أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2014

المستهلك الألماني الثانوي الأهمية
الغد -
مايكل هايس - في ظل التوقعات بأن تأتي قضية استعادة التوازن العالمي على رأس أجندة اجتماعات مجموعة الدول السبع الكبار ومجموعة العشرين، فمن المرجح أن تخضع ألمانيا، التي تتمتع بفائض ثابت في التصدير، مرة أخرى للضغوط التي تهدف إلى حملها على تعزيز الطلب المحلي والاستهلاك المنزلي. ولكن المستهلك الألماني ثانوي الأهمية. والمطلوب هو زيادة الاستثمار في ألمانيا وأوروبا، والخروج المنسق من السياسات النقدية المفرطة التساهل.
كانت اختلالات توازن الحساب الخارجي الهائلة من العوامل الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية العام 2008، هذا فضلا عن حالة عدم الاستقرار التي أعقبت ذلك في منطقة اليورو. والآن يمر الاقتصاد العالمي بعملية إعادة التوازن ــ ولكن ليس على النحو الذي توقعه كثيرون.
انخفضت الفوائض الخارجية الآسيوية الضخمة بسرعة مذهلة، حتى أن الميزان التجاري في اليابان انزلق إلى العجز. كما هبط فائض الحساب الجاري لدى الصين إلى 2 % من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن بلغ 10 % في العام 2007. وما يزال الاستثمار يشكل المحرك الرئيس للاقتصاد الصيني، ولكنه أدى إلى ارتفاع الديون إلى عنان السماء وتضخم قطاع الظل المصرفي، الذي تحاول السلطات كبح جماحه.
ولكن الاتحاد الأوروبي تجمع لديه فائض خارجي ضخم، ويرجع هذا في الأساس إلى الموازين التجارية الإيجابية في منطقة اليورو. وسوف يكون فائض الحساب الجاري لدى الاتحاد الأوروبي، الذي بلغ نحو 250 مليار دولار أميركي في العام 2014، أعلى حتى من مثيله في آسيا الناشئة. وفي ظل أسعار النفط التي ما تزال أعلى من 100 دولار للبرميل، فإن الفائض المجمع لدى البلدان المصدرة للنفط يكاد يكون مماثلاً في حجمه. ومن ناحية أخرى، ما تزال الولايات المتحدة تعاني من عجز كبير في الحساب الجاري يبلغ نحو 350 إلى 400 مليار دولار.
والمفاجأة هنا تتمثل في النمو المتواصل في الفائض في الاتحاد الأوروبي. وكان انهيار الواردات في البلدان التي خضعت لعمليات إنقاذ ــ اليونان وأيرلندا والبرتغال وأسبانيا ــ متوقعاً بالكامل نظراً لمدى التراجع الحاد الذي سجلته اقتصادات هذه البلدان. ولكن قلة من خبراء الاقتصاد توقعوا تحسن صادرات هذه البلدان بالسرعة التي تحسنت بها فعليا، وخاصة في بيئة دولية مكبوحة. ورغم أن فائض الحساب الجاري في ألمانيا ظل ثابتاً على المستوى الذي بلغه في العام 2007 تقريبا، فإن التوازن الخارجي المجمع للبلدان المستفيدة من عمليات الإنقاذ بالإضافة إلى إيطاليا (التي كانت جزءاً من تحول التجارة) تأرجح من عجز ما قبل الأزمة الذي تجاوز 300 مليار دولار إلى فائض متوقع قد يبلغ نحو 60 مليار دولار هذا العام.
واستشرافاً للمستقبل، فإن ارتفاع قيمة اليورو (وهي مفاجأة أخرى وخاصة بالنسبة للعديد من المراقبين الذين شككوا في قدرته على البقاء قبل أقل من عامين)، سوف يضغط فائض الحساب الجاري في منطقة اليورو إلى حد ما. ويفرض سعر الصرف القريب من 1.4 دولار تحدياً على العديد من المصدرين الأوروبيين، بما في ذلك الشركات الألمانية. كما سجلت قيمة اليورو ارتفاعاً أكبر في مقابل الين وعدد من عملات الأسواق الناشئة.
ورغم هذا فإن الفائض الأوروبي كبير إلى الحد الذي لا يجوز معه تجاهله، وسوف يطلب من ألمانيا بشكل خاص مرة أخرى أن تعيد توازن اقتصادها نحو الطلب المحلي الأعلى، وهو ما يعني ضمناً في نظر كثيرين الحاجة إلى دفعة مالية. ولكن الحكومة غير متعاونة: فقد قدَّم وزير المالية فولفجانج شويبله للتو ميزانية متوازنة لعام 2015 ــ وهي الأولى منذ العام 1969. وفي حين يدعو بعض المراقبين ألمانيا إلى "إنهاء تقييد الأجور" وبالتالي تشجيع زيادة إنفاق الأسر، وقد حدث هذا بالفعل.
ولكن هناك الكثير الذي تستطيع الحكومة أن تقوم به بشأن الاستثمار، الذي انخفض بنحو أربع نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2000، إلى ما يزيد قليلاً على 17 % في عام 2013 ــ وهو معدل منخفض بالمعايير الدولية. ومن الممكن أن تحول الحكومة المزيد من الإنفاق الحكومي نحو الاستثمار في البنية الأساسية. ولكن الأمر الأكثر أهمية المطلوب من الحكومة هو أن تعمل على تحسين ظروف استثمار الشركات في الداخل، بدلاً من مراقبة الشركات الألمانية وهي تنقل إنفاقها الرأسمالي إلى الخارج.
الواقع أن جاذبية ألمانيا بالنسبة للمستثمرين سوف ترتفع في ظل نظام ضريبي أكثر بساطة وتشجيعاً للاستثمار، وتحسين الحوافز للمشاريع البادئة ومشاريع البحث والتطوير، والحد من البيروقراطية والروتين، وعدم فرض زيادات أخرى لتكاليف الطاقة. وسوف يستغرق الأمر وقتاً طويلا، ولكن نظراً للأرباح المواتية والأرصدة النقدية الضخمة لدى قطاع الشركات، فإن إعادة التوازن إلى النظام الضريبي من الممكن أن قد تخلف تأثيراً سريعا. ولابد أن يكون الاستثمار بالاستعانة بالأرباح المحتجزة على نفس القدر من جاذبية تمويل الدين. ومن الممكن أن يساعد بعض التعديل المؤقت لمخصصات الإهلاك في إعطاء دفعة قوية للإنفاق الرأسمالي.
 
*كبير خبراء الاقتصاد لدى شركة اليانز.
خاص بـ"الغد" بالتعاون مع بروجيكت سنديكيت.