أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Apr-2018

صدقني.. *صبري ربيحات

 الغد-لا أحد يقول شيئا ولا يتمنى أن يصدقه الجميع. الأخبار والقصص والروايات التي نسمعها يوميا تحتاج الى كثير من التدقيق والتمحيص قبل قبولها والأخذ بها. فهي تحمل العديد من المبالغات ومحاولات التضليل التي يعمد لها من ينتج هذه المواد وينشرها. المبالغة سمة تمتاز بها ثقافتنا فنحن نبالغ في الوصف والثناء والترحيب والإشادة. البلاغة والمدح من الفنون التي نعلمها للأبناء ونثني على من يظهر مستويات جيدة منها في الشعر والكتابة والخطابة. المشكلة أن المبالغة قد تمتد لتجتاح جميع جوانب الحياة فتؤثر على تفكيرنا وقيمنا وتقييمنا لما نقوم به ويقوم به الآخرون.

المشكلة أن المبالغة في الوصف والتقييم قد تمتد لتؤثر على أحكام الناس على السلع والخدمات التي يحتاجونها. الكثير من الأشخاص يدركون أنه ليس كل ما يقال أو يكتب حقيقة، ويلقون باللوم على ضعف الرقابة الحكومية وتراجع دور الروابط الحرفية والمهنية في وضع المعايير والضوابط التي تساعد المستهلك على التعرف على أنواع وخصائص السلع والخدمات.
في كل مرة يحتاج أحدنا لشراء بيت أو سيارة أو قطعة أثاث أو حتى إصلاح عطل من الأعطال التي قد تصيب أحد ممتلكاته يجد نفسه مضطرا لأن يجري بحثا مطولا حول السلع والخدمات المتوفرة في الأسواق ويجمع بيانات وقصصا، وانطباعات وتجارب الأهل والجيران. البحث قد يستمر لأيام وأسابيع وربما أشهر، وقد يشمل الاستقصاء أشخاص نعرفهم أو لا نعرفهم. الهاجس الذي يسيطر على المتسوق يتمثل في الخوف من أن يتعرض للغش والخديعة.
بالرغم من أن الأديان والتقاليد والأخلاق والقوانين تعتبر الكذب سلوكا منحرفا وتعمل على إدانته ومعاقبة من يقوم به، إلا أن هذا السلوك ما يزال شائعا ويتسلل الى الكثير من الأوساط والقطاعات. العديد ممن يمارسون الحرف والمهن دخلوا الى سوق العمل من دون تلقي التدريب الكافي لأداء المهنة، ولا يوجد وسيلة معتمدة للتحقق من كفاءة وقدرة ومهارة هؤلاء الأشخاص.
من غير المتوقع أن تجد مهنيا يعتذر عن القيام بعمل لقلة الخبرة أو نقص المعرفة. في حالات كثيرة يتسبب من يمارسون هذه المهن بالضرر والتخريب للأدوات والآلات والتجهيزات التي يقومون على إصلاحها. لتجنب الوقوع ضحية لجهل المهنيين أو محاولات تضليلهم يحاول المستهلكون اتخاذ الكثير من الاحتياطات لحماية أنفسهم والحفاظ على حقوقهم.
مجموع الساعات التي يقضيها الأفراد في السؤال عن الخيارات المتاحة وجمع المعلومات والمقارنة يكفي لإحداث نهضة شاملة في مختلف جوانب حياتنا. الشركات العالمية الكبرى تقدم ضمانات وكفالات لطمأنة المستهلك، وتحرص على الاستجابة السريعة لمراجعات الزبائن وطلباتهم لضمان الرضا والارتياح.
غالبية المنتجات والسلع والخدمات المحلية لا تملك أي ضمانات باستثناء المهارات التسويقية التي يمتلكها الباعة والانطباع الذي يحاولون أن يتركوه على المتسوق المحتمل. البعض يقسم أغلظ الأيمان أو يسوق شواهد وقصصا ليؤكد جودة الخدمة أو السلعة التي يطرحونها.
في الريف والبادية والمدينة، تحرص الأسر والمدارس ومؤسسات التعليم والتدريب على بناء شخصية الفرد وإكسابه العادات والقيم والاتجاهات المقبولة اجتماعيا وفي مقدمتها الصدق والأمانة. الكل يتحدث عن أهمية الصدق والأمانة. البعض يبدأ حديثه بـ"صدقني" أو "صدقا". والبعض يحرص على أن يسمعك محاضرة عن فضائل الصدق والأمانة من دون أن تجد سندا لهذا القول في ممارساته.