أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Dec-2017

العاملات الصغيرات في الزراعة: ظروف قاسية وغياب الغطاء القانوني

 الغد-رانيا الصرايرة

تشكو مزارعة صغيرة، لا يزيد عمرها على 15 عاما، التحقت بالعمل في المزرعة بسبب وضع عائلتها المالي المتردي، من "عدم اعطائها اجرا مساويا لما تتقاضاه زميلاتها الأكبر سنا"، موضحة ان "أجرها يقل نصف دينار عن زميلاتها اللواتي يتقاضين دينارا ونصف الدينار عن كل ساعة عمل، رغم قيامها بنفس الأعمال بحجة انها صغيرة".
هذه الصغيرة، لم يشغل بالها ان القانون لا يسمح لها بممارسة العمل، حيث ينص على منع من تقل اعمارهم عن السادسة عشر من ممارسة أي عمل، إلا أنها مع ذلك، ليست الفتاة الصغيرة الوحيدة التي تعمل بمزارع الغور الشمالي، وهو ما يعكس واحدا من عشرات الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المزارع.
تقول دراسة، صدرت الاسبوع الماضي، عن مركز "تمكين للدعم والمساندة" إن إحدى العاملات فقدت اصبعها بعد اصابتها خلال عملها بالمزرعة، لعدم ارتدائها قفازا لحمايتها "لأن صاحب المزرعة لم يوفر للعاملات أدوات السلامة، إضافة لبعد المستشفى عن المزرعة وعدم وجود صندوق إسعاف اولي"، حيث جرى نقل الفتاة المصابة بواسطة "بيك اب" للمستشفى فوصلت اليه بعد فوات الأوان.
قصة أخرى تسردها دراسة "تمكين" بعنوان "المرأة في القطاع الزراعي.. عمل صعب، وحياة قاسية" عن مزارعة تخرج من بيتها عند الرابعة فجرا لتلتحق بعملها الذي يبدأ عند السادسة، حيت يتم نقلها هي والعاملات والعاملين بواسطة (بيك أب)، وينتهي عملها عند الخامسة مساء، وبعد ستة اشهر من عملها بالمزرعة وبعد انتهاء الموسم لم تأخذ اجرها من المزارع بحجة ان الموسم الزراعي خسر، وعلى أمل أن يدفع لها أجرها في الموسم القادم.
وتعاني شريحة واسعة من العاملات بالقطاع الزراعي من مجموعة مخاطر، وظروف عمل قاسية، كما تلفت الدراسة، منها الأجور المنخفضة وساعات العمل الطويلة وعدم إقرار نظام خاص بهن رغم شمولهم بقانون العمل، لحمايتهن من زيادة ساعات العمل وتتراوح بين 10-16 ساعة يوميا، إضافة إلى انعدام معايير السلامة والصحة المهنية، حيث لا يقوم العديد من أصحاب العمل بتزويد العاملين والعاملات بملابس وأحذية وكمامات وقفازات تقيهم مخاطر العمل الصعبة، كونهم يتعاملون مع الأسمدة والمواد الكيماوية وهو ما يعرضهم على المدى البعيد للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، أو حروق في الأطراف أو الأمراض الجلدية، وكذلك لضربات الشمس.
وانتقدت الدراسة عدم توفير وسائل مواصلات لائقة للعاملين لأماكن العمل، خاصة مع صعوبة الظروف الجوية في الأغوار حيث الارتفاع الشديد بالحرارة، وغالبا ما يجري نقل العاملات بوسائل نقل غير لائقة في "بكبات" مخصصة في الأصل لنقل الأدوات والمواد الزراعية.
إلى جانب ذلك، يعتبر تدني الأجور على رأس هذه الانتهاكات، حيث تتقاضى العديد منهن "أجورا تقل عن الحد الأدنى البالغ 220 دينارا شهريا، ومنهن من تتقاضى أجرة يومية بحدود 1.75 دينار، وهو ما لا يلبي للعاملة أقل حاجاتها المعيشية الأساسية والضرورية، إضافة الى عدم تمتع العاملات بأي نوع من التأمينات، خاصة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
وحسب بيانات مديرية زراعة وادي الأردن، فإن "عدد العاملات في المزارع في الوادي يتجاوز 10 آلاف، وتزداد نسبة الطفلات العاملات بينهن في الفترة بين حزيران (يونيو) وأيلول (سبتمبر) من كل عام، أي، خلال العطلة الصيفية للمدارس".
وتشير آخر دراسة أجرتها دائرة الإحصاءات العامة حول واقع الاطفال في الزراعة العام 2008، الى أن "عدد الطفلات العاملات يبلغ في هذا القطاع 3605 طفلات، أي بنسبة 11 % من مجموع الأطفال العاملين، من الفئة العمرية 17 – 12 عاما التي تشكل الحجم الأكبر من إجمالي الأطفال".
ويواجه أطفال يعملون في المزارع "مستويات مختلفة من التعب والإرهاق، إضافة إلى مخاطر صحية عديدة"، وفق دراسة لمنظمة العمل الدولية أجرتها العام 2014 حول الأطفال العاملين في المزارع وشملت أردنيين وسوريين، وجاء فيها أن "أكثر من نصف الأطفال العاملين (55.2 %) أفادوا أنهم مرهقون بشدة نتيجة للعمل، فيما أفاد 5 % فقط أن العمل لم يؤثر عليهم".
وبين تقرير سابق صادر عن المرصد العمالي الأردني ان العاملين بالزراعة "غير مشمولين بقانون العمل، سواء أكانوا عمالا محليين ام مهاجرين"، وهو ما يؤدي لـ "تعرض شرائح عديدة منهم لظروف عمل قاسية قريبة في بعض الأحيان من شروط العمل الجبري".
وعلاوة على ذلك "لم يصدر لغاية الآن نظام للعاملين في الزراعة بناء على التعديل الذي اجري على قانون العمل العام 2008 والذي يتضمن شمول عمال الزراعة والعاملين في المنازل بأنظمة تصدر لهذه الغاية".
ويؤكد التقرير "ان عدم شمول العاملين بالزراعة بأحكام قانون العمل يعتبر من اكبر واخطر الفجوات القانونية بالرغم من تصويت الأردن العام 2014 على بروتوكول مكافحة العمل الجبري، الذي أعدته منظمة العمل الدولية". 
وأشار التقرير إلى انه "بما ان معظم العاملين في القطاع الزراعي هم من العمالة المهاجرة وخاصة العمالة المصرية فإن معظم التشريعات والانظمة الصادرة بخصوص عمال الزراعة تتعلق بهذا النوع من العمالة"، موضحا انه يتم تنظيم وضعهم القانوني حسب لوائح خاصة.
أما العنصر الآخر فيكمن في "الإشكالات الناتجة عن عدم توفر صيغ تطبيق وحماية موحدة لقوانين العمل، بل وتطبيق قوانين تحمل تمييزا ضد العمال المهاجرين الذين يشكلون الغالبية العظمى بالزراعة".
واكدت التوصيات ضرورة إلزام اصحاب العمل بتوفير شروط السلامة والصحة المهنية مثل "الكمامات والقفازات وأغطية الرأس وملابس العمل"، إضافة الى قيام وزارة العمل بجولات تفتيشية للتأكد من التزام أصحاب العمل بتوفير معايير السلامة المهنية للعاملين.