أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2016

بين جنيف ولندن: استمرار الكارثة*حسن الشوبكي

الغد-لم تفلح السياسة في جنيف، وغادر المشاركون السوريون، من معارضة ونظام، ليعود كل طرف إلى خندقه. المشاركون أيضا في مؤتمر المانحين في العاصمة البريطانية عادوا أدراجهم الى بلدانهم، بعد "التفهم الدولي" لعمق الورطة السورية.
ما حصل عليه الأردن بعد أن كشف للمانحين الحال التي وصل إليها الاقتصاد الأردني، هو التفاهم حول وثيقة الاحتياجات التمويلية للعام الحالي والأعوام المقبلة. وقيمة التعهدات التي قدمت للأردن في لندن بلغت 700 مليون دولار للعام الحالي، ستتجه لدعم تكيف واستقرار المجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين. كما التزم المانحون بتأمين نحو 700 مليون دولار من المنح لكل عام من العامين المقبلين. غير أن دعم المانحين لبرامج توفير فرص العمل، مثل برنامج "الأجر مقابل الأداء" المخصص للاجئين والمجتمعات المستضيفة، ربما يغير في الصورة شيئا بشأن حاجة اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم للخروج من عنق الزجاجة لوضع مقلق يصعب التكيف معه لمزيد من السنوات، لاسيما وأن البنوك التنموية متعددة الأطراف أكدت زيادة تمويلها من 800 مليون دولار إلى نحو ملياري دولار، إضافة إلى تقديم منح وربما قروض ميسرة مستقبلا.
لكن كل التطمينات التي قدمت للأردن في لندن لا تصيب حقيقة التحدي الذي يرزح تحته الاقتصاد الأردني، بسبب اشتداد ضغوط اللجوء. فانفاق ما يقرب من ربع الموازنة الأردنية على ملف اللجوء السوري يقتضي تمويلات وتعهدات تتجاوز الطريقة التقليدية إلى أخرى يتم بموجبها تشغيل السوريين في الأردن، في موازاة فك عقدة التكيف الصعب من جانب المجتمعات المستضيفة.
طريقة عمل المانحين وتقصيرهم المستمر تجاه هذا الملف الإنساني والاقتصادي لانقاذ نحو 8 ملايين نازح سوري في الداخل، وأكثر من 4 ملايين سوري لاجئ في الخارج، لم تؤت أكلها. وهي الطريقة التي أدت إلى أكل أوراق الشجر والحيوانات الضالة من قبل النازحين، والموت جوعا في مضايا وغيرها من المدن والقرى السورية الثكلى؛ وهي ذاتها الطريقة التي دفعت إلى هرب العائلات السورية إلى شواطئ أوروبا في رحلة لجوء قد تنتهي بالموت غرقا.
نعم، الإشكالية في موقف الدول الكبرى التي لا تتحمل مسؤولياتها فيما يبدو. فالأمم المتحدة تطالب في نداءاتها الأخيرة بما يقرب من 8 مليارات دولار، وكثير من المانحين يديرون لهذه النداءات ظهورهم، كما أداروا من قبل ظهورهم لنداءات السوريين، لكنهم ذعروا بسبب هول ما رأوه من قلق في العام الماضي عندما تدفق اللاجئون إليهم عبر البحر. ومن المؤسف إن إجمالي التمويل الذي قدمه المانحون العام الماضي بلغ 924 مليون دولار، بينما كانت الاحتياجات التمويلية للاجئين السوريين وفقا لتقديرات مفوضية شؤون اللاجئين فوق 4.5 مليار دولار.
المجتمع الدولي يتعامل مع الأزمة السورية بردات الفعل. فعندما وصل عبء اللجوء الى أوروبا بدأ القلق السياسي والأمني هناك يتصاعد. والطريقة ذاتها يتعاملون بها مع الدول المستضيفة للاجئين السوريين؛ فكل صرخات الأردن ولبنان وتركيا لم تسمع في السنوات الماضية، وانتهينا لحلول سياسية محكوم عليها بالفشل في جنيف، ولا أفق لنهاية هذه الأزمة المريرة، ما دام من يدفع الثمن بعيدا عن اللاعبين الكبار.
ويبدو أن مقتل أكثر من ربع مليون سوري وتشتت وضياع ملايين السوريين في الداخل والخارج ليس كافيا حتى الآن. والمؤكد أن الكارثة تستمر، وأن القاتل ما يزال على كرسيه!