أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2018

سرية الرواتب*عمر العبيدلي

 الحياة-تعوّد الموظفون في الخليج على حالة انعدام اليقين حول رواتب زملائهم، إذ يحترم الجميع خصوصية الآخرين من خلال عدم توجيه سؤال مباشر حول الراتب، إضافة إلى عدم مشاركة الموظف معلومات حول راتبه مع الآخرين. وهذه حالة طبيعية في كل أنحاء العالم، لكن صدر بحث جديد قد يغير نظرة المجتمع نحو شفافية الرواتب. أنجز الباحثان الاقتصاديان زوي كلن (جامعة هارفرد، الولايات المتحدة الأميركية) وريكاردو بيريز – تروجليا (جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، الولايات المتحدة الأميركية) بحثاً حول تداعيات تسريب معلومات حول رواتب الموظفين في مؤسسة تجارية. تعاون الباحثان مع بنك آسيوي كبير لدراسة الموضوع، سعياً الى تقديم توصيات ذات مفعول تجاري حول قواعد مشاركة بيانات الرواتب.

 
 
بدايةً، من طريق استطلاع رأي، أكد كلن وبيريز – تروجليا أن تصورات الموظفين حول رواتب زملائهم غير دقيقة في شكل عام، لا سيما عند تقدير رواتب المديرين، إذ تقل توقعات الموظفين عن الراتب الحقيقي بنسبة 14 في المئة.
 
وبعد المزيد من التحقيق، اكتشف الباحثان أن سبب عدم الدقة في تقدير الرواتب ليس هو عدم الاهتمام، بل يعود إلى سرية موضوع الرواتب، وبطء انتشار معلومات دقيقة حول الرواتب بعد أن تتسرب. وفي الجزء الأهم من البحث، قام الباحثان بعملية تسريب لموظفين معينين معلومات دقيقة حول معدلات رواتب فئتين من الموظفين الآخرين: أولاً: نظراء الموظف، وهم الموظفون ذوو الدرجة الإدارية نفسها، وثانياً: المديرون، وهم الموظفون الذين يعملون في الدرجات العليا. ولقياس تداعيات تسريب هذه المعلومات، استخدم الباحثان معلومات إدارية دقيقة للغاية، شملت عدداً كبيراً من أبعاد أداء الموظف، كساعات الدوام، وعدد الرسائل الإلكترونية المرسلة، وكمية المبيعات.
 
واكتشف كلن وبيريز – تروجليا أثراً غير نمطي لتسريباتهم لتلك المعلومات. ففيما يخص نظراء الموظف، برز انعكاس سلبي على الأداء عندما اكتشف الموظف أن راتب نظرائه هو أعلى مما كان يتوقع.
 
ونسب الباحثان هذا التدهور في الأداء إلى انزعاج الموظف من التباين الأفقي في الرواتب، إذ تتراجع معنوياته عندما يكتشف أن نظراءه يكسبون أكثر منه. فإن الإنسان كائن اجتماعي في الأساس، يتمحور تفكيره حول التفاعل مع الآخرين، الذي يشمل إجراء مقارنات بين حالته وحالة الآخرين.
 
لكن على عكس ذلك، فيما يخص المديرون، كان هناك أثر إيجابي لاكتشاف الموظف أن رواتب المديرين هي أعلى مما كان يتوقع. ووفق نظرية مؤلفَي البحث، كان سبب هذه الظاهرة أن التباين العمودي في الرواتب يحفّز الموظف على بذل الجهود اللازمة لصعود السلم الوظيفي.
 
وأشارت بيانات الدراسة إلى أن المفعول الإيجابي المتعلق بتسريب معلومات حول رواتب المديرين كان أكبر حجماً عندما كان الموظف أقل من المديرين بدرجة واحدة فقط، لأن الموظف شعر أنه قد يصل إلى هذه الدرجة في المستقبل القريب. كما كان المفعول ضئيلاً نسبياً عندما كان المديرون بعيدين عن الموظف إدارياً، وذلك بسبب شعور الموظف أنه لن يصل إلى هذه الدرجة أبداً.
 
واستنتج الباحثان أنه ينبغي على الشركات تفادي التباين الأفقي في الرواتب، وربما تعزيز التباين العمودي، مع التوضيح للموظفين حجم المكتسبات المالية المتاحة لهم في حالة حصولهم على ترقية. ويعارض هذا الاستنتاج الثاني التوجه الراهن وهو ضغط الرواتب عمودياً، وذلك بسبب حركة «احتل وول ستريت»، التي تنسب ارتفاع رواتب المديرين إلى المزيج من الفساد والظلم، لا سيما في القطاع المصرفي.
 
وبالتحديد، بناءً على هذا البحث، قد تفضل الشركات تعزيز رواتب موظفيها أساساً من طريق الترقيات، وعدم منح الموظفين مكافآت مبنية على الأداء من دون ترقية. وسبب ذلك هو أن الموظف يعتبر التباين العمودي عادلاً وبالتالي محفزاً، بينما يعتبر التباين الأفقي غير عادل، حلى ولو كان التباين يعكس اختلافات حقيقية في الأداء.
 
وتستقطب البنوك أفضل الكوادر الخليجية نتيجة لمكافأة الموظفين بناءً على أدائهم، ما يعني منح نجوم القطاع رواتب فلكية. إذاً في هذه الحالات، قد تنظر إدارة الموارد البشرية في تعميم الرواتب، وإعطاء مكافآت كبيرة عند الترقية، سعياً الى تحفيز الموظفين الجدد على أن يجتهدوا لكي يحققوا الرواتب العليا.
 
ولكن في بعض القطاعات الأخرى، قد نجد أن مبدأ كراهية التباين يسيطر، أفقياً وعمودياً أيضاً، وذلك بسبب شعور الموظفين أن الترقيات ليست مبنية على الأداء، بل إنها تعكس عوامل أخرى.