أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Aug-2015

لا تزال أكبر من أن يُسمَح لها بالفشل

 

سيمون جونسون
 
واشنطن-الغد- بعد مرور ما يقرب من سبع سنوات منذ اندلعت الأزمة المالية العالمية، وأكثر من خمس سنوات بعد إقرار تشريع دود-فرانك للإصلاح المالي في الولايات المتحدة، لا يزال سبب الأزمة ـ وجود البنوك التي يطلق عليها وصف "أكبر من أن يُسمَح لها بالفشل" ـ قائماً حتى الآن. وطالما بقيت هذه الحال فإن وقوع كارثة أخرى ليس سوى مسألة وقت.
يرجع مصطلح "أكبر من أن يُسمَح لها بالفشل" إلى عِدة عقود في الماضي، ولكنه دخل إلى الاستخدام على نطاق واسع في أعقاب انهيار ليمان براذرز في أيلول (سبتمبر) 2008. 
ومع انتشار المشاكل إلى مختلف أركان النظام المالي، قررت السلطات في الولايات المتحدة أن بعض البنوك وغيرها من الشركات المالية كانت كبيرة للغاية نسبة إلى الاقتصاد حتى أنها أصبحت "ذات أهمية جهازية" ولا يمكن السماح لها بالإفلاس. وقد أفلست شركة ليمان براذرز، ولكن المجموعة الدولية الأميركية (AIG)، وجولدمان ساكس، ومورجان ستانلي، وسيتي جروب، وبنك أوف أميركا، وغيرها من البنوك والشركات المالية أنقِذَت جميعها بالاستعانة بأشكال عديدة من الدعم الحكومي الهائل ـ وغير المسبوق.
وكان الخط الرسمي في ذلك الوقت هو أن ذلك "لن يتكرر مرة أخرى أبدا"، وهو الخط الذي كان منطقياً من الناحيتين السياسية والاقتصادية. فقد حصلت الشركات المالية الضخمة على نطاق من المساعدات لم يكن في عموم الأمر متاحاً لقطاع الشركات غير المالية ـ ومن المؤكد أنه لم يكن متاحاً للأسر التي وجدت أن قيمة أصولها (مساكنها) أصبحت أقل من قيمة التزاماتها (الرهن العقاري).
وإذا استمرت المؤسسات المالية المعقدة في الحصول على ضمانات حكومية ضمنية، فإن العديد من الناس ــ من اليمين واليسار ــ سوف يتفقون على أن هذا غير عادل بالنسبة لأجزاء أخرى من القطاع الخاص في حين يمثل حافزاً قوياً للبنوك الكبرى للانخراط مرة أخرى في الإفراط في خوض المجازفات. ويشكل هذا في لغة الاقتصاد "خطراً أخلاقيا". ولكن الأمر لا يتطلب تدريباً خاصاً لكي يدرك المرء أنه من غير الحكمة ومن الخطورة بمكان أن يحصل المسؤولون التنفيذيون في البنوك على الجانب الإيجابي (مكافآت ضخمة) عندما تسير الأمور على خير ما يرام، وأن يتحمل الجميع غيرهم عواقب الجانب السلبي للمخاطر (عمليات الإنقاذ والركود).
في قلب قانون دود-فرانك يكمن نهج ذو شقين في التعامل مع مشكلة "أكبر من أن يُسمَح لها بالفشل". فينص القسم الأول من التشريع، الباب الأول، على أن كل الشركات لابد أن تكون قادرة على الإفلاس من دون التسبب في أضرار واسعة النطاق للنظام المالي أو الاقتصاد الحقيقي. وتصدر التعليمات إلى الهيئات التنظيمية بعبارات لا لبس فيها بالتأكد من هيكلة وتنظيم الشركات المالية الضخمة على النحو الذي يسمح بحدوث الإفلاس، باستخدام القواعد والإجراءات العادية المعمول بها في الجهاز القضائي، من دون تكرار متتالية السقوط الكارثية التي حدثت بعد إفلاس ليمان براذرز.
