أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Aug-2020

مؤشرات التنافسية*د.عاصم منصور

 الغد

التقرير الذي أصدرته إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في شهر تموز، حول الحكومة الرقمية 2020 ـــــ الذي عرّفه التقرير بأنه يشمل «نطاق وجودة الخدمات الالكترونية، ووضع البنية التحتية للاتصالات في البلد ، والقدرات البشرية المتوفرة»- جاء بنتائج صادمة فوضع الأردن في المرتبة 117 بين 193 دولة درسها التقرير هي الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، متراجعة ب 18 درجة كاملة عن آخر مسح نشرت نتائجه قبل عامين.
نتائج هذه الدراسة المسحية تطرح تساؤلات حول التراجع المتواصل في ترتيب الأردن في مؤشرات التنافسية بشكل عام، فهل هو انعكاس لضعف الجهاز الحكومي وترهله، وما مدى اتفاق المعايير التي تضعها الأمم المتحدة مع الأوليات الوطنية، ومدى كفاءة العملية الفنية في إعداد المؤشرات وطنيا وتسويقها، حيث تهتم بعض الدول في إدارة مؤشرات التنافسية من خلال مؤسسات ذات ميزانيات مرتفعة، بل وضعت دول أجهزتها الإحصائية الوطنية تحت مظلة التنافسية.
وقد أسهمت مؤسسات التنافسية في هذه البلاد بالارتقاء بترتيب تلك الدول في المؤشرات الدولية المختلفة، إلا أن مدى تأثير هذا التنظيم المؤسسي في الأجندة الوطنية مقابل الأجندة الأممية، ومدى حيادية المؤشرات الإحصائية في هذا الوضع يحتاج إلى تقييم من ناحية مدى تأثره بسعي هذه المؤسسات إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في تحقيق أعلى ترتيب ممكن في المؤشرات العالمية.
وزارة الاقتصاد الرقمي قدمت شرحاً مبسطاً وواضحا للدراسة الأممية، وقدّمت معطيات معقولة حول مؤشري البنية التحتية للاتصالات، ومؤشر رأس المال البشري، وهذا الأخير يحتاج الى توضيح أشمل من وزارة التربية والتعليم حول بيانات منظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام 2018 بما يقيم أثر العوامل التي حددها التقرير على تنافسية الأردن في رأس المال البشري.
أما مؤشر الخدمات الحكومية الإلكترونية فإنه يحتاج إلى مراجعة أشمل، فهناك الكثير مما ينبغي قوله وفعله، ونعيد هنا القول بأن الخدمات الحكومية لن ترتفع وتيرتها إذا تركت المسؤولية على عاتق وزارة الاقتصاد الرقمي منفردة، ولم توضع على أجندة القيادات العليا في جميع المؤسسات لتنفيذ ما يعنيها من البرنامج، وإذا بقيت إدارة برنامج الخدمات الإلكترونية من مهام إدارة تقنية المعلومات في المؤسسات الحكومية والأهلية.
فعلى سبيل المثال يضع مؤشر الأمم المتحدة للخدمات الحكومية أهمية وازنة لتوفير المعلومات من قوانين وتشريعات وسياسات تتعلق بجوانب إدارية متعددة مثل: النقل، والإسكان، والحماية الاجتماعية، والمدارس، والحوادث …الخ. وهذه الخدمات لا تتطلب كثير جهد وكلفة، وهي من واجبات كل مؤسسة، وأقله إعداد المحتوى المناسب والضافي والمحدّث، ليأتي دور وزارة الاقتصاد الرقمي وإدارات تقنية المعلومات في وضع المعايير الفنية للتطبيق والنشر والمساعدة الفنية.
وتسعى وزارة الاقتصاد الرقمي -بحسب ما نشر عنها- إلى تنفيذ دراسة لتقييم الخدمات الإلكترونية من خلال شركة استشارية، إلا ان الوزارة ذاتها تدرك -بحكم الخبرة الطويلة في برنامج الحكومة الإلكترونية- أن الحل يكمن في استنهاض الجهاز الحكومي من أجل تنفيذ التحول الرقمي، وتعاون المؤسسات فيما بينها من أجل تكامل الخدمات، وتبادل المعلومات، باعتباره الخطوة الأساسية والحاسمة في إحداث نقلة حقيقية في تطوير الخدمات الإلكترونية، ولا يخفى مقدار الجهد والوقت الذي يتم هدره عند الحاجة إلى ربط العمليات والمنظومات بين أي مؤسستين أو أكثر من مؤسسات الدولة بعملية أو إجراء، وهذا عائق سيجعل الخدمات الإلكترونية نصف إلكترونية عند إتمامها.
إن تنفيذ مشروع الخدمات الإلكترونية هو الأمل الوحيد المطروح لإحداث إصلاح جوهري وثورة في الإدارة المؤسسية في الدولة، وبالتالي إعادة تشكيل الجهاز الحكومي وفق الخدمات التي تقدم للمواطن والزائر، والتخلص التدريجي من عوامل التشوه الإداري. فليست أولويتنا هي الرتبة التي تضعها التقارير العالمية إلا بالقدر الذي يمثل أولوياتنا الوطنية، وما يمكن أن نحققه ضمن الظروف الموضوعية خصوصا أن جائحة كورونا قدمت معطيات وفرضت تحديات كثيرة تجعل من الخدمات الإلكترونية أولوية وطنية، واستثمارا مجديا.