أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jul-2019

الدواء المُر في “الباص السريع”* ماجد توبة

 الغد-من حقّ الناس أن يضجّوا بالشكوى والشعور بالضيق من انتشار الأعمال الإنشائية والإغلاقات والتحويلات الخاصة بمشروع الباص السريع في عمان، والتي حولت منذ عدة أشهر شوارع ومناطق رئيسة واسعة فيها لبؤر مرورية ساخنة تشهد ازدحامات واختناقات على مدار الساعة خلال النهار وحتى أوقات متأخرة من الليل. 

إلّا أن الشعور بهذه المعاناة اليومية بالشوارع والطرقات لا يجب أن يقلّل من أهمية هذا المشروع الكبير، للوصول لحلول دائمة وطويلة المدى لأزمة النقل العام وللانفجار المروري بالعاصمة خلال العقدين الأخيرين، والتي –وللأسف- لم تحظ بالاهتمام المطلوب والحقيقي من أمانة عمان والحكومات المتعاقبة وبقيت مجالا للترحيل والتهرب من مسؤولية مواجهتها، ما سمح بمفاقمتها للدرجة التي وصلت إليها اليوم. 
العاصمة عمان تضخمت مساحة جغرافية وسكانا أضعافا خلال عقدين أو ثلاثة بصورة لم يواكبها تطوير وتحسين مناسب بالبنية التحتية ولا بالتخطيط العمراني والتنموي، كانت حجته الرسمية المعلنة دائما هي ضعف الإمكانات المادية، لكنها حجة أخفت خلفها تقصيرا للمسؤول وغيابا للرؤية والتخطيط وتجاوزات واسعة بالترخيص والتنظيم وإهمالا متواصلا للنقل العام.
كل ذلك ترافق مع أو أدّى إلى تضاعف أعداد سكان العاصمة لنحو 4.5 مليون نسمة، أي نحو 40 % من سكان المملكة، إضافة لتضخم أكوام الحديد (المركبات والسيارات) بشوارع عمان لنحو مليون سيارة تضاف إليها عشرات وربما مئات الآلاف من سيارات المغتربين والسياح العرب بفصل الصيف، فيما يسهم تركز الوزارات والمؤسسات والشركات الكبرى والمؤسسات التجارية والخدمية الضخمة بمناطق محدودة بالعاصمة تفتقر لبنية تحتية مناسبة، بمفاقمة الازدحامات والاختناقات المرورية، خاصة في ظل الاعتماد الرئيسي للمواطنين على مركباتهم الخاصة بالتنقل لغياب قطاع نقل عام كفؤ ومناسب. 
إعادة إحياء العمل بمشروع الباص السريع وأيضا بمشروع الباص سريع التردد مع الزرقاء، وفتح هذه الورشة الواسعة بكل مناطق ومراحل المشروعين للمسارعة بإكمالهما أمر مطلوب ومحمود من قبل الحكومة الحالية والأمانة، بالرغم من الإقرار بما يسببه ذلك من معاناة وازدحامات مرورية، فتنفيذ الحلول المرورية الجذرية وتطوير النقل العام لم يعد بالمقدور الصبر عليه أو ترحيله أكثر، بل وندفع اليوم ثمنا باهظا لعدم تنفيذها مبكرا. 
وقد تكون المشكلة اليوم هي في أن تأخير الانتهاء من “الباص السريع” الذي بدأ العمل به قبل عشر سنوات ثم توقف جراء بعض الالتباسات، لن يحقق الأهداف التي خطط لها من أجلها بصورة كاملة مقارنة بما كان سيحققه لو تم الانتهاء منه قبل سنوات، فالمشكلة المرورية تفاقمت أكثر خلال العقد الأخير وأعداد المركبات الخاصة تضاعفت، فيما كان يمكن لها ألا تصل لهذا التضخم لو تم تشغيل الباص السريع وتطور النقل العام ووجد المواطنون والأسر بديلا مجديا لامتلاك سيارة خاصة أو حتى أكثر من سيارة للأسرة. 
المُبشّر بهذا السياق، أن الحكومة وأمانة عمان تعملان على مشاريع أخرى لتطوير النقل العام بالعاصمة، كان آخرها تشغيل مشروع “باص عمّان” نهاية الشهر الماضي بطاقة 135 حافلة بالمرحلة الأولى وتغطي 55 وجهة عبر 23 مساراً، على أن يتم التوسع وتأمين 150 حافلة جديدة تبدأ العمل نهاية العام 2020 لتغطية 34 مساراً جديداً.
المشروعان؛ الباص السريع وباص عمان، إضافة إلى الباص سريع التردّد كلاهما بحال اكتمالهما العام المقبل سيشكّلان نقلة نوعية بالنقل العام، الذي لا بد أن ينعكس على حلّ جزء مهم من الأزمة المرورية بالعاصمة، لكنها –طبعا- حلول تحتاج أيضا لاستكمال بتطوير تشريعات وأنظمة وتعليمات التنظيم والترخيص والتخطيط بالأمانة والبلديات على المدى القصير والمتوسط، وإلى إعادة رسم الحكومة للخريطة التنموية للعاصمة ومحافظات المملكة على المدى البعيد.