وفي الباب الثاني من قانون دود-فرانك، أنشأ الكونجرس سلطة احتياطية تستطيع شركة التأمين على الودائع الفيدرالية من خلالها الاستيلاء على الشركات المالية الفاشلة وتولي إدارتها وفرض الخسائر المناسبة على المساهمين وبعض الدائنين من دون خلق أضرار جهازية واسعة النطاق أو ذعر عالمي. والخبر السار هنا هو أن شركة التأمين على الودائع الفيدرالية حققت بعض التقدم على مدى السنوات الخمس الماضية في التوصل إلى صياغة عملية قابلة للتطبيق للباب الثاني.
أما النبأ غير السار فهو أنه لم يتحقق أي تقدم تقريباً من حيث ضمان تمكين الشركات المالية الضخمة من الإفلاس فعليا. وفي جلسة استماع هذا الأسبوع أمام جزء من اللجنة المصرفية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، كان هناك اتفاق تام عبر الطيف السياسي على هذه النقطة. ويتعلق الخلاف بما يجب القيام به لإتمام هذا الجزء المهم من قانون دود-فرانك.
يتلخص الاقتراح الجمهوري في تعديل قانون الإفلاس، وإنشاء فقرات خاصة للمؤسسات المالية الضخمة والمعقدة. ولكن هناك ثلاث مشكلات ترتبط بهذا النهج.
فأولا، ينبغي لكل الشركات في الولايات المتحدة أن تكون قادرة على الإفلاس بموجب نفس القواعد. ذلك أن المعاملة المميزة لأي شركة تديم تصوراً مفاده أن إقراض بعض الشركات المالية الكبيرة أكثر أماناً ــ كما تعمل على تعزيز ميزتها غير العادلة.
وثانيا، من قبيل الخيال والتوهم أن نتصور أن القطاع الخاص قد يرغب في المشاركة في توفير التمويل لشركات مالية ضخمة تحت إشراف المحاكم، وخاصة أثناء أزمة جهازية. وتعريف مثل هذه الأزمة هو على وجه التحديد "تلك اللحظة عندما لا تكون قروض القطاع الخاصة متاحة بسهولة". ومن غير المرجح أن يكون أي قرض كبير ــ بقيمة عشرات المليارات من الدولارات ــ تقدمه وزارة الخزانة الأميركية إلى قاضٍ في محكمة إفلاس، مقبولاً على المستوى السياسي أو معقولاً على المستوى الاقتصادي.
المشكلة الأخيرة ــ والأكثر فتكا ــ هي أن إفلاس أي شركة مالية ضخمة في الولايات المتحدة اليوم من شأنه أن يحفز تدافعاً لشراء الأصول من قِبَل الهيئات التنظيمية في مختلف أنحاء العالم. فقد وافقت بعض الهيئات التنظيمية الأجنبية ــ مثل بنك إنجلترا ــ على عدم التصرف بشكل استباقي في أي عملية حل تديرها شركة التأمين على الودائع الفيدرالية. ولكن مثل هذه الاتفاقات لا تنطبق على عملية إفلاس تديرها محكمة؛ فالسلطات في كل مكان سوف تتحرك لحماية الدائنين ودافعي الضرائب المحليين عن طريق الاستيلاء على الأصول في نطاق ولاياتها.
يتلخص البديل الوحيد المعقول في جعل المؤسسات المالية الضخمة المعقدة أصغر حجماً وأقل تعقيداً حتى يصبح في إمكانها أن تشهر إفلاسها بموجب قواعد الإفلاس. وهذا هو المقصود من قانون دود-فرانك.
وقد دفعت شركة التأمين على الودائع الفيدرالية بكل جدية في هذا الاتجاه، في حين كان مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي أقل حماسا. ولكن القانون هو القانون، والآن حان وقت تنفيذه.
 
*أستاذ في مدرسة سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
خاص بـالغد بالتعاون مع بروجيكت سنديكيت.