أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2014

العراق: الأقليات بين خطر الإبادة والمطامع النفطية الأميركية
 
بقلم: لهب عطا عبدالوهاب
 
الغد- مع اقتراب تنظيم "داعش" من أربيل عاصمة إقليم كردستان بعد أن بسط التنظيم نفوذه في الموصل وجبل سنجار المجاور؛ أضحى أقليم كردستان قاب قوسين أو أدنى من السقوط بيد المتشددين الإسلاميين.
وذلك دفع الولايات المتحدة؛ تحت ذريعة حماية الأقليات المسيحية والايزيدية من الإبادة؛ للعودة إلى العراق مجدداً وإن كان هذه المرة اعتماداً على مقاتلاتها الحربية وقاذفاتها الموجهة بدون طيار DRONES مع تشديد إدارة اوباما على أن القوات البرية لن تعود مجدداً بعد انسحابها الكامل في نهاية 2011 No Boots ON The Ground.
الديانة الايزيدية تنبذ فكرة وجود إبليس، وتمجد هذه الديانة الملك طاووس والشمس ملك الأنوار، وورد تأكيد تسميتها بالايزيدية صلة باسم اله مزعوم وهو يزدان أو إيزيد.
بيد أن هناك عاملا "ضاغطا" لا يمكن تجاهله؛ ألا وهو "النفط" ما قد يعيدنا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء إلى مقولة رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (أي البنك المركزي) Alan Greenspan أن "حرب العراق هي حرب من أجل النفط بدرجة كبيرة وهي لب الاحتلال"، جاء ذلك في كتاب غرينسبان الموسوم "عصر الاضطرابات: مغامرة في عالم جديد" الصادر العام 2007،The Age of Turbulence: Adventure in a New World؛ إذ تخشى الولايات المتحدة من أن تتعرض مصالحها هناك للخطر.
فهي لديها شركات نفطية عملاقة تعمل في الإقليم لعل من أبرزها شركتي أكسون موبيل وشيفرون والتي وقعت على عقود مشاركة في الإنتاج، لإنتاج أكثر من مليون برميل يومياً في حقلي طق طق وخرمال، وذلك بحلول نهاية العام 2020، علماً بأن الاحتياطيات المؤكدة القابلة للاستخراج في الإقليم تزيد على 14 مليار برميل.
وهناك من المراقبين من يحذر من أن تتسع رقعة الغارات الجوية لتشمل صنوفا أخرى من الجيش Mission Creep، الأمر الذي ستكون له تداعيات لا تحمد عقباها (إذ يخشى من توسع هذه العمليات الى المجال السوري المجاور)، لاسيما وأن الشعب الأميركي سئم الحروب بعد المغامرات الطائشة في العراق وأفغانستان.
إن الضبابية التي تلف المشهد العراقي في ظل غياب الإجماع الوطني بما يفضي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كافة الأطياف والاثنيات المتصارعة تحت خيمة المواطنة وبانتظار "طائف جديد" للم شمل الفرقاء المتخاصمين، ستبقى أسواق النفط عرضة للتقلبات الحادة، لا سيما بعد اقتراب "داعش" من المراكز النفطية الرئيسية في الشرق الأوسط، ما قد يعرض التدفق الآمن للإمدادات للخطر.
ويصب التطور الأخير والمتمثل في احتلال "داعش" للمعابر الحدودية بما فيها معبر "طريبيل" الحدودي والذي يبعد 350كم شرق العاصمة الأردنية عمان، ليعزز من الهواجس عن مدى سلامة الإمدادات.
وجاء احتلال تنظيم الدولة الإسلامية لحقلي عين زالة وبطمة النفطيين -الواقع ضمن قضاء سنجار ذي الأغلبية الايزيدية الى الغرب من مدينة الموصل*- والذي يقدر إنتاجهما بأكثر من 20 ألف برميل يومياً بعد انسحاب قوات البيشمركة منها في أوائل شهر آب (أغسطس) الحالي ليعمق من هذه الهواجس.
أحكام الموارد النفطية في الدستور
تضمن دستور البلاد الجديد الذي تم التصويت عليه العام 2005، العديد من المواد الجدلية "حمالة أوجه"، وعلى رأس هذه المواد تلك المتعلقة بالنفط والغاز والتي تحظى بتفسيرات متباينة بين كل من الحكومة الاتحادية في بغداد من جهة وحكومة إقليم كردستان في أربيل من جهة أخرى، في حين تشير المادة 111 منه إلى أن "النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات".
يحتدم الجدل حول المادة 112 التي تخول الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على أن تتوزع وارداتها بشكل يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد في حين تترك الباب مفتوحاً للحقول غير المنتجة حالياً أو التي سيتم اكتشافها في المستقبل.
بل إن حكومة كردستان مضت قدماً بتوقيع العديد من العقود النفطية مع شركات النفط الدولية العملاقة في مخالفة صارخة للدستور، الأمر الذي حدا بالحكومة الاتحادية الى حجب حصة الإقليم من عائداته النفطية في الموازنة العامة البالغة 17 % منذ مطلع العام 2014.
حيدر العبادي
إن أي حل لانتشال العراق من محنته الحالية، بعد تكليف د.حيدر العبادي لتشكيل الحكومة الجديدة (خلفاً لنوري المالكي بعد ثماني سنوات من التخبط) قد يمثل "طوق النجاة" المأمول شريطة التعهد بالقيام بالتعديلات الدستورية الخاصة بالنفط والغاز بما يعمل على إزالة "اللبس" القائم بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم مع ضرورة الإسراع في تشريع قانون للثروة الهايدروكربونية بما يعمل على النهوض بالصناعات البترولية بجوانبها كافة والتي عانت من الإهمال لعقود عديدة خلت بسبب الحروب والعقوبات الاقتصادية.
بيد أن التحدي الأهم الذي تواجهه حكومة العبادي يتجلى في تشكيل حكومة توافقية تضم الأطياف كافة الممثلة للشعب العراقي بدون تهميش أو إقصاء كما حصل في السنوات الثماني المنصرمة للطائفة العربية السنية، ما وفر "الحاضنة" لظهور التنظيمات الإسلامية المتطرفة، وبخلافه فإن العراق بشكله الحالي مهدد بالزوال؛ اذ هناك من ينبئ بولادة "سايكس بيكو" جديدة تعيد قلب الأوراق رأساً على عقب.
 
*اقتصادي عراقي متخصص 
في شؤون الطاقة