء الانتخابات في ألمانيا المقررة في الخريف المقبل.
من هذا الباب، يجب علينا أن نتوقع تكثيفا في شدة الحرب ما بين ظاهرتين أثارتهما السيولة: تزاحُم التداولات التي تتسبب بوجود متداولين متقلبين، وعقلية الشراء بعد هبوط الأسعار مباشرة، التي خدمت المستثمرين بشكل جيد، على الأقل حتى الآن.
على المدى الأطول، على الأرجح سوف تتلاشى مصادر ضخ السيولة الثلاثة. هناك حد لهيمنة الأرباح، لاسيما في سياق سياسي واجتماعي غاضب يعمل على تلاشي الثقة في المؤسسة، سواء أكانت خاصة أم عامة. أما ردود الفعل المعاكسة لحالة عدم المساواة فتعمل على إثارة نقاط انقلاب سياسية حادة، خاصة الآن بعد أن توسع نطاق التوجه الذي يزداد سوءا ليتجاوز الثروة والدخل وليشمل أيضا الفرص المتاحة. والبنوك المركزية أيضا، اعتمادا على المؤسسة، أصبحت أقل استعدادا أو أقل قدرة على اتخاذ تدابير استثنائية لدعم السيولة.
في عالم مواتٍ للأسواق المالية، يمكن أن تفضي ظاهرة السيولة إلى وجود سياسات حكومية أفضل تعمل على تحسين الأساسيات الاقتصادية والتأكيد على سلامة أسعار الأصول المرتفعة.
من دون ذلك، يخاطر المستثمرون والمتداولون بأن يتذكروا عبارة وارن بافيت "فقط عندما تنكشف الموجة، تكتشف من كان يسبح عاريا".
 
*كبير المستشارين الاقتصاديين لدى «أليانتز» ومؤلف كتاب «اللعبة الوحيدة في المدينة».