أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-May-2017

التحفيز الاقتصادي والشراكة ما بين القطاعين*د. مأمون نورالدين

الراي-علاقة إعتماد تام هي التي تجمع ما بين خطة التحفيز الإقتصادي التي أطلقها جلالة الملك مؤخراً والشراكة مع القطاع الخاص. فلا يمكن للتنمية أن تكون إلّا إذا كانت هناك علاقة ثابتة وقوية ما بين القطاعين العام والخاص. رغم بعض الصعوبات المتعلّقة بالتشريعات خصوصاً الضريبية منها، إلّا أنه بالفعل لدينا نماذج لشراكات ناجحة ما بين القطاع العام والخاص ساهمت ولا تزال تساهم في التنمية. هذه الشراكات سرّعت فعلاً من التنمية والتطوّر في بعض القطاعات ونذكر هنا قطاع الإتصالات على سبيل المثال الذي نجح قي تأسيس بنية تحتية ممتازة للبلد ما كانت لتكون بهذه الجودة والتنافسية العالية نسبة للمنطقة لولا فتح الباب أمام القطاع الخاص للإستثمار والتطوير قبل ما يقارب العقدين من الزمان.
 
هناك ثوابت يبحث عنها صنّاع القرار في القطاع الخاص قبل الدخول في شراكات مع أي حكومات، أولّها البيئة التشريعية الثابتة التي تحمي حقوق الشريك من القطاع الخاص كما تضمن حق الشريك من القطاع العام تماماً، وثانياً التسهيلات المالية والإجرائية، وثالثاً الشفافية العالية ما بين الطرفين في ما يضمن الديمومة والاستمرارية لنجاح المشروع. عملية صنع القرار في ما يخصّ الإستثمار في مشروع أم لا في القطاع الخاص تعتمد بشكل كبير على دراسات تقييم المخاطر وهذا ما على صنّاع القرار في القطاع العام أن يأخذوه في عين الإعتبار كأولوية عند التفكير والتخطيط لجذب شركاء للمشاريع التنموية من القطاع الآخر. معظم الإقتصادات الحكومية المتقدمة حول العالم إعتمدت في مراحل نشأتها على تثبيت شراكات إستراتيجية طويلة الأمد مع مستثمرين مختصين في مجالات معينة وخصوصاً في مشاريع البنية التحتية مما ساعد هذه الحكومات في صنع طفرات تنموية أحدثت نقلة نوعية في الخدمات وفرة وجودة.
 
كي لا نبعد في الأمثلة حتّى جغرافياً، لننظر للشقيقة دبي التي أصبحت مضرب المثل في التنمية ليس عربياً فقط بل عالمياً. لنتطلع إلى ما تم إنجازه في دبي من منظور «كيف إستطاعوا؟» لا من منظور إستعراض ومقارنة ما عندهم وما عندنا. دبي حذت حذو الدول المتقدّمة عندما قررت توظيف شركات عملاقة لبناء بناها التحتية عبر إبرام عقود إستراتيجية طويلة المدى مثمرة للطرفين. لقد هيأت حكومة دبي نفسها للشراكة مع المستثمرين من القطاع الخاص، فبنت البيئة المناسبة لهذا النوع من الشراكات عن طريق قوننة وتنظيم العملية بما يضمن الإبتعاد عن الروتين والبيروقراطية الحكومية لتسريع وتيسير عملية الإستثمار وفي نفس الوقت مشاركة المسؤولية مع الشريك في أي مشروع، فكان نتاج هذا الإعداد السليم مجموعة من قصص النجاح في البنية التحتية لدبي أحدها مشروع «مترو دبي» الذي تم إعتماد أبرز الشركات المختصة في العالم لتصميمه وتنفيذه ومن ثم تم تسليمه لشركة بريطانية خبيرة في هذا المجال من خلال توقيع عقد لإثني عشر عاماً ونصف للتشغيل والصيانة بأعلى جودة وحسب المتطلبات المحددة من قبل الحكومة. لم يكن لهكذا مشاريع ضخمة لتتم بهذه السرعة لولا وجود بيئة جاذبة للمستثمرين المختصين من القطاع الخاص ميسرة لإجراءاتهم؛ تضمن لهم حقوقهم وتخفف من الأخطار المتعلقة بتنفيذهم المشاريع بالشراكة مع الحكومة.
 
إن مبدأ الشراكة بين القطاعين ما هو إلّا نتاج لحاجة، وإيمان بأن الحكومات أينما كانت في العالم إذا ما أرادت النهوض بمشاريع تنموية بكفاءة وفعالية وسرعة وجودة فإن عليها الإستعانة بجهات مختصة خارجية. هذه الشراكة تقوم على أن يقدّم كل طرف أفضل ما عنده لتحقيق نجاحها، فبالوقت الذي تتمتع به مؤسسات القطاع الخاص بالخبرة والمعرفة في مجالاتها المتخصصة، هناك بأيدي القطاع العام العديد من المفاتيح الحيوية لإنجاح أي مشروع، وعليه على القطاع العام أن يقوم بدوره مسبقاً وعلى أكمل وجه لفتح الأبواب وتذليل الصعوبات أمام الشريك من القطاع الخاص لإنجاح المشاريع وإنجازها والخروج بأحسن النتائج التي ترضي الطرفين. الشراكة الناجحة بين القطاعين هي ببساطة سر التحفيز الإقتصادي والتنمية